ترك برس
يرى مراقبون أن تأسيس منتدى غاز شرق المتوسط (EMGF) في القاهرة، بمشاركة كل من مصر والأردن وفلسطين وقبرص واليونان وإيطاليا وإسرائيل، يحمل أبعاداً كبيرة، إذ إنه يربط مصالح إسرائيل رسمياً بمصالح مصر والأردن وفلسطين.
وأشار تقرير في موقع "عربي بوست" إلى أن المنتدى سيجعل من إسرائيل كياناً محورياً في الاقتصاد الإقليمي، ولاعباً رئيسياً على الصعيد الدولي؛ بسبب الإمكانات التكنولوجية والتمويلية المتوفرة لدى تل أبيب، التي لا تتوفر لأي من أعضاء المنتدى الذين يصارعون مشاكل اقتصادية كبيرة، ويقيمون اقتصادهم على القروض والمعونات.
ويشمل مصطلح (دول شرق المتوسط) سابقاً إقليم بلاد الشام (سوريا، لبنان، فلسطين، الأردن) المرتبط والمتصل ثقافياً وتاريخاً مع كل مصر وقبرص وتركيا واليونان، والتي هي جزء من هذا الحوض الشرق متوسطي، حسب تقرير "عربي بوست".
ووفقاً لبيان وزارة البترول المصرية، فإن إنشاء منتدى غاز شرق المتوسط (EMGF)، جاء بهدف "تأسيس منظمة دولية تحترم حقوق الأعضاء في مواردها الطبيعية، بما يتفق ومبادئ القانون الدولي".
وأضاف البيان أن من أهداف المنتدى "العمل على إنشاء سوق غاز إقليمية بين هذه الدول، وترشيد تكلفة البنية التحتية، وتقديم أسعار تنافسية؛ بهدف تأمين احتياجاتهم من الطاقة لصالح رفاهية شعوبهم".
وحول استثناء دول مثل تركيا ولبنان وسوريا من هذا المنتدى، وضم إسرائيل التي تعتبر عدوة لسوريا ولبنان وخصماً لدوداً لتركيا، يعتقد محللون أن المنتدى يعد العدة لبناء جبهة معادية لتركيا، ويضع مصر مع إسرائيل في خندق واحد معاد لتركيا.
المحلل السياسي الأردني عمر عياصرة، رأى أن المنتدى يشكل "اصطفافاً إقليمياً لمواجهة تركيا ومعاداتها، فكيف يتم استثناؤها رغم أن أنقرة طرف فاعل ومهم ولا يمكن الاستغناء عنه".
وقال عياصرة أن المنتدى الإقليمي الجديد هو "تماهٍ عربي في المشاريع المصيرية مع إسرائيل، التي ما زالت عدوة لنا رغم أنف كل اتفاقات السلام".
وأشار إلى أنه ثمة حصصاً ستوزع ومكاسب من الاكتشافات، التي يجري التستر عليها في شرق المتوسط، متساءلاً: "هل ستكون الاكتشافات مفيدة لنا، أم أننا سنكون مجرد شهود زور على أمر لا نعرف حقيقته؟".
بدوره رأى الخبير الاقتصادي د. حسام عايش، أن اعتماد دول عربية - محدودة الإمكانات - على هذا المنتدى لتحقيق أمنها من الطاقة، هو أمر غير واقعي، مؤكداً أن إسرائيل هي صاحبة النفوذ الأقوى في المنتدى، فهي التي تملك الإمكانات الأكبر في مجال الطاقة.
وأضاف عايش أن إسرائيل كالتاجر، وهي تريد مصلحتها الآن فقط، وبالتالي من المؤكد أنها لن تسمح لدول عربية مثل الأردن والسلطة الفلسطينية من الحصول على كامل حقوقهم في الطاقة لاحقاً، وبالتالي لا يمكن الاعتماد عليها لتأمين الأمن الطاقي، ولن تصدق نواياها.
ويعتبر عايش أن الأردن والسلطة الفلسطينية تعتمد على إسرائيل في مجال الطاقة، فالمناطق الفلسطينية واقعة تحت احتلال، ولن تسمح تل أبيب للسلطة بالتنقيب عن الغاز قبالة سواحل غزة على سبيل المثال. أما الأردن، فبعد توقيعه لاتفاقية الغاز مع إسرائيل أصبح مرهوناً لها لـ15 عاماً قادمة، وبتكلفة مرتفعة جداً.
عايش يرى أنه من الصعب جداً انضمام تركيا لاحقاً لهذا المنتدى، فمصالحها وسياساتها تتعارض بشكل كبير مع محور دول المنتدى.
ويضيف أن أنقرة إذا أرادت الدخول في اللعبة - وهو أمر مستبعد - فلن تقبل بأن تكون تحت شروط الآخرين، بل ستريد الدخول بشروطها، فهي لن تكتفي بصفة "المستفيد" فقط، بل اللاعب الرئيسي والفاعل، فهي لديها علاقاتها واتفاقياتها في الطاقة مع إيران وروسيا وقطر، وتريد الحفاظ عليها أيضاً، ولا تريد خسارتها.
ويؤكد عايش أن الدول السبع بتدشينها لهذا المنتدى، ستدخل في تنافس كبير وتضارب مصالح مع المحور التركي، وستواجه الدول هذه أنقرة في حوض المتوسط، إذ لأنقرة كما لغيرها حقول غاز مكتشفة، وبعضها متنازع عليها مع اليونان، أو (قبرص اليونانية) على وجه التحديد.
في السياق، رأى محلل شؤون الطاقة محمد أوغوتشو، في حديث لقناة "TRT عربي"، إن الحكومة التركية كانت قررت بدء التنقيب في منطقتها الاقتصادية الخاصة، رداً على مثل هذه الخطوات المتتابعة، التي أقدمت عليها دول المنتدى في أوقات سابقة.
وأضاف أوغوتشو "المسألة ليست متعلقة فقط بحقوق الغاز، لكن أيضاً حرية حركة الملاحة، فالأمر بالنسبة لتركيا متعلق بالتجارة والطاقة، ويعد بمثابة قضية أمن قومي".
وحول احتمالية وجود تنسيق بين الدول الموجودة خارج المنتدى، أشار أوغوتشو إلى أن "دولة كلبنان مرشحة لمثل هذا التعاون والتنسيق، وإن كانت مشكلتها مع الجانب الإسرائيلي عميقة وستأخذ وقتاً كبيراً لإيجاد حل، كما تعد سوريا لاعباً هاماً أيضاً، ولكن بسبب أزمتها الداخلية فإن ثمة تأثيراً على تدخُّلها في القضية حتى الآن".
وحول إعلان الدول المؤسِّسة للمنتدى فتح الباب لانضمام مزيد من الأعضاء بصفات مختلفة، استبعد أوغوتشو أن تنضم تركيا في الوقت الحالي لمثل هذا المنتدى، في ظل غياب أرضية ثقة بين الأطراف.
وأضاف أن "على هذه الدول بداية بناء الثقة مع أنقرة، وحينها قد تكون هناك مساحات نقاش مشتركة للمسائل العالقة".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!