ترك برس
منذ اليوم الأول لاختفاء الصحفي السعودي البارز جمال خاشقجي، حرصت السلطات التركية على متابعة القضية بإمكاناتها الأمنية والاستخباراتية الخاصة دون إشراك جهات خارجية، مع تسريب معلومات حساسة بين الحين والآخر بطريقة وصفها مراقبون بالـ"ذكية"، من أجل ضمان حشد المجتمع الدولي إلى جانبها.
وأكّد مسؤولون غربيون أن تركيا زوّدت دولهم بمعلومات شفهية فقط دون إطلاعهم مباشرة على الأدلة التي حصلت عليها في إطار تحقيقاتها الأمنية والاستخباراتية منذ 2 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.
ونقلت وكالة "رويترز" عن مصدرين مطلعين إن مديرة المخابرات المركزية الأمريكية جينا هاسبل تزور تركيا "للمساعدة في التحقيق في مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي"، وذلك في الوقت الذي تبحث فيه وكالات الأمن الدور الذي ربما لعبه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في القضية.
واختفى خاشقجي، الذي كان يعيش في واشنطن، بعد دخوله القنصلية السعودية في اسطنبول في الثاني من أكتوبر تشرين الأول للحصول على وثائق لزواجه المرتقب.
وفي وقت سابق يوم الاثنين، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه لا يزال غير راض بما سمعه من السعودية بشأن مقتل الصحفي.
وقالت السعودية يوم السبت إن الصحفي البالغ من العمر 59 عاما قتل في شجار داخل القنصلية. وأبلغ مسؤول سعودي رويترز لاحقا أن 15 سعوديا أرسلوا إلى تركيا لمواجهة خاشقجي هددوه بالتخدير والخطف ثم قتلوه خنقا عندما قاوم.
وبعد ثلاثة أسابيع على اختفاء خاشقجي، لا تزال أجهزة الأمن الأمريكية والأوروبية تفتقر إلى صورة كاملة لما حدث في القنصلية.
وقال ستة مسؤولين أمريكيين وغربيين يوم الاثنين، لـ"رويترز"، إنهم يعتقدون أن ولي العهد، وهو الحاكم الفعلي للمملكة العربية السعودية، هو المسؤول في نهاية الأمر عن اختفاء خاشقجي نظرا لدوره في الإشراف على أجهزة الأمن السعودية، لكنهم لا يملكون دليلا دامغا.
ويشتبه مسؤولون أتراك في أن خاشقجي، الذي كان يكتب بصحيفة "واشنطن بوست"، قتل وقطعت أوصاله داخل القنصلية في الثاني من أكتوبر تشرين الأول على يد فريق من السعوديين.
وقال المسؤولون الأمنيون الغربيون، "الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن أسمائهم"، إن الصورة الكاملة لما حدث لخاشقجي لم تتضح لديهم بعد. ولا يعرف هؤلاء كيف مات وإلى أين نقلت جثته.
وأضاف المسؤولون أنه برغم التسريبات الإعلامية الكثيرة التي تزعم بأن تركيا تملك تسجيلات صوتية توثق تعذيب وقتل خاشقجي، لم يتم إطلاع وكالات أمريكية أو وكالات حكومات حليفة على مثل تلك الأدلة.
وبالنسبة لحلفاء السعودية الغربيين، فإن أحد الأسئلة الرئيسية هو ما إذا كانوا يصدقون أن الأمير محمد، الذي يصور نفسه على أنه إصلاحي، له أي دور في الواقعة.
كان ترامب قد قال الأسبوع الماضي إن الأمير نفى بشكل قاطع أي معرفة باختفاء خاشقجي.
وقال مصدران على اطلاع على تقارير المخابرات إن ثقة خبراء الحكومات الغربية في أن الأمير محمد يتحمل بعض المسؤولية عن العملية تعتمد بدرجة كبيرة على تقييمهم لدوره المهيمن في إدارة الحكومة.
وقال مصدر أمني غربي "من الصعب قول إن (الأمير محمد بن سلمان) لم يكن على علم بهذا".
لكن المصادر ذكرت أن تقارير المخابرات الأمريكية ومخابرات الدول الحليفة التي تتناول بالتفصيل أي تعليمات محددة ربما أصدرها ولي العهد بشأن حادثة خاشقجي ليست قاطعة.
ويترك هذا أسئلة مفتوحة منها ما إذا كان هدف العملية السعودية في اسطنبول كان دائما قتل خاشقجي أم أن الخطة الأصلية كانت تستهدف خطفه ونقله إلى السعودية.
وذكرت المصادر أن المسؤولين الأتراك قدموا للمسؤولين الأمريكيين والغربيين روايات شفهية للأدلة التي يقولون إنهم حصلوا عليها والتي توثق مصير خاشقجي.
وقال مصدر أمني أوروبي إن المعلومات التي قدمتها تركيا شفهيا "تفصيلية للغاية وإنهم يبدون واثقين".
وقال مصدران إن الولايات المتحدة وحلفاءها لديهم أيضا بعض تقارير المخابرات المستقلة التي تدعم التقارير الإعلامية التي ذكرت أن خاشقجي قتل داخل القنصلية على يد فرقة عسكرية أرسلت من السعودية إلى اسطنبول.
وأقرت السعودية، فجر السبت الماضي، بمقتل خاشقجي داخل مقر قنصليتها في إسطنبول، "إثر شجار" مع مسؤولين سعوديين وتوقيف 18 شخصا كلهم سعوديون.
ولم توضح مكان جثمان خاشقجي الذي اختفى عقب دخوله قنصلية بلاده في 2 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، لإنهاء أوراق خاصة به.
غير أن تلك الرواية الرسمية، تناقضت مع روايات سعودية غير رسمية كان آخرها إعلان مسؤول سعودي في تصريحات صحفية، اليوم، أن "فريقا من 15 سعوديا، تم إرسالهم للقاء خاشقجي في 2 أكتوبر، لتخديره وخطفه قبل أن يقتلوه بالخنق في شجار عندما قاوم".
وتحدثت صحف غربية وتركية عن مقتل "خاشقجي" بعد ساعتين من وصوله قنصلية بلاده في إسطنبول، وأنه تم تقطيع جسده بمنشار، على طريقة فيلم "الخيال الرخيص" الأمريكي الشهير.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!