ترك برس
في ظل الخلافات بين أنقرة وواشنطن حول عدد كبير من القضايا، بدءًا من تعزيز تركيا لعلاقاتها مع روسيا، وشرائها أنظمة دفاعية روسية، واستبعاد تركيا من برنامج إنتاج المقاتلة الأمريكية من الجيل الخامس إف 35، بات مستقبل قاعدة إنجرليك يكتنفه الغموض، كما يقول تقرير لإذاعة صوت أمريكا.
سيطلب مشروع قانون "مكافحة العدوان التركي" الذي ينظره مجلس الشيوخ الأمريكي بدعم من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، من إدارة ترامب النظر في قواعد بديلة لـ "الأفراد والأصول" الموجودة في قاعدة إنجرليك. ويأتي مشروع القانون ردًا على عملية نبع السلام التي شنتها تركيا ضد تنظيم "ي ب ك" الذي تتهمه بالإرهاب، والمدعوم أمريكيًا.
وفي الشهر الماضي كتبت عضو لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب، كيندرا هورن، تغريدة عبرت فيها عن قلقها البالغ من أن "الأسلحة النووية الاستراتيجية ما زالت موجودة في قاعدة جوية داخل الحدود التركية". ثم عادت هورن وحذفت تغريدتها.
ويتردد على نطاق واسع أن الولايات المتحدة تحتفظ بنحو 50 قنبلة نووية في قاعدة إنجرليك. وخلال الحرب الباردة تم الاعتماد عليها لردع القوات البرية السوفيتية الضخمة التي حشدت على الحدود التركية.
وقال السفير التركي السابق في الولايات المتحدة، مدحت رنده: "إنهم يتحدثون في الكونغرس عن سحب الترسانة النووية من إنجرليك. وإذا حدث ذلك، فسيكون علامة على انعدام ثقة كبير من جانب واشنطن تجاه أنقرة".
وأضاف رنده: "ستكون هناك مشكلة ثقة وقد تنهار العلاقات إذا سحبت الترسانة النووية من تركيا. وسيكون هناك رد فعل كبير من الجانب التركي".
بدوره حذر البروفسور مسعود كاشين، مستشار السياسة الخارجية في الرئاسة التركية من أن العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة لا يمكن أن تستمر في ظل هذا المناخ من التهديدات، مضيفا أن تركيا لها تاريخ طويل في كونها أفضل حليف للولايات المتحدة في المنطقة، وستكون روسيا والصين الفائز من الوضع الحالي.
ويرى المحللون أن موسكو ستكون حريصة على الاستفادة من أي تقليص للوجود الأمريكي في قاعدة إنجرليك.
وقال حسين باغتشي استاذ العلاقات الدولية بجامعة الشرق الاوسط التقنية في أنقرة: "إذا سحب الأمريكيون أسلحتهم النووية، فإنني على يقين من أن الأتراك سينشرون الصواريخ الروسية هناك. وعندئذ سيكون الروس أكثر حرية في كسب تركيا. لذا فإن السياسة الأمريكية ستكون السبب في فقدان تركيا وسيكون الفائز هو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين."
وأضاف: "تركيا لما تعد في موقف دفاعي. وكلما زاد الضغط من جانب الأمريكيين، ازداد تعاون تركيا الوثيق مع روسيا، وهذا تغيير تاريخي في السياسة الخارجية التركية".
ويقول المحللون إن فرض أنقرة قيودا على استخدام القاعدة في العمليات الأمريكية على الأراضي السورية هو نقطة توتر. وخلال العملية الأمريكية التي نفذت الشهر الماضي لاغتيال أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا، استخدمت القوات الأمريكية قاعدة في العراق بدلًا من إنجيرليك الأقرب بكثير.
ووفقا لتقارير صحفية، بدأ الجيش الأمريكي في اتخاذ إجراءات لتنويع اعتماده على القاعدة التركية. وأنفقت الولايات المتحدة أكثر من 150 مليون دولار في العامين الأخيرين على تحسين قاعدة موفق السلطي الجوية في الأردن، كما يعتقد أن واشنطن تقيم قواعد عسكرية في اليونان وقبرص.
ويرى مراقبون أنه نظرًا لحجم قاعدة إنجرليك وموقعها، لا يمكن لأي قاعدة في المنطقة أن تحل محلها. لكن واشنطن قد ترى أن مزيجًا من القواعد في جميع أنحاء المنطقة يمكن أن يوفر بديلًا لإنجرليك. ومن المرجح أن تستمر هذه الجهود، في ظل استمرار التدهور الحالي في العلاقات الأمريكية التركية.
لكن المحللين يحذرون من أن التخلي عن قاعدة إنجرليك لن يكون بدون عواقب. وقال حسين باغتشي: "لذلك يتعين على الأمريكيين الاختيار بين خسارة تركيا أو عدم خسارتها. في الوقت الحالي، هم أكثر عزمًا على خسارة تركيا".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!