ترك برس
نشر موقع الجزيرة الإنجليزية تحليلًا لمروان قبلان، مدير تحليل السياسات في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، حول التطورات الأخيرة في محافظة إدلب بعد هجمات قوات النظام المدعوم من روسيا، تحدث فيه عن ثلاثة سيناريوهات محتملة لمعركة إدلب، من بينها استخدام تركيا القوة لمنع مزيد من تقدم قوات النظام.
ويشير قبلان في مقاله إلى أن التصعيد في إدلب كان حتميًا بسبب عدم التزام النظام باتفاقية سوتشي واستمراره في شن الهجمات ولكن على عكس عمليات الاستيلاء على مناطق التصعيد الأخرى، فإن سقوط إدلب سيكون كارثيًا على تركيا.
وأوضح أن استيلاء النظام على إدلب يعني هزيمة كاملة للمعارضة السورية واستبعادها من المفاوضات لإيجاد حل نهائي لسوريا بعد الحرب. ومن ناحية أخرى ستهمش تركيا، الداعم الرئيسي للمعارضة، ولن يكون لها رأي في المفاوضات المستقبلية، والتي ستكون خسارة دبلوماسية كبرى في ضوء سنوات من الانخراط التركي في الصراع.
وعلاوةً على ذلك، سيؤدي استيلاء النظام على إدلب إلى طرد حوالي ثلاثة ملايين مدني نحو حدود تركيا أو المناطق الحدودية الصغيرة التي يسيطر عليها في محافظة حلب الشمالية. ولا تستطيع تركيا تحمل تكاليف استيعاب المزيد من السوريين على أراضيها.
ويضيف أن الحكومة التركية تتعرض أيضًا لضغوط محلية هائلة للانتقام بعد مقتل 13 جنديًا تركيًا على أيدي قوات النظام. وستتعرض الحكومة لانتقادات في الداخل، إذا اضطرت قواتها للانسحاب من مراكز المراقبة التي يحاصرها النظام السوري حاليًا.
العلاقات التركية الروسية
ويشير المحلل السياسي إلى أن تركيا مع أنها ترفض الحل العسكري في شمال غرب سوريا، فهي لا تستطيع المجازفة بمواجهة مع روسيا. وفي الوقت نفسه، لم يدعم الاتحاد الأوروبي ولا الولايات المتحدة تركيا في تصعيدها ضد روسيا. والأكثر من ذلك، كان كلاهما بطيئًا في إدانة محاولة الانقلاب على الرئيس رجب طيب أردوغان في يوليو 2016.
وفي الوقت الحالي نمت علاقات تركيا مع روسيا وأصبحت الآن أكثر أهمية للحكومة التركية مما كانت عليه في عام 2015. وأصبحت روسيا شريكًا تجاريًا رئيسيًا، وأكبر مورد للنفط والغاز في تركيا وزاد نصيبها من السوق التركي.
كما تكثف التعاون الدبلوماسي بين تركيا وروسيا في ليبيا، والتعاون في مجال الدفاع بعد أن اشترت تركيا نظام الدفاع الصاروخي S-400 من روسيا، وناقشت أيضًا إمكانية شراء طائرات مقاتلة روسية من طراز Su-35 و Su-57.
ثلاثة سيناريوهات أمام تركيا
ورأى قبلان أن تركيا تحت ضغوط وقف تقدم النظام في إدلب والحفاظ في الوقت نفسه على علاقاتها مع روسيا، ليس لديها مجال كبير للمناورة. وستكون أمامها ثلاثة سيناريوهات محتملة.
السيناريو الأول والأكثر تفضيلاً لتركيا، لكن احتمال حدوثه ضئيل، هو موافقة روسيا على التمسك باتفاقية منطقة التصعيد في إدلب وأمر قوات النظام بمغادرة المواقع التي احتلتها قبل هجومها الأخير. يمكن أن يقترن ذلك بإحياء العملية السياسية واستئناف اجتماعات اللجنة الدستورية المكلفة بصياغة التعديلات على الدستور السوري التي وافق عليها النظام والمعارضة والمجتمع الدولي.
السيناريو الثاني، هو قبول تركيا للوقائع الجديدة على الأرض والسماح للنظام السوري بالتحكم في الطرق السريعة M4 و M5، ولكن باستخدام القوة لمنع أي تقدم إضافي.
ووفق هذا السيناريو، يمكن أن تسعى تركيا إلى إنشاء "منطقة آمنة" في إدلب بإنشاء مواقع دفاعية معززة على طول خط المواجهة وتزويد المعارضة السورية بالأسلحة الثقيلة، وخاصة الصواريخ المضادة للطائرات.
ويقول قبلان إن أنقرة تتبنى هذه السياسة بالفعل بعد إسقاط مروحيتين تابعتين للنظام في إدلب بأسلحة مضادة للطائرات.
السيناريو الثالث، وهو السيناريو الذي تريد تركيا تجنبه، هو تصعيد مع روسيا. وجود أسلحة مضادة للطائرات على الأرض يثير خطر سقوط طائرة روسية. من المحتمل أن يتخذ الجيش التركي الاحتياطات اللازمة لتجنب مثل هذا التطور الخطير، ولكن بالنظر إلى عمليات النشر المكثفة على الأرض، فهو الأقرب منذ عام 2015 إلى مواجهة مع القوات الروسية.
وختم قبلان تحليله بأن ما سيحدث في إدلب يعتمد كثيرًا على ما تقرر الولايات المتحدة فعله، لكن واشنطن أرسلت حتى الآن إشارات مختلطة إلى أنقرة.
وأضاف أنه مثلما تحاول روسيا إبعاد تركيا عن حلفائها في الناتو، قد تقرر الولايات المتحدة اغتنام الفرصة لفعل الشيء نفسه بضرب التقارب التركي الروسي من خلال دعم العملية التركية في إدلب.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!