ترك برس
على الرغم من أن تركيا عضو في حلف الناتو منذ عام 1952، وساهمت في الحلف في كثير من النواحي، مثل تخزين الأسلحة النووية الأمريكية في قاعدة إنجرليك لسنوات عديدة، بالإضافة إلى استضافة رادار الدفاع الصاروخي للناتو في قاعدة عسكرية في كوريجيك، فإن أنقرة ستواجه العديد من التحديات في السنوات القليلة المقبلة نتيجة قرارها شراء صواريخ S-400.
وتقول الباحثة في جامعة يلدريم بيازيد، والخبيرة بشؤون الدفاع والأمن، مروة سيرين، إن أنقرة تدرك بالفعل السيناريوهات المحتملة والنتائج السلبية المحتملة لاختيارها شراء نظام أسلحة إستراتيجي من روسيا، حتى لو كان ذلك لأغراض دفاعية.
ووفقا للباحثة، يمكن تصنيف التبعات المحتملة التي ستتحملها أنقرة جراء حصولها على الأسلحة الروسية المتطورة إلى خمسة عناوين:
1. تحول في موقف واشنطن تجاه أنقرة
وتقول سيرين إن الموقف الأمريكي قد يكون أكثر صعوبة بالنسبة لأنقرة حول مجموعة واسعة من الموضوعات مثل تنظيم بي كي كي وامتداده في سوريا، والحرب السورية، وشرق المتوسط، وقضية بحر إيجة وقبرص، وفلسطين، واللاجئين، وأزمة العملة وغيرها.
من وجهة نظر واشنطن، سيكون الهدف هو إظهار أن أي شخص، حتى لو كان من حلفاء الناتو، يتعاون أو يدخل في شراكة مع الخصم الاستراتيجي لأمريكا يجب أن يدفع الثمن. لذلك، فإن الثمن المتوقع أن تدفعه تركيا لن يكون فقط من خلال التدابير العسكرية، بل سيكون عبر مجموعة واسعة من القضايا التي قد تؤدي إلى عواقب وخيمة. مثل تقليص موقف أنقرة السياسي والقانوني في النزاعات الإقليمية المتنامية.
2. العقوبات الرسمية
ستظهر التكلفة الثانية للصفقة بعد فرض عقوبات على تركيا بموجب قانون مكافحة خصوم أمريكا من خلال العقوبات (CAATSA). يمكن للرئيس فرض خمسة أو أكثر من العقوبات الموضحة في القانون، كما يمكنه تأخير فرض العقوبات لمدة تصل إلى 180 يومًا. وفقًا لذلك، إذا كان ترامب يرغب في اتباع نهج أكثر ليونة في تركيا، فيمكنه اختيار خمسة عقوبات من القائمة الأقل تكلفة والأقل ضررًا.
3. إلغاء تسليم مقاتلات F-35
ويزعم البعض أن القوة العسكرية لتركيا سوف تضعف بشدة في غياب مقاتلة متعددة المهام من الجيل الخامس توفر أداءً أفضل في ساحات القتال اليوم بمستوياتها العالية. وبعبارة أخرى، يفترض أن القوات الجوية التركية التي لا تمتلك F-35 في مخزونها لن تكون قادرة على تحقيق القدرة التشغيلية الكاملة. كما أن هناك أيضًا سيناريوهات سلبية محتملة أخرى، قد تفشل F-16 التي تستخدمها القوات الجوية التركية حاليًا في إظهار الأداء التشغيلي في المستقبل القريب إذا لم توفر الولايات المتحدة معدات الصيانة اللازمة.
4. التنفيذ الفعلي للجزاءات
قد تكون العقوبة الرابعة تنفيذًا فعليًا للعقوبات من جانب واشنطن من خلال عمليات التصدير والمشتريات الدفاعية. حتى في حالة عدم اختيار ترامب لفرض "عقوبة التصدير" أو "عقوبة الشراء" في هذا الصدد، ستستمر الولايات المتحدة في تطبيق طريقتين عقابيتين أساسيتين: (1) عدم شراء أو إبرام أي عقد لشراء أي سلع أو خدمات، (2) عدم إصدار أي ترخيص محدد و عدم منح أي إذن أو سلطة محددة أخرى لتصدير أي سلع أو تكنولوجيا.
5. استبعاد تركيا من برنامج F-35 مقاتلة
وقد دعا البنتاغون بالفعل إلى وقف مشاركة تركيا في برنامج F-35 في 17 تموز/ يوليو الماضي، ونتيجة لذلك، أوقفت شركة لوكهيد مارتن تصدير البضائع من سلسلة التوريد التركية. إنها الحقيقة أن إزالة تركيا من مشروع F-35 لن يجلب فقط عيوبًا عسكرية ولكن سيؤدي أيضًا إلى خسائر اقتصادية وفنية وفكرية.
هل ستتأثر تركيا سلبا بالعقوبات الغربية؟
وتقرر الباحثة أنه ليس من المقاربة الصحيحة إجراء تحليل صافٍ للأرباح والخسائر من خلال مقارنة الأموال التي دفعتها أنقرة لشراء 100 طائرة من طراز F-35 مع المكسب المتوقع لشركات الدفاع التركية المساهمة في تصنيع F-35.
والسبب الأول أن التكلفة الإجمالية لشراء F-35 لا تنتهي عندما تدفع أنقرة لسعر البيع. بل على العكس من ذلك، تزداد تكلفة برنامج F-35 تدريجيًا بمرور الوقت مع استمرار تركيا في الاستثمار فيها حتى تظل في الخدمة لعدة عقود.
ومن ناحية أخرى فإن مبلغ ال 10 مليارات المقدرة لكل من التكاليف المباشرة وغير المباشرة للعقوبات على صناعة الدفاع التركية ليست عملية حسابية دقيقة ولا طريقة عقلانية لإعلان التنبؤ.
وتوضح أن التحولات في سلسلة الإمداد لطائرات F-35 ستؤثر في الشركات الوطنية الصغيرة والمتوسطة الحجم. وهي مشكلة أكثر أهمية من تأثيرها في المقاولين الرئيسيين المشاركين في المشروع الذين يمثلون الشركات الكبرى.
بهذا المعنى، من الضروري مراعاة الدين المحلي في صناعة الدفاع وخسائره. خاصة بالنسبة للشركات الصغيرة والمتوسطة التي قد لا تنجو وستضطر إلى الخضوع لعملية إنهاء. وعلى النقيض من ذلك، فإن شركات مثل، تاي ووركيستان، وتوساش، وتوبيتاك التي تنتج أجزاء مختلفة من F-35 هي الشركات الكبرى في صناعة الدفاع التركية ويمكنها البقاء في أي من الاتجاهين.
ثانيًا، إذا ألغت الولايات المتحدة أو أي دولة أخرى في الناتو مثل، بريطانيا أو ألمانيا أو إيطاليا الصادرات المستقبلية إلى تركيا مثل طائرات الهليكوبتر الهجومية T129، فقد تفضل تركيا موردًا آخر خارج سوق الناتو.
وعلاوة على ذلك، ستكون التكاليف الفنية والفكرية أعلى من العقوبات المفروضة من خلال التراخيص والصادرات، لأن الدراية الفنية والخبرة تظلان الاستثمار الأكثر أهمية لمستقبل صناعة الدفاع التركية.
وتلفت الباحثة إلى أن هذا يعد أيضا خيارا لتركيا للانضمام كشريك في برامج الاستحواذ بالإضافة إلى التعاون في الإنتاج المشترك مع مختلف البلدان من مختلف القارات. مع الأخذ في الاعتبار أن سوق الدفاع العالمي أصبح منافسة بقوة لأكبر الدول المصدرة للأسلحة. وهذا يعني أن هناك مجموعة واسعة من الموردين يبحثون عن التعاون مع صناعة الدفاع التركية.
وتخلص الباحثة إلى أن اختيار تركيا شراء S-400 لم يكن قرارًا فوريًا، وأن حكومة أنقرة توقعت بالفعل ردود الفعل المحتملة من قبل حلفائها الغربيين. و.نظرًا لأن العقوبات الأمريكية المحتملة ليست مفاجئة، فقد تمت بالفعل مناقشة السيناريوهات المحتملة مثل تقييمات الخسائر والنتائج السلبية المحتملة، داخل بيروقراطية الدفاع التركية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!