فراس السقال - خاص ترك برس
إنّ قانون العقوبات الأمريكيّة، أو ما يُعرف بقانون "قيصر" لم يقتصر في فرض العقوبات الاقتصادية على نظام الأسد فحسب، ولكنّه تجاوزه ليصل إلى كلّ حليف داعم له، سواء كان دولة أو مؤسسة أو شخصيّة مدّتْ يد العون لسفاح الشام الذي ارتكب جرائم ومجازر بشعة بحقّ الإنسانيّة.
وقانون العقوبات الأمريكيّة (قيصر) كما أنّه سيؤثر على نظام بشار وأعوانه، أيضاً سيكون له آثار على تركيا، ولكنها مختلفة تماماً عن تلك الآثار، فآثاره ستكون إيجابيّة على تركيا أكثر منها سلبية، ومن جوانب شتى.
وتلعب تركيا اليوم دوراً فعّالاً في المنطقة، فهي بالإضافة إلى أنّها الداعم الرئيس (بعد الله تعالى) للشعب السوري، فهي أيضاً خصم لدود لنظام الأسد، وتجلّى ذلك في المواجهات والمعارك بينهما في إدلب وما حولها، وانسحبت خصومتها على حلفائه أيضاً، على الرغم من أنّها تُظهر غير ذلك، تماشياً مع متطلبات هذه المرحلة من الحكمة، فالخوض في متاهات السياسة ودهاليزها المظلمة يحتاج نفساً طويلاً وعميقاً.
فضرب اقتصاد النظام السوري (الخصم التركي) سيُضعف كيان الأسد اقتصادياً، وقد لاحت معالمه في بداية حزيران الجاري، حيث تجاوز الدولار الواحد اليوم عتبة 3000 ليرة السوريّة، وهذا ممّا يرهق دمشق ويدفعها للتخبط والتنازل والبحث عن مهالك جديدة، منها البحث عن عملة أخرى تتداولها غير الليرة السوريّة والدولار، وهذا سيجعل الليرة تتردى أكثر فأكثر.
وإنّ هذه العقوبات ستشلّ المحركات الداعمة لنظام الأسد (الروسيّة والإيرانيّة والإماراتيّة) وغيرها، سواء كانت دولاً أو كيانات أو أفراداً، ممّا سيجعلهم يتخلّون عن هذا النظام حفاظاً على بقائهم ومصالحهم، فنار تلك العقوبات لا تقتصر العاملين داخل سوريّة، بل ستتعدى الحدود وتلاحقهم في الخارج أيضاً. وضعف تلك الدول يعني ضعف الخصوم التركيّة، التي يُظهر بعضها التآلف مع أنقرة كـ (موسكو وطهران)، والبعض الآخر يظهر لها العداوة جهاراً كـ (أبو ظبي)، وقد أضحتْ هذه الخصومات واضحة في الصراع الدائر على الساحة الليبية.
والذي يبدو أنّ قانون "قيصر" سيفتح أسواقاً جديدة لليرة التركية في الشمال السوري، وأظنّ أنّ مشروع تبديل العملة السوريّة بالتركيّة يشغل كثيراً من المختصين الاقتصاديين والسياسيين السوريين والأتراك حالياً، وخاصّة بعد تدهور عملة النظام السوري فور تفعيل قانون "قيصر"، بل بدأت بعض المناطق السورية تنفيذ تعويم العملة التركيّة تدريجياً، فقد قررتْ أفران المؤسسة العامّة للحبوب التابعة للحكومة السورية المؤقتة في الشمال بيع الخبز بالليرة التركيّة، وهذا ما سيزيد الطلب عليها، بالتالي سيؤدي إلى ارتفاع قيمة الليرة التركيّة، ولتسهيل ضخّ هذه العملة وسهولة التعامل بها، يحتاج إلى فتح البنوك التركيّة فروعاً في الأراضي السورية، ممّا يؤدي إلى نمو في الاقتصاد التركي.
ومن آثار هذا القانون أنّه سيؤدي إلى زيادة الطلب على المنتجات التركيّة، وارتفاع حجم التبادل التجاري بين تركيا والحكومة السورية المؤقتة في الشمال السوري، وهناك مؤشرات إلى أنّ كثيراً من التجار السوريين يفكرون في استثمار أموالهم في الأسواق التركية فهي البديل الأمثل في هذا الوقت من حيث النمو والأمان والراحة.
والذي سيزيد في تدهور اقتصاد النظام، ونمو اقتصاد الشمال السوري المحرر والاقتصاد التركي أيضاً، هو تحرك الحكومة السوريّة المؤقتة متمثلة بجيشها الوطني ودعم من تركيا بتجفيف منابع الخيانة والغدر في شمال سورية وشرقها، وذلك بشلّ حركة المعابر التي تُهرّب منها البضائع من مناطق النظام إلى الشمال السوري وبالعكس، عبر بعض الكيانات والهيئات السوريّة، التي تفتح معابرها التجاريّة مع الأسد، فتدعمه بالقمح والنفط وغيرهما، محاولة بطريقة أو أخرى إنعاش نظامه وإنقاذه، فسدُّ هذه المعابر وضرب تلك الأيدي العابثة بمصير الشعب السوري، من أولى الأولويات في هذه المرحلة، حيث ستجعل قانون قيصر يُحكم الخناق الاقتصادي على نظام الأسد مما يعجّل في نفوقه.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس