د. أيوب فورال - خاص ترك برس
كنت قد تكلمت في مقالي الماضي عن التعاون التركي الخليجي في مجال الصناعات الدفاعية، وذكرت بالأرقام الحجم الهائل التي وصل له هذا التعاون. واليوم سأتكلم عن مجال "الاستثمارات، التطور الاقتصادي، الصيرفة الإسلامية" الذي لا يقل عن مجال الصناعات الدفاعية من حيث عظم الحجم.
فبعد أن ذاعت فكرة أنّ الأدوات الاقتصادية الكلاسيكية كانت سببا في الأزمة الاقتصادية العالمية التي حصلت في عام 2008 وبعد فقدان الثقة تماما بهذه الأدوات ازداد الإقبال على الأدوات الاقتصادية التي حدّدت معالمها قبل 1500 عام. وحقق تصدير الصكوك خلال سبع سنوات ما بلغت قيمته 200 مليار دولارا. وحققت "الاستثمارات الاسلامية" 1.8 ترليون دولارا وذلك مع نهاية عام 2014. ولاحظ مدراء رؤوس الأموال الغربيون وموجهوها أنّ هذا النوع من الاستثمارات قابل للتوسع والنمو بشكل كبير فحاز على اهتمامهم وصار محور عدد من دراساتهم.
لم تستطع العلاقات التركية الخليجية أن تصل في أي مجال إلى القدر الذي يمكن أن تصل له لأسباب سياسية ومحدودية القوانين. لم يتمّ بناء قاعدة متينة للعلاقات لا في الناحية التجارية ولا في الناحية التعليمية ولا في مجال الصناعات ولا في الاستثمارات.
ولم يتغير ذلك حتى بدايات عام 2000، حين سُجّل تحسنٌ في العديد من النواحي، وإن كان لا يصل إلى التطور الذي وصلت إليه الصناعات الدفاعية والاستثمارات.
ففي الفترة التي كانت فيها أنظمة البنوك التركية لا تناسب المستثمرين الخليجيين والبنوك الاستثمارية في الخليج، كانت البنوك الإنكليزية ونيويورك وسويسرا الخيار الأول، ويُعدّ البنك الإنكليزي بنكاً سبّاقا من ناحية الاستثمارات الإسلامية.
فطالما أنّ البنوك التركية لا تقدم الخدمة كما ينبغي أن تُقدّم ولا تمنح زبائنها الثقة ولا تُنافس أدوات الاستثمارات الإسلامية، فمن الطبيعي جداً أن يتوجه المستثمر الخليجي إلى البنوك الغربية.
إلا أنّ تركيا اليوم وخصوصا بما تتمتع به من تجربة في القطاع المصرفي وبفضل بنيتها المالية القوية تقدم فرصا استثمارية وتمويلية للصيرفة الإسلامية. فضلا عن ذلك فإن الصكوك التي يصدرها القطاع العام تمنح الأوساط المالية الخاصة إحساسا كبيرا بالأمان، أضف إلى ذلك التشجيع الذي تناله الأدوات المالية المبتكرة والبديلة.
وتقدم البنوك التركية باقة واسعة من الخيارات أمام المستثمرين وتشكل الصيرفة الإسلامية القسم الأكبر من هذه البنوك، وفيها تتنوع الصكوك والدراسات لتعميم سندات الشراكة في الدخل، وخلق تمويل بديل للشركات الصغيرة والمتوسطة عبر سوق خاص من بورصة إسطنبول وتوزيع حصص السندات حسب ثقافات الأعمال. وهذه كلها مجالات متنوعة متاحة للمستثمرين.
يُمكن أن تصل أبعاد التعاون في قطاع الاستثمارات المصرفية إلى حدود كبيرة. واليوم تمر رؤوس الأموال العديد من شركات الاستثمارات الأوروبية عبر بورصة إسطنبول في مجالات الاستثمارات المنقولة. فالأموال التي يودعها المستثمرون من قطر ودبي والبحرين في الشركات الإنكليزية والسويسرية والسويد تقوم هذه الشركات الأوروبية بدورها بوضعها في الأسواق التركية الأكثر أمانا والأكثر ربحاً من أوروبا. ولكسر هذه الدورة غير المباشرة على الطرفين التركي والخليجي أن يتعاونا فيما بينهما.
كما تدعو الخيارات الواسعة التي تضعها أدوات الصيرفة الإسلامية المستثمر الخليجي للوثوق بها. فهو يتعامل باستثمارات مباشرة دون اللجوء إلى وساطة.
الجداول أدناه توضح بالأرقام التفصيلية الصكوك الصادرة في تركيا وعالميا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس