ترك برس
تناول مقال للمحلل التركي، محمد كانجي، حاجة تركيا إلى توسيع خط دفاعها الجيوسياسي على مساحة أكبر لا سيما مع انتشار الفوضى على جميع الجبهات العالمية.
ويلفت الكاتب في بداية مقاله إلى أن هذه المنطقة الجيوسياسية الكبيرة تشكلت في أحد أطرافها عند نهاية درع المتوسط الذي يغطي غرب وجنوب جزيرة كريت، وفي الطرف الآخر مقر القيادة المشتركة التركية القطرية المطلة على مضيق هرمز في االخليج العربي. وفي أقصى جنوب هذه المنطقة توجد قيادة فرقة العمل التركية الصومالية في مقديشو على ساحل المحيط الهندي.
ويضيف أن مذكرة ترسيم الحدود البحرية التي وقعت بين تركيا وليبيا في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر، أعقبها افتتاح المقر الرئيسي لقاعدة خالد بن الوليد في قطر في 14 كانون الأول/ ديسمبر. وتلت هذه التحركات رابط آخر يربط الجزء الأكثر حساسية من السلسلة من قطر إلى ليبيا في 16 ديسمبر.
هذه الخطوة كما يقول الكاتب هي توجه طائرة تركية مسيرة من طراز بايراقتار بالتوجه من قيادة القاعدة الجوية البحرية في دالامان، جنوب غرب تركيا، إلى مطارجتشيتكالي في جمهورية شمال قبرص التركية.
ويقول الكاتب إن هذه الرحلة لم يكن لها تأثير قوي في جزيرة قبرص فحسب، بل كان لها صدى أيضًا في المجتمع الدولي الذي يراقب عن كثب التطورات في شرق البحر المتوسط. ثم أقلعت الطائرة مرة أخرى من قبرص التركية للرد على ثلاث طائرات يونانية من طراز F-16 أقلعت من جزيرة كريت وانتهكت المجال الجوي للمياه الاقتصادية التركية.
الصفعة الثانية لقبرص اليونانية
ووفقا للكاتب فإن الرد التركي على المناورات التي نفذتها الإدارة القبرصية اليونانية في جنوب قبرص بطائرات F-16، والرد على انتهاك الطائرات اليونانية للمياه البحرية التركية باستخدام طائرة بدون طيار واحدة كان قويا بما فيه الكفاية لإزعاج الرأي العام اليوناني.
ويضيف أن التحرك التركي البسيط المتمثل في هبوط طائرة بدون طيار في مطار جتشيتكالي كان كافيا للتسبب في حالة من الذعر على الجبهة اليونانية القبرصية التي وجدت نفسها على وشك أن تكون محاصرة، في حين تبذل جهودا متضافرة لمحاصرة تركيا، بمحاولة حشد تأييد مصر وإسرائيل للانضمام لها في هذا النهج.
لا تقتصر العلاقات بين تركيا والحكومة الشرعية في ليبيا على تحديد الحدود البحرية. تم اتخاذ خطوة حاسمة أخرى حيث تم التصديق على مذكرة التفاهم بشأن التعاون الأمني والعسكري بين تركيا وليبيا في البرلمان التركي.
واعتبر الكاتب أن ما تضمنته مذكرة التعاون الدفاعي من بنود تكفي للإشارة إلى الخطوات الجديدة التي ستتخذها تركيا في استراتيجيتها الجددية التي توسعت من الخليج العربي إلى منتصف البحر الأبيض المتوسط.
قاعدة تركية في ليبيا
وللدفاع عن المصالح الاستراتيجية لتركيا في الخارج، يشير الكاتب إلى أن هناك خططا لإضافة رابط جديد في ليبيا إلى سلسلة الدفاع التي تتكون حاليًا من المقر المشترك في قطر، والقواعد العابرة للحدود المنتشرة في العراق وسوريا، والطائرات بدون طيار المنتشرة في مطارجتشيتكالي.
وبين أنه اعتبارًا من اليوم الذي تدخل فيه مذكرة التعاون الأمني والعسكري بين تركيا وليبيا حيز التنفيذ، سيكون هناك أساس قانوني لنشر القوات المسلحة التركية في مثلث الخمس - زليطن - مصراتة مع قواتها البرية والبحرية لتعزيز القدرات العسكرية للحكومة الوطنية، على الأقل من خلال توفير التدريب والمعدات، ضد قوات الجنرال حفتر، المعروف أنها مدعومة من دولة الإمارات العربية المتحدة ومصر وفرنسا وروسيا.
ولتوضيح مدى أهمية القوة البحرية التي قد تنشرها تركيا في ليبيا في إطار استراتيجيتها المتمثلة في تحريك خط دفاعها الجيوسياسي إلى ما وراء حدودها، يذكّر الكاتب بما حدث في عام 1912 عندما احتلت إيطاليا ليبيا.
ويذكر أن الاشتباكات التي بدأت على الأراضي الليبية في الأيام التالية للمذكرة الإيطالية إلى الدولة العثمانية لحماية استثماراتها في ليبيا، كانت نتائجها مخيبة للآمال للإدارة الإيطالية بفضل الجهود الدفاعية بقيادة العقيد نشأت بك في طرابلس واللواء الركن إنفير بك في بنغازي والرائد مصطفى كمال بك في درنة.
لكن إيطاليا اختارت استخدام قواتها البحرية لإجبار العثمانيين على مغادرة ليبيا. فتعرض ميناء الحديدة اليمني وميناء بيروت، اللذين كانا تحت السيطرة العثمانية لهجوم من قبل البحرية الإيطالية. في 18 نيسان/ أبريل 1912، و تم احتلال جزيرة رودس في أعقاب الهجوم الإيطالي في الفترة من 24 أبريل إلى 17 أيار/ مايو 1912. وكان فقدان الجزر الاثني عشر تأثيرًا جانبيًا آخر لعدم وجود نوع من القوات البحرية تتناسب قوته مع الجهود المخلصة المبذولة لإنقاذ الأراضي العثمانية في ليبيا.
وخلص الكاتب إلى أن تركيا استخلصت العبر من الأخطاء التي ارتكبت قبل 100 عام، وتقوم الآن ببناء خط دفاعي ديناميكي من البحر المتوسط إلى المحيط الهندي، ومن ليبيا إلى الصومال، من خلال إرسال الطائرات بدون طيار والطائرات المسلحة بلا طيار وكذلك سفنها الحربية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!