ترك برس
تحت هذا العنوان نشر موقع Politics Today مقالًا للباحث الإيطالي ميكيل أنجلو جويدا، رأى فيه أن من مصلحة إيطاليا أن تبحث عن حل وسط مع تركيا في ليبيا، ولكن هذا يحتاج إلى قرارات شجاعة من القيادة الإيطالية.
يشرح جويدا في مقدمة مقاله الأهمية التي تمثلها ليبيا لإيطاليا، فالهجرة غير النظامية والطاقة والأمن هي المصالح الإيطالية الرئيسية الثلاثة في ليبيا.
وفيما يتعلق بالطاقة أوضح أنه على الرغم من سياسات تنويع واردات الطاقة منذ أوائل السبعينيات، لا تزال ليبيا تضطلع بدور مهم في سياسة الطاقة الإيطالية بسبب كمية النفط المستورد، والجودة الاستثنائية للنفط الخام الليبي، وخط أنابيب الغاز تحت سطح البحر" جرين ستريم" الذي نفذه عملاق الطاقة الإيطالي "إيني" عام 2004.
تتصدر قضية الهجرة الجدل السياسي في إيطاليا أيضًا. ويأتي معظم المهاجرين غير الشرعيين الذين يدخلون البلاد من شواطئ ليبيا. وقد خلقت القضية توترات هائلة على الصعيد المحلي، إذ ضغطت الكنيسة الكاثوليكية من أجل سياسة الحدود المفتوحة، لكن اليمين الإيطالي يبني الكثير من خطابه الشعبوي على وقف الهجرة بكل الوسائل.
وأضاف أن خطر الإرهاب من ليبيا، إذن، حقيقي بالتأكيد في نظر الأجهزة الأمنية الإيطالية، وفي هذا الصدد ظهرت داعش أيضًا في الدولة الواقعة شمال إفريقيا وكان دور التحالف الدولي حاسمًا في إلحاق الهزيمة بها.
الآفاق المستقبلية
ويستنتج الباحث أن أولوية وزير الخارجية، لويجي دي مايو، هي توفير الاستقرار في البلاد، وتوفير الأمن، وتدفق النفط والغاز الطبيعي، واحتواء الهجرة غير النظامية.
بالنسبة لروما، فإن الخيار المثالي هو التوصل إلى تسوية سياسية بين الأطراف المتنازعة والحفاظ على وحدة البلاد. ولكن في ظل الوضع الحالي، حيث انحازت الجهات الفاعلة الإقليمية والعالمية المختلفة إلى الجماعات المتعارضة، يبدو الخيار بعيدًا.
ورأى الباحث أن التدخل التركي لصالح حكومة الوفاق الوطني قلل فرص الدور الإيطالي وخلق وضعًا يشبه، من وجهة نظر روما، المراحل الأولى من الأزمة السورية التي لا تنتهي. ونتيجة لذلك، تواجه إيطاليا الآن خيارًا صعبًا في القيام بدور قيادي يعارض أنقرة أو يتعاون معها.
وأضاف أن وزير الخارجية الإيطالي حاول في البداية تقليل اعتماد حكومة الوفاق الوطني على أنقرة من خلال دور أكثر نشاطًا واستقلالية، لكن هذا لا يعني حدوث تحول جذري في السياسة الخارجية الإيطالية، ونشرها مواردها العسكرية والاقتصادية في ليبيا، بسبب ثلاثة عناصر مقيدة.
أولاً، يجب أن تتمتع خيارات السياسة الخارجية بالدعم المحلي. لكن الإعلام الإيطالي يواصل متابعة الأزمة الليبية بشكل متقطع وبدون اهتمام. كما يستنكر الرأي العام الإيطالي أيضًا استعمال القوة العسكرية كأداة للسياسة الخارجية.
ثانيًا، تتركز سياسة الدفاع الإيطالية، كما جاء في الكتاب الأبيض لوزارة الدفاع الإيطالية، على المنطقة الجيوسياسية الأوروبية الأطلسية وعلى المنطقة الجيوسياسية الأورومتوسطية. وفي حين أن الأمن الأوروبي الأطلسي مضمون من قبل الناتو والاتحاد الأوروبي، فإن المنطقة الأورومتوسطية تتسم بالفوضى وتعاني عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والمنافسة داخل الدولة.
وعلى الرغم من أهمية هذه المنطقة، فمن غير المرجح أن تتمكن القوات المسلحة الإيطالية من التدخل في المنطقة الأورومتوسطية خارج سيناريو المهمة التي تقودها الولايات المتحدة - وهو أمر لا تفكر فيه إدارة ترامب.
ثالثًا، تمتلك إيطاليا موارد اقتصادية صغيرة نسبيًا للاستثمار في ليبيا أو لممارسة الضغط.و بسبب الدين العام الضخم وضعف أداء اقتصادها، لا تستطيع البلاد تحمل استثمارات كبيرة في الخارج. ومن غير المرجح أيضًا أن تشارك الشركات الكبرى مثل FIAT أو UniCredit التي كانت فاعلًا مهمًا في السياسة الخارجية الإيطالية في ليبيا وشرق البحر الأبيض المتوسط .
وبسبب هذه القيود الثلاثة، وحتى لا تفقد دورًا في شمال إفريقيا، يجب أن تنظر إيطاليا في حل وسط مع تركيا التي نشرت موارد هائلة في ليبيا، لكن هذا الحل الوسط قد يحتاج إلى قرارات شجاعة، لأن التحالف بين روما وأنقرة قد يؤدي إلى الإضرار بالعلاقات مع فرنسا واليونان ومصر.
وختم جويدا مقاله بأن إيطاليا تبدو في الوقت الحالي في طريق مسدود في ليبيا، ولن يتمكن ويزر خارجيتها الشاب من تغيير السياسة الخارجية الإيطالية لأنه يفتقر إلى الدعم السياسي القوي.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!