ترك برس
خلال مؤتمر الطاقة التاسع الذي عقد في ولاية أنطاليا الأسبوع الماضي، أعلن وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي فاتح دونماز، بدء أول سفينة تنقيب تركية تعرف باسم فاتح أنشطتها في التنقيب عن الغاز في الجرف البحري لجزيرة قبرص نهاية الشهر الحالي، في خطوة يعتبر بعض المراقبين أن لها دلالات مهمة بالنسبة إلى تركيا.
ويري نجدت بامير، رئيس لجنة الطاقة في حزب الشعب الجمهوري المعارض، ورئيس لجنة سياسات الطاقة في غرفة مهندسي البترول في تركيا، أن بدء الحفر الاستكشافي المخطط له في 29 أكتوبر/ تشرين الأول له معنى رمزي.
وقال بامير لوكالة سبوتنيك: "في هذا اليوم يحتفل بتأسيس الجمهورية التركية، ولذلك أكد بيان وزير الطاقة التركي على المصالح الوطنية للبلاد، لا سيما أنه جرت خلال السنوات الأخيرة عمليات كبيرة التنقيب الهيدروكربوني في منطقة شرق البحر المتوسط، واكتشفت احتياطيات كبيرة من الغاز الطبيعي في المنطقة التابعة لإسرائيل."
وأشار إلى أن القبارصة اليونانيين قد بدؤوا بالفعل في أعمال الحفر من جانب واحد في جنوب الجزيرة، وهو ما يتعارض مع القانون التركي.
وأوضح أن قيادة جمهورية شمال قبرص التركية لها مطالب بشأن احتياطيات الهيدروكربون التي تنقب عنها نيقوسيا في الجزء الجنوبي من الجزيرة، حيث إن الاحتياطيات الموجودة في هذا المنطقة تتبع شمال قبرص، ولكن الجانب اليوناني يفضل التلاعب بشأن هذه المسألة، وتحويلها إلى أداة مساومة".
وتؤكد تركيا أن التنقيب عن الغاز في هذه المنطقة يتجاهل حقوق القبارصة الأتراك في الموارد الطبيعية لأهل الجزيرة المقسمة عرقيا بين القبارصة الأتراك والقبارصة اليونانيين.
ووفقاً لبامير، فإن الدول التي تتقاسم ساحل البحر المتوسط لها وجهات نظر متناقضة فيما يتعلق بالمنطقة الاقتصادية الخالصة، الأمر الذي يؤدي إلى تعميق الخلافات في المنطقة.
وولفت الى أن الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة يدعمان الجانب اليوناني في استراتيجية العصا والجزرة. وفى ظل هذا الوضع الصعب فإن وجود سفينة التنقيب التركية فاتح له أهمية بالغة.
كما أكد الخبير التركي أن هذه الخطوة من جانب تركيا ستعزز مواقف أنقرة وجمهورية شمال قبرص التركية خلال مفاوضات توحيد الجزيرة.
وأوضح أنه إذا تمكنت تركيا من اكتشاف حقل للغاز خلال عمليات التنقيب التي ستستمر مدة خمسة أشهر، فإنها ستساعد على وضع حد للصيغة التفاوضية غير المسؤولة وغير العادلة التي يبديها الجانب اليوناني. وسيضطر اليونانيون إلى تغيير تكتيكاتهم، وربما يتغير المسار الكامل لعملية التفاوض.
وأردف أن هذه الخطوة يمكن أن تساعد تركيا على تلبية احتياجاتها من الغاز وحل مشكلة احتياجات جمهورية شمال قبرص من الكهرباء.
من جانبه نوه المحلل السياسي التركي، جيهون بوزكورت، إلى أن سفينة فاتح هي أول سفينة تنقيب تركية، ما يضع تركيا ضمن قائمة الدول العشرة التي تملك سفنها الخاصة للحفر والتنقيب. كما أن من المقرر أن يبدأ قريبا بناء سفينة حفر ثانية.
وأوضح أن بناء سفن التنقيب يؤكد أن تركيا تفهم الوضع الحالي جيدًا، حيث تجري عمليات التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي في البحر الأسود بشكل دوري. أما في بحر إيجة فإن أعمال التنقيب متوقفة في الوقت الحالي بسبب الصراع المستمر مع اليونان على الجرف القاري. وفي المقابل تتزايد أهمية منطقة شرق المتوسط تدريجياً.
ويرى بوزكورت أن تركيا ليست هي الدولة الوحيدة التي تركز اهتمامها على منطقة شرق المتوسط، لأن القبارصة اليونانيين يحاولون الحصول على دعم العالم الغربي وإسرائيل ومصر، كما أن القوى الغربية لا تنوي الاعتراف بحقوق تركيا وجمهورية شمال قبرص، وتنظر بقلق بالغ لمحاولات تركيا حماية حقوقها.
وشدد المحلل التركي على أن منطقة شرق المتوسط حيوية لتركيا، من حيث مصالحها الاقتصادية وأمنها القومي. ولذلك فإن بدء عمليات التنقيب باستخدام السفينة فاتح يمثل حدثًا مهمًا يدل على تصميم تركيا على تحقيق أهدافها في هذا الاتجاه.
وفي المقابل رأى أندرياس بينتاراس، الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات القبرصي، أنه إذا بدأت تركيا في التنقيب قبالة سواحل قبرص، فقد يؤدي ذلك إلى أزمة خطيرة.
وقال بينتاراس: "إن الوزير التركي لم يحدد بالضبط مكان االتنقيب في البحر المتوسط، لكن تصريحات وزير الطاقة السابق ذكرت أن عمليات التنقيب الأولى ستنفذ في المنطقة الاقتصادية الخاصة بتركيا بالقرب من أنطاليا وميسينا. ولا نعرف ما إذا كان هذا القرار ما زال ساريًا أو أن عمليات التنقيب ستجري في مكان آخر".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!