يحيى بوستان - صحيفة ستار - ترجمة وتحرير ترك برس
صرّحت واشنطن بأنها ترصد مكافئة مالية مقابل رأس ثلاثة أسماء من الكادر القيادي لتنظيم بي كي كي الإرهابي، وهذه الأسماء هي "مراد قره يلان" و "جميل بايق" و "ضوران قلقان"، وتعهّدت واشنطن بأنها ستدفع 12 مليون دولار أمريكي للشخص أو الأشخاص الذين سيساهمون في القبض على الأسماء المذكورة.
في الواقع إن الخطوة التي اتخذتها واشنطن في الصدد المذكور كانت مفاجئة، ولكن هناك أمر غريب في المسألة، وهو أن أمريكا بدأت بإجراء دوريات عسكرية مشتركة مع القوات التركية في منبج، لكن في الوقت نفسه توضّح أنّ القوات الأمريكية تجري دوريات عسكرية مشتركة مع عناصر وحدات الحماية الشعبية في شرق الفرات وكوباني.
وفي هذا السياق ردت أنقرة على ظهور القوات الأمريكية مع عناصر حزب الاتحاد الديمقراطي ضمن إطار واحد بشكل قاس، وقد وضّح الرئيس التركي أردوغان رد فعل بلاده تجاه المسألة بعبارة "إن ما فعلته أمريكا أمر غير مقبول"، وكذلك ردت أنقرة على رسالة واشنطن التي تشير إلى وضع مكافأة مالية مقابل رؤوس الإرهابيين بعبارة "يجب على واشنطن أولاً أن تقطع علاقاتها بالتنظيم الإرهابي".
إذاً ما الذي تحاول أمريكا فعله؟
تحاول أمريكا التخلص من التكاليف الناتجة عن علاقاتها مع تنظيم بي كي كي الإرهابي والاستقرار في الشمال السوري من دون إثارة المشاكل، إضافةً إلى فصل بي كي كي عن وحدات الحماية الشعبية وتحويلها إلى تنظيم مشروع في سوريا، بتعبير آخر تحاول أمريكا إقناع الرأي العام بأن بي كي كي ووحدات الحماية الشعبية هي أحزاب مختلفة ولا تمد بأي صلة لبعضها البعض، والهدف من ذلك هو تحفيف ضغوطات تركيا على وحدات الحماية في الساحة السورية، فضلاً عن سعي أمريكا لتوطيد سيطرتها على التنظيم الإرهابي بشكل كامل.
وللأسباب المذكورة تجري أمريكا دوريات عسكرية مشتركة مع عناصر وحدات الحماية الشعبية في سوريا، وفي الوقت نفسه ترصد مكافأة مالية مقابل رؤوس قادة تنظيم بي كي كي الإرهابي، وبهذه الخطوة تحاول أمريكا نقل رسالة إيجابية لتركيا من جهة، وتقول لوحدات الحماية الشعبية أنها ستستمر في حمايتها من جهة أخرى.
لم أتوقع أن تبدأ أمريكا بتنفيذ مخططاتها بهذه السرعة، وبادرت الأخيرة بالتطبيق بشكل مفاجئ، لكن ما هو السبب في هذه العجلة؟
هناك ثلاثة أسباب رئيسة لعجلة أمريكا، الأول هو استهداف أنقرة لشرق الفرات، وتحاول أمريكا إضفاء طابع المشروعية لوحدات الحماية الشعبية من أجل إيقاف العملية العسكرية التي تخطط أنقرة لتنفيذها في المنطقة، والثاني هو أن أمريكا تؤمن بأنه قد تم تأسيس النظام في المنطقة بعد الانتهاء من مسألة داعش، وكذلك يلعب الاتفاق الذي تم الوصول إليه بين أردوغان وبوتين خلال اجتماع سوتشي في خصوص منطقة إدلب دوراً هاماً في الصدد المذكور، إذ تحاول أمريكا الحفاظ على وجودها في الشمال السوري.
السبب الثالث والأخير هو أن جهاز الاستخبارات الوطنية والقوات المسلحة التركية بدأت بمراقبة الكادر القيادي لتنظيم بي كي كي الإرهابي قبل فترة في خارج حدود الدولة التركية، وتم تنفيذ أول عملية عسكرية في جبل سنجار في العراق، وقد انتهت العملية المذكورة بمقتل الإرهابي المسمى بـ "مام زكي شنكالي" والمعروف بأنه عضو في المجلس التنفيذي لاتحاد المجتمعات الكردستاني، وبذلك انتقل تركيز القوات التركية على باقي الأسماء الإرهابية، أي إن أمريكا ترصد مكافأة مالية مقابل رؤوس الأسماء الإرهابية لكي تصبح شريكاً للنجاح الذي تحققه تركيا، وفي حال تمكّنت القوات التركية من قتل الأسماء الإرهابية المذكورة فستكون واشنطن قد حققت نجاحاً ملموساً أمام أعين الرأي العام الأمريكي.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس