هيثم كحيلي - نون بوست
تثبت تركيا يومًا بعد يوم أن تجربتها الرائدة في المنطقة والعالم لم تكن أبدًا نتاج مجهود شخصي وأن رجب طيب أردوغان ورغم كل ما ينسب له من فضل في نجاح التجربة التركية ليس سوى فرد من بين مئات وآلاف الأفراد العاملين بإتقان وإبداع على نجاح وتفوق تركيا.
فكما يسهر عشرات المستشارين على إعداد الخطابات اليومية لأردوغان، وكما اعتكف مئات الأخصائيين لأشهر حتى أعدوا البرنامج الانتخابي لحملة أردوغان في الانتخابات الرئاسية؛ يعمل مئات المتطوعين والموظفين منذ أشهر على إنجاح الحملة الانتخابية لأردوغان وجعلها نموذجًا يُقتدى به مستقبلاً في تركيا وفي دول المنطقة وحتى في الدول الأكثر تقدمًا.
المفاجأة التقنية التي أتت بها الحملة الانتخابية لأردوغان هذه المرة ليست فيديو كليب لشباب يرقصون على أنغام لحن مسروق من أغنية هندية مثلما حدث في الانتخابات الرئاسية التي أُقيمت مؤخرًا في مصر، وإنما موقع يحمل عنوان "نحن معك يا أردوغان" يقوم بصفة يومية بنشر صورة واحدة من كل مهرجان انتخابي للحملة في كل محافظة يخطب فيها أردوغان.
والميزة الأولى لهذه الصور ليست في إظهارها للحشود المليونية فقط، وإنما في قدرة متصفحها على تكبيرها إلى درجة تمكنها من رؤية وجه كل شخص حاضر في الاجتماع على حدة.
مثال للصورة قبل تكبيرها:
مثال للصورة بعد تكبيرها:
وأما الميزة الثانية والتي جذبت اهتمام آلاف الشباب ومستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي فهي تمكين متصفحي هذه الصور من الإشارة إلى صورهم وربطها بصفحاتهم على فايسبوك؛ فبعد تكبير الصورة وعثور المتصفح على صورته هو داخل الحشود الضخمة، يقوم بربط النقطة التي تظهر فيها صورته بحسابه على فايسبوك ويقوم بنشر ذلك على صفحته الخاصة لإظهار مكان تواجده أثناء مشاركته في هذا المهرجان.
وهذه الخدمة تعتبر ترجمة حرفية لكلمة تستخدم كثيرًا وقليلاً ما تترجم إلى فعل ملموس، وهي: "إعلام اجتماعي"، فبالإضافة إلى تأدية الصورة العملاقة لوظيفتها الإعلامية عبر إظهار الحشود الضخمة، تقوم الصورة بوظيفة اجتماعية عبر تمكين المتصفح من معرفة البيانات الخاصة بالأشخاص الذين التقوا بهم خلال المهرجان أو الذين يعرفونهم مسبقًا وصادف أن وجدوا صورهم في هذه الصورة الضخمة.
وذلك بالإضافة إلى الانتشار الكبير الذي تحققه هذه الصورة بعد قيام مئات وربما آلاف الأشخاص بربطها (وهي صورة واحدة) بحساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأما الفائدة الأخرى التي تحققها مثل هذه الخدمة، فتتمثل في تقديم كنز بحثي للباحثين العاملين على تطوير سياسات الحزب أو الأحزاب المعارضة، فعبر تصفح صورة واحدة يمكنك أن تخرج باستنتاجات سهلة حول:
- نسب الشباب من إجمالي الحضور.
- نسب كبار السن من إجمالي الحضور.
- نسب المتدينين من غير المتدينين.
- النسب المختلفة للأعراق التي ينتمي إليها الحاضرون (نقطة مهمة جدًا بالنسبة للسياسيين الأتراك سنتحدث عنها في تقرير قادم في إطار تغطية نون بوست للانتخابات الرئاسية في تركيا).
- الخ…
وألة التصوير التي يمكن أن تكون قد استخدمت لالتقاط هذه الصور، هي على الأرجح ألة H4D-200MS التي تلتقط صورًا بحجم 2 جيغا عبر تركيب 6 صور متتالية كل واحدة منها بحجم 50 ميغا بيكسل، وتكلفة هذه الألة تبلغ حوالي 45 ألف دولار أمريكي.
وأما تقنية ربط نقاط الصورة (الوجوه) بصفحات الفايسبوك ومواقع التواصل الاجتماعي فيمكن أن يقوم مبرمجون بتطويرها أو يمكن اقتناؤها من بعض الشركات التي تبيعها بأسعار متفاوة تبدأ من حوالي 300 دولار أمريكي للصورة الواحدة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس