راسم أوزن نوران – صحيفة يني شفق – ترجمة وتحرير ترك برس
أصبح موضوع عقوبة الإعدام أحد أجندة النقاشات اليومية خلال الأيام الماضية، وتحديدا بعد جريمة قتل وحرق أوزكه جان التي هزت المجتمع بأسره، وهذا يجب قراءته على أنه ردة فعل انفعالية من قبل المجتمع بسبب الجريمة المذكورة.
لنفترض أنّ عقوبة الإعدام أعيد العمل بها وأصبحت ضمن العقوبات القانونية، هل سيؤثر ذلك على حجم الإجرام وعدد المجرمين؟ كلا.
هناك أمران هامان جدا على صعيد تطبيق العقوبات الجديدة، أولها هو أنّ خروج قانون جديد ولو كان ينطبق على المتهم، فسيتم اختيار القانون الذي يصب في مصلحة المتهم بين القانونين الجديد والقديم، أما الأمر الثاني، فيتمثل في أنّ تطبيق القانون الجديد يبدأ على المتهمين الذين ارتكبوا الجنايات منذ تاريخ إقراره.
يريد الجمهور هنا في هذه الحادثة، أنْ يكون هناك توافق وانسجام ما بين الجريمة والعقوبة.
في القوانين العصرية لا يتم الاهتمام بأنْ يكون هناك توافق بين الجريمة والعقوبة، فيتم معاقبة كل الجرائم إما بالسجن أو بالغرامة المالية أو كليهما، فكل الجرائم، من الاعتداء على الإنسانية إلى التخابر مع دول أجنبية عقوبتها إما الحبس أو الغرامة المالية، فالسرقة والقتل والتعدي على الأخلاق العامة والتجسس على الدولة وغيرها من الجرائم لا تخرج عقوبتها عن هذين الطريقين.
لهذا لا نستطيع أن نرى هنا أي توافق وتلاؤم بين حجم الجريمة وشكل العقوبة، ونحن نقصد أنْ تكون العقوبة متوازنة مع ماهية الجريمة، لكن ما هدف العقوبة؟ هناك من يرى أنّ هدفها زجر الآخرين من أجل منع الجرائم في المستقبل، وهناك من يرى أنّ هدفها إصلاح المجرمين ليعودوا إلى رشدهم.
لكننا نحن نعتقد أنّ العقوبة هي نتيجة للإجرام، وليس من أجل العبرة أو الإصلاح، فلا يتم معاقبة الشخص من أجل أنْ يعتبر الآخرون، أو أنْ يتوب المجرمون، لأن هناك أساليب ووسائل أخرى من أجل ردع الأشخاص وإصلاحهم.
العقوبة، هي النتيجة الحتمية التي يحصل عليها كل شخص أساء لأمن المجتمع، وكعقوبة لما قام به من جُرم، فلا يتم إطلاق سراح المُجرم قبل انتهاء محكوميته حتى لو ثبت صلاحه أو ثبت ردع وزجر الآخرين من الإقدام على ما فعل، لأن العقوبة هدفها الجريمة نفسها وليس غيرها.
المطالبة بتحقيق التلاؤم والتوافق بين الجريمة والعقوبة، يعني مطالبتنا بتحقيق عقوبات القصاص، لكن من أجل ذلك علينا أنْ نحضر المجتمع والسياسة المجتمعية ليكون جاهزا لاستقبال تلك العقوبات، ليتم قطع يد السارق، ولقتل القاتل، ولأجل أنْ نكون محقين بذلك علينا أولا إنهاء كل الأسباب المؤدية إلى السرقة وإلى القتل، وبعدها اذا استمر المجرم في السرقة والقتل بلا سبب فحينها يصبح القصاص أمرا ضروريا، أما تطبيق حد السرقة في نظام رأسمالي يشجع على السرقة، لا يعني تحقيق توافق بين الجريمة والعقوبة على الإطلاق.
لهذا أريد لفت نظر كل من يناقش إعادة تطبيق حكم الإعدام إلى هذه النقطة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مواضيع أخرى للكاتب
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس