سيفيل نوريفا – صحيفة ستار – ترجمة وتحرير ترك برس
يجب تقييم ما قامت به الدولة التركية من عملية خاصة لنقل نعش سليمان شاه إلى منطقة آمنة، ضمن إطار عمليات الإنقاذ التي قامت بها أيضا في الأراضي العراقية والليبية.
ولا شك أنّ قراءة تفاصيل هذه العملية كافٍ من أجل إدراك قوة تأثير تركيا التي تزداد مع مرور الوقت، حيث أفشلت الدولة التركية بهذه العملية جميع المخططات سواء أكانت داخلية أم خارجية، والتي كانت تسعى إلى زعزعة الأمن وخلق الفوضى والاضطرابات قبيل انتخابات حزيران.
وما يؤلمنا جدا هو وجود أطراف داخلية تسعى إلى محاولة زج تركيا في الحرب داخل سوريا، وكأن الضغوطات الخارجية على تركيا لا تكفي، لكن تركيا اليوم لقنت هؤلاء درسا لمعرفة البُعد الحقيقي للمخططات والمؤامرات التي يعولون عليها.
قيام تركيا بهذه العملية بنجاح دون أي حسابات، ودون طلب مساعدة من أحد، لا يعطي رسائل إلى الأطراف الداخلية فحسب، وإنما هناك رسائل عدة وصلت إلى مشغليهم من الأطراف الخارجية، ومن هذه الرسائل:
تركيا دولة حازمة وجدية، وتقوم بكل ما يلزم لتحقيق مصالحها ومنافعها حتى الرمق الأخير.
تركيا أخبرت الجميع بأنها أصبحت اليوم تُطبّق السيناريوهات التي تريدها والتي ترسمها بيدها، ولا تقوم بسيناريوهات رُسمت لها.
تركيا تستطيع استخدام قوتها الاستخباراتية والعسكرية من أجل كسر الأصابع والأيادي التي تحاول المسّ بها.
تركيا ليست دولة تخدم المواطنين داخل بلادها فقط، وإنما هي دولة تساعد كل إخوتها المسلمين وتتحمل كل المسئولية لتحقيق طموحاتهم لترسم خططهم المستقبلية سويا.
لن تسمح تركيا بتقسيم البلاد وتمزيقها في الشرق الأوسط رغما عن أنف شعوبها، وهذا ليس مقتصرا على حدود تركيا فحسب، وإنما لكل دول وشعوب المنطقة.
تقدم تركيا بخطوات ثابتة ومطمئنة نحو زيادة قوتها، هي قصة نجاح أخرى.
ولا شك أنّ الحملات التي يتعرض لها رئيس الجمهورية اردوغان، تهدف إلى الحيلولة دون وصول لتركيا لهدفها النهائي، وما كانت خطة اغتيال سمية اردوغان سوى إيقاف مسيرة تركيا من خلال التأثير المباشر على اردوغان لإجباره وإخضاعه على اتخاذ خطوات للوراء، فهؤلاء يريدون لتركيا أنْ تبقى في لباس الحداد والسواد، ولا تريد لها التقدم والازدهار لتنعم بمختلف ألوان الحياة.
ضريح سليمان شاه أصبح الآن أكثر أمانا وفي منطقة آمنة، وهذا النجاح الباهر لهذه العملية يُسجل لكل من رئيس الوزراء داود أوغلو ورئيس الأركان وكذلك رئيس جهاز الاستخبارات.
أثبتت تركيا قوتها وقدرتها الحقيقية، فضريح سليمان شاه يُعتبر أرضا تركية، لكن هذا الضريح سبق وأنْ نُقل مرتين في الماضي أيضا لأسباب مختلفة، أما مَن يخرج علينا اليوم ليقول "انسحبوا من أراض تركية"، يعني أنهم لم يقرؤوا التاريخ ولا يعرفون شيئا عن ضريح سليمان شاه وقصته، ثم ألا يُدرك هؤلاء أنّ تركيا كانت على وشك السقوط في فخ عميق، وبهذه العملية أنقذت نفسها وأفشلت هذا المخطط؟
ونجاح هذه العملية دون إنزال العلم التركي هو رسالة أخرى، فبذلك تثبت تركيا أنها صاحبة أمانة ولا تضيع حقوقها المقدسة والتي تحمل أهمية تاريخية بالنسبة لها مثل ضريح سليمان شاه، ليتم رفع العلم التركي مجددا في منطقة أكثر أمنا.
مهما كانت التحليلات والآراء، فإنّ تركيا بهذه العملية التي قامت بها لوحدها ودون إذن ولا طلب مساعدة من أحد، يوضح القوة التي وصلت إليها تركيا.
هذه الدولة تقف اليوم على أعتاب التوقيع على تاريخ عظيم جديد، وأكثر ما يغيض البعض عدم تحقيق أهدافه، وعدم إحضار الفوضى التي في الدول المحيطة إلى داخل تركيا، والماضي يشير إلى أنه حينما لا تجد القوى الخارجية عنصرا أو عناصر من الداخل لمساعدتها في تنفيذ مهامها، نصل حتى أبواب فيينا، ومتى ما دعمت القوى الخارجية شركائها في الداخل بالمال والمنفعة كانوا يحققون مرادهم وينجحون بخططهم.
أما اليوم، فقد تغيّر الواقع، واليوم أيضا هو زمن الاختيار "لنقف مع مَن؟"، وعلينا إضاءة مستقبلنا لتكون تركيا صاحبة قوة من جديد لترجع إلى تحقيق استقرار الجغرافيا الواسعة التي كانت تنعم بها شعوب المنطقة، لذلك علينا أنْ نختار في أنْ نكون إلى جانب تركيا من أجل رفع كلمة الله، أو أنْ نقف مع الشيطان لنغرق معه مع الغارقين.
تذكروا أنّ اختياركم مفتاح مستقبلكم.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس