موسى الهايس - خاص ترك برس
ظلت منطقة شرق الفرات أومايطلق عليها الجزيرة السورية لمحاذاة نهر دجلة لها من الشمال الشرقي . ظلت منجما اقتصاديا وبشريا للحكومات التي تعاقبت على حكم سوريا منذ تشكل الدولة الحديثة بعد رحيل المحتل الفرنسي وقد دأبت تلك الانظمة على تعمد إهمال المنطقة تنمويا وتجهيلها تعليميا وبث الفتن و أسباب الفرقة بين أهلها وخلق النزاعات البينية بين السكان مستغلة التنوع الاثني والديني ما أدى الى إفقار أهلها بالرغم من ثرواتها الوفيرة و تقسيم المجتمع افقيا وعموديا و هو غاية تلك الانظمة والحكومات لضمان استمرار استنزاف خيرات المنطقة وثرواتها .وإن كان الإستغلال المذكور كان يتم بشكل غير مباشرمن حكومات مابعد الاستقلال فإنه بعد انقلاب حافظ الاسد أصبح أحد أدوات استمرار حكمه الذي جاء للسلطة تحت غطاء البعث والقومية العربية موظفا كل العوامل المحلية التي تساعده في تتسويق مزاعم أنقلابه ودعم بقاءه مستغلا وجود الاحزاب الكردية التي ترفع شعارات قومية سواءا بشكل صريح في برامجها كالاحزاب التي تعد امتدادا لبرامج الاحزاب الكردية في شمال العراق أوالتي ترفع شعارات ظاهرها أممي كما هو حال حزب العمال الكردستاني في شرق تركيا وفرعه السوري .
ومن الجدير ذكره أنه منذ الاستقلال عن المستعمر الفرنسي وحتى اليوم كان دأب الحكومات وبشكل ممنهج على ألا يكون هناك وعي جمعي وطني يصهر السوريين بشكل عام و في هذه البقعة الحساسة والهامة من الجغرافية السورية بشكل خاص بل عملت جميع الانظمة على تعزيز وتنمية التقوقع الديني والاثني في المجتمعات المحلية وربما تم تعزيز ذلك وتكريسه دستوريا في بعض المراحل الأمر الذي عمق الشرخ المجتمعي وزاد فيه وجعل المجتمع في صراعات بينية مستمرة تظهر كلما سنحت لها الظروف وكل ماكان ذلك في خدمة النظام الحاكم واستمراريته .
وبعد انطلاق الثورة السورية كانت الحاجة أشد لهذا التوظيف الاثني من قبل النظام وتجلى ذلك على أرض الواقع بشكل صريح حيث تم استثماره داخليا في قمع ثورة الشعب من جهة وخارجيا في اثارة القلاقل مع الجوار المتمثل بتركيا في الشمال بحكم كون تركيا هي منفذ الثوار الى العالم . حيث تم تسليم أدارة المناطق لحزب الاتحاد الديمقراطي الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني التركي .
وبذلك ضمن النظام إسكات كل الاصوات التي ثارت ضده في مناطق شرق الفرات و التي لايعتبر سكانها من مواليه وفق منظوره الطائفي سيما وان حواظرها الرئيسية الثلاث من اوئل المحافظات التي لبت نداء الثورة وطردت اجهزة النظام الأمنية وحطمت اصنامه .
وبذلك فان لعب النظام على هذه المتناقضات وتوظيفها في صالحه لايتأتى دون وجود أدوات من ابناء المنطقة ترتضي أن تساعده على ذلك من خلال عقد التحالفات معها مستغلا بعض الانانيات لتحقيق مصالح ذاتية , ممنيا إياها بوعود كاذبة كما هو حال حزب البيدا الذي قبل أن يحل محل النظام في قمع الشعب و يلعب دور العدو الداخلي في المناطق التي أوكل اليه النظام مهمة قمعها لوأد الثورة مقابل إطلاق العنان لطموحاته المستنسخة من حزب العمال الكردستاني التركي باقامة كيانه الخاص ما جعل من وجودة نذير شؤم على المنطقة وأهلها بسبب مناصبتة العداء لدول الجوار وخاصة تركيا انتقاما من تعاطفها مع ثورة الشعب السوري . وانتقاما لقادة الحزب من الاتراك المطلوبين للدولة التركية والذين يوفر لهم ملاذا بين المدنيين السوريين .
فلابد والحالة هذه ومن أجل قطع الطريق على من يريد الاستثمار بأبناء المنطقة وجعلهم أداة بيد أنظمة الأستبداد الداخلية و القوى الخارجية المتحكمة في الشان السوري والتي لا يرجى مما ترسمه من مشاريع أي خير للبلاد والعباد ولتجنيب المنطقة وسكانها من أن تبقى بؤرة توتر تؤججها القوى الاقليمية والعالمية متى شائت أواقتضت مصالحها وتستخدم أهلها وقود في معارك لاطائل منها وجب على ابناء هذه المنطقة تجاوز أخطاء الماضي وإعادة صياغة خطاب وطني جامع يساهم في تمتين العلاقات المجتمعية الداخلية والتخلي عن الإيديولوجيات الحزبية الضيقة التي تتنافى وتتناقض والوطنية السورية الجامعة والابتعاد عن الولاءات خارج الحدود والتي لن تجلب سوى استمرار العداوات وعدم الاستقرار نظرا لحساسية المنطقة في الوقت الذي نحن أحوج مانكون فيه الى أفضل العلاقات مع المحيط الاقليمي والدولي بقدر أهمية ارتباطنا بالوطن السوري الكبير وعاصمته دمشق وهو مايحقق الالتفات الى الاستقرار الدائم والتنمية وإبعاد المنطقة عن الارتهان لولاءات خارجية أو يعيدها مزرعة ومنجما للنظام ينعم بخيراتها ويثير الفتن بين أهلها .
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس