ياسين أكتاي – صحيفة يني شفق – ترجمة وتحرير ترك برس
يُعتبر التدخل الذي تقوده السعودية بمشاركة دولة الخليج وباكستان في اليمن عملية في مكانها مع أنها تأخرت، فما جرى في اليمن بعد انسحاب علي عبد الله صالح والتوصل إلى اتفاق عبر المفاوضات والمحادثات، يشبه بما جرى في دول الربيع العربي الأخرى من ثورة مضادة.
كان لتعاون السعودية مع علي عبد الله صالح ليقف في وجه حزب الإصلاح اليمني، وما تبعه لاحقا من تحالف لعلي عبد الله صالح مع الحوثيين، دورا بارزا فيما حصل، وقد كان تحالف الرئيس اليمني السابق مع الحوثيين أمرا مزعجا ومخيّب لآمال النظام السعودي، كما أدى استغلال صالح للدعم السعودي ومن ثم تحالفه مع الحوثيين إلى حرف نقسه وحرق اليمن وإدخالها في حالة من الفوضى.
كان سعي الحوثيين يهدف إلى الاستفادة من الطرق التي فتحها أمامهم عبد الله صالح، من أجل فرض سيطرتهم وحُكمهم على كل اليمن، وما زالوا متمسكين بذلك برغم ظهور بوادر لحرب أهلية. فيما فضّل حزب الإصلاح عدم الوقوف في وجه التحالف بين الحوثيين وعبد الله صالح مكتفيا بدور المتفرج، لأنه كان يُدرك أنّه اذا قام بمقاومة مسلحة لما يجري فسيتم إعلانه كحزب ارهابي من جهة، ولأنه سيكون على شفا حفرة من الهلاك والاضمحلال من جهة أخرى، وبهذه الطريقة قام بحماية نفسه من هذه الأخطار، لكن ذلك منعه أيضا وإلى الآن من أخذ دور بارز في تحديد مستقبل اليمن.
لا يُمكن إنكار حقيقة أنّ ما يجري في اليمن من تدخل عسكري ضد الحوثيين على أنه حرب مذهبية، فما تقوم به إيران –للأسف- في سوريا والعراق واليمن من سياسة ترتكز على الطائفية ونشر التشيّع، كان سببا لخيبة أمل كبيرة في العالم الإسلامي، فقد تحولت الميليشيات الشيعية في العراق وسوريا إلى آلات لارتكاب المجازر والجرائم، وافتخار سليمان قاسم "بوقوع أربعة عواصم عربية سنية تحت السيطرة الشيعية" هو انعكاس لهذا الفكر.
والناظر إلى حال تلك العواصم الأربعة التي وصلها النفوذ الإيراني، يرى حجم الدمار والخراب فيها، لكن الوضع الأكثر مأساوية هو أنْ تفتخر إيران بالسيطرة على تلك المدن دون النظر إلى حالها ووضعها، فهل كانت هذه هي الرسالة التي تحملها الثورة الإسلامية في إيران التي حصلت عام 1979؟
وكما قلنا وتحدثنا في السابق، مهما عبرت إيران عن نصرها لوصول نفوذها إلى تلك العواصم العربية الأربعة، إلا أنّ أحدا لا يستطيع إنكار كيف أنّ هذا "الانتصار" كان انتصارا دمويا، بل كيف أنّ تلك "الانتصارات" كانت سببا في تراجع هيبة وصورة وشعبية إيران في المنطقة، فهي بذلك قد دمرت كل الانطباعات الإيجابية التي كانت تصورها عن نفسها، بينما كانت إيران تحظى بتعاطف من كل العالم الإسلامي قبل أنْ تقود الثورات المضادة لثورات الربيع العربي، وبعد الدمار والخراب الذي حصل في العراق وسوريا واليمن، فقدت إيران كل من كان يقف معها في العالم الإسلامي، عدا المناطق الشيعية.
يجب أنْ يكون هذا الوضع الجديد لإيران محط اهتمام بالغ وعاجل لدى عمائم النظام الإيراني، فلم يُعد هناك أي أحد في العالم الإسلامي يتحدث عن إيران تمثل جبهة تقف ضد المشروع الصهيوني، لأنّ الصهيونية نفسها لم تقم بما قامت به إيران من تدمير وخراب في المنطقة.
لم تكن السياسة التركية تجاه إيران وتجاه الشرق الأوسط في يوم من الأيام مبنية على مبدأ طائفي على الإطلاق، بل بالعكس تركيا كانت ترفض كل توتر وصراع طائفي في المنطقة، وما زالت كذلك، فوقوف تركيا إلى جانب شعب مصر الذي أطاح بمبارك بإرادته، ووقوفها إلى جانب الشعب الليبي الذي أطاح بالقذافي، ودعمها لإرادة الشعب اليمني للإطاحة بعلي عبد الله صالح، لم يجعل البعض يتكلم بقوله "هؤلاء سنة!" لهذا تركيا دعمت الإطاحة بهم!
في هذه الأمثلة كل من أطيح بهم هم من السنة، لكن هذا الجانب لم يُكن مهما على الإطلاق بالنسبة لتركيا، فلا يمكن النظر لمذهب دكتاتور متلطخة يده بدماء شعبه، فهذا الأمر لا يغيّر من الحقيقة شيئا، وحينما ارتكب الأسد أفظع الجرائم الدموية وأصبحت يده متلطخة بدماء شعبه وقفت تركيا ضده أيضا، وحينها بدأت الاتهامات تنصب على تركيا أنها تقف موقفا طائفيا ضد الأسد، لكنهم تجاهلوا وقوف تركيا مع شعوب المنطقة في الإطاحة بزعماء ظلموا شعوبهم مع أنهم سنة.
وهنا يجب أنْ نؤكد أنّ الحراك العسكري الذي تقوده السعودية شكل آلية جديدة للتدخل لحل المشاكل في العالم الإسلامي دون الحاجة إلى تدخل أجنبي.
أين يقف السيسي من هذا التحالف؟
يُقال أنّ مصر لها دور داخل التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، لكن في الحقيقة هناك علامات استفهام كبيرة للدور الحقيقي الذي من الممكن أنْ تضيفه مصر، فدعوة السيسي لبشار الأسد لحضور قمة شرم الشيخ كان هدفها إضفاء شرعية لنظام الأسد، ودخول السيسي في محادثات مع روسيا ومع الحوثيين في الفترة الأخيرة جعل الدور المصري يبقى مبهما في هذا التحالف.
السيسي نفسه الذي لم يسمح بانعقاد اجتماعات لدول التحالف الدولي من أجل الملف السوري، أثبت أنه يقف ضد التحالف الدولي، وفي ذلك رسالة دعم واضحة لنظام الأسد أيضا، وهذا ما جعل الدول الأخرى تنظر إلى السيسي على أنه لا يؤتمن، ومن أجل ذلك يوجد تحفظات عديدة لدخوله هذا التحالف الجاري في اليمن.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس