ترك برس
تناول تقرير لقناة "تي آر تي" التركية الحكومية التساؤلات المطروحة حول رؤية بعض الدول العربية إلى الدور الذي تبتغيه من وراء إعادة تطبيع علاقاتها مع النظام السوري في الآونة الأخيرة، وفي مقدمتها الإمارات.
وجاء في التقرير: "تحت شعار مواجهة النفوذ الإيراني والتركي، طبّعت عواصم عربية علاقاتها مع النظام السوري، في ظل توقعات أن يلحق بها آخرون. الأهداف المعلنة تخبئ خلفها بحثاً حثيثاً عن دور في المرحلة المقبلة".
وعادت رسمياً الدبلوماسية الإماراتية إلى العمل في دمشق إثر إعادة افتتاح سفارتها، وتبعه إعلان وزارة الخارجية البحرينية "استمرار العمل" في سفارتها "لدى الجمهورية العربية السورية الشقيقة".
واعتبر التقرير أن الإمارات والبحرين فتحتا الأبواب أمام مرحلة سياسية جديدة في الأزمة السورية. وجاء قرار كل منهما عقب زيارة الرئيس السوداني عمر البشير إلى دمشق في17 دسمبر/كانون الأول الجاري.
وكان لافتاً أنّه عقب زيارة البشير تسرّبت أحاديث إعلامية بأنّ الرئيس العراقي برهم صالح هو رئيس الدولة العربية المقبل الذي سيتوجه إلى سوريا.
يؤكد الكاتب العراقي نجاح محمد علي صحة تلك الأحاديث، ويقول "كان يُفترض بالرئيس صالح أن يذهب إلى دمشق في الأسبوع الماضي، ولكن الزيارة تأجلت لأسباب فنية، علماً أنّها رُتّبت بالتنسيق الكامل مع واشنطن ومع طهران أيضاً حيث يملك الرئيس العراقي علاقات جيدة مع الجانبين، وكذلك مع الرئيس السوري بشار الأسد".
في السياق ذاته، كان بارزاً إعلان الملك الأردني عبد الله الثاني أمام صحفيين، الأحد الماضي، أنّ علاقات عمّان مع دمشق "ستعود كما كانت من قبل"، حسب "تي آر تي".
بدأت العلاقات بين الإمارات والنظام السوري، تعود برعاية روسية ومساعدة مصرية منذ نحو عامين على الأقل. في هذا الصدد، يشرح مصدر مطلع للقناة التركية أنّه "من المتداول أن الإمارات لعبت دوراً، بالتنسيق مع مصر، في إنجاح المصالحات التي أنهت القتال في أكثر من منطقة في سوريا، خصوصاً في الجنوب وريف حمص..
وحالياً يُتداول أنّ الإمارات نجحت بالتأثير على (قسد) مما أسهم في عودة الحكومة السورية إلى مناطق شرق الفرات التي كانت تحت السيطرة الأميركية والحيلولة دون انتشار القوات التركية فيها".
هذه الإشارة إلى تركيا تُذكّر بأنّ أحد أهداف المساعي العربية في دمشق هو محاصرة أنقرة. ويقول المحلل السياسي التركي مصطفى أوزجان، إنّ "التقارب الخليجي مع النظام السوري من أدوات الضغط على تركيا".
من جهته، يعيد الباحث في الشؤون التركية سعيد الحاج، الخطوات العربية إلى "ثلاثة سياقات". ويشرح أنّ الأول يكمن في التغيرات الميدانية التي وقعت في المرحلة الأخيرة، والتي كانت تصب لصالح النظام السوري، فيما الثاني هو "الضغوط السياسية، وهي روسية في المقام الأول".
أما السياق الثالث "فقد أُعلِن عنه فقط عقب فتح السفارة الإماراتية، بحديث وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش" الذي أرجع قرار دولته إلى أنّ الدور العربي في سوريا أصبح أكثر ضرورة تجاه ما أسماه بـ "التغوّل الإقليمي الإيراني التركي".
الصفحة الجديدة في الأزمة السورية تفتح باب التساؤل عن مواقف الدول الأخرى، خاصةً السعودية. مصدر متابع يجيب قائلاً إنّه "طالما أنّ الإمارات ذهبت، فالسعودية ذاهبة بالتأكيد نظراً إلى العلاقة الحالية بينهما".
ويشدد المصدر - وفق "تي آر تي" - على أنّه يجب في تلك الأثناء ترقّب التصريحات الأولى لوزير الخارجية السعودية الجديد إبراهيم العساف، بغية التثبت من توجهات الرياض المقبلة بما يخص سوريا.
من وجهة نظر دمشق، يشرح المصدر أنّها "ترى فائدةً في الخطوة الإماراتية تجاه تطبيع علاقاتها الدولية، التي تبدأ بتطبيع علاقاتها مع الدول العربية والعودة إلى الجامعة العربية"، مضيفاً أنّه "توجد معلومات عن دور مصري وإماراتي يدفع باتجاه عودة سوريا للجامعة العربية، ولحضور القمة العربية المقبلة في تونس في مارس/آذار المقبل".
وهذا ما تضعه الأطراف القريبة من النظام في دمشق في خانة أنّ "هذه الدول العربية كانت قد بدأت إعادة النظر في سياساتها في ظل استمرار المفاوضات حول سوريا، بالأخص ضمن مسار أستانا، وارتفاع فرص صياغة دستور جديد".
وثمة نقطة إضافية يشير إليها المصدر، تقول إنّه "إذا كانت مسألة إعادة الإعمار لا تزال بحاجة إلى توافق دولي، فهذا لا يعني أنه لا توجد فرص جيّدة للمستثمرين الإماراتيين خصوصاً في مجال مشروعات التطوير العقاري والمجال الصناعي؛ ففي الحقيقة من الصعب فصل الجانب الاقتصادي عن السياسي".
وجدير بالذكر هنا، وفقاً للمصدر نفسه، أنّ "تطبيع العلاقات بين الأردن ودمشق كان قد بدأ بالجانب الاقتصادي عبر فتح معبر نصيب الذي توسطت روسيا لإعادة افتتاحه منذ صيف العام الماضي".
ويرى الكاتب الكويتي عايد المناع، أنّ "السبب الجوهري وراء العودة" يكمن في أنّ "الكل أدرك أنّ إسقاط النظام لم يعد ممكناً، وإنّما على العكس، قد تكون المحافظة عليه أفضل في ظل غياب بديل وطني".
غير أنّه ثمة رأي يُعبّر عنه الباحث في المركز الوطني الفرنسي توماس بييريه، يقول إنّ "الإمارات والسعودية انخرطتا في الحرب السورية بهدف مواجهة قطر أكثر من إيران، أي للتصدي لتهديد أيديولوجيا (ثورية) أكثر من التصدي لتهديد جيوسياسي. جرت المبالغة بالجانب الجيوسياسي".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!