ترك برس
كان ولا يزال جامع "آيا صوفيا" حاضراً بقوة في الأدب التركي، على اختلاف توجهاته الأيديولوجية، المحافظة واليسارية والقومية.
وخلال كلمة موجهة للشعب ألقاها عقب قرار قضائي تركي بإعادة "آيا صوفيا" إلى مسجد، استشهد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بأبرز أبيات وقصائد الأدب التركي، والتي احتفت بالمعبد التاريخي.
واستشهد أردوغان في كلمته، بالشاعر التركي الراحل عثمان يوكسل سردنغتشي، الذي حكم عليه بالإعدام مطلع ثمانينيات القرن الماضي بسبب نضاله لإعادة فتح آيا صوفيا مسجدا جامعا.
ويوكسل سياسي وصحفي وشاعر ورئيس تحرير المجلة التي اكتسب اسم شهرته الأخير منها (سردنغتشي) وصدر منها 33 عددا أثناء سجنه، واشتهر بدفاعه عن نفسه في المحكمة التي حكمت بإعدامه، وقال لهيئة الإدعاء "لقد أحضر المدعي هذه القضية إلى المكان الخطأ وكان من الأفضل لو أرسل الملف إلى اليونان.. هذه المقارنة تدفعني للجنون.. يبدو كأنني أرى ممثلا لأثينا وليس تركيا مسلما في النيابة في هذا البلد الذي نجا بجهد الدين والإيمان، بلد الشهداء والمحاربين القدامى، لماذا يعتبر صوت ضميرنا وإيماننا وتاريخنا جريمة؟".
وفي قصيدته الشهيرة التي اقتبس منها أردوغان، يقول الشاعر التركي في نص حوكم وأعدِم بسببه: "آيا صوفيا! أيها المعبد العظيم، لا تقلق سيحطم أحفاد الفاتح كل الأصنام، ويحولونك إلى مسجد، ويتوضؤون بدموعهم ويخرون سجدا بين جدرانك، وسيصدح التهليل والتكبير ثانية بين قبابك، وسيكون هذا الفتح الثاني، وسيكتب الشعراء عنه الملاحم، وسيصدح الأذان من جديد وأصوات التكبير من تلك المآذن الصامتة اليتيمة، وستتوهج شرفات مآذنك بالأنوار تقديسا لله وشرف نبيه، حتى إن الناس سيظنون أن الفاتح بعث من جديد. كل هذا سيحدث يا آيا صوفيا، والفتح الثاني سيكون بعثا بعد موت، هذا أمر أكيد لا تقلق، وهذه الأيام باتت قريبة، ربما غدا أو أقرب من غد".
وفي كلمته المتلفزة بعد توقيع قرار تحويل آيا صوفيا إلى مسجد جامع، قال الرئيس التركي "لقد حظي آيا صوفيا بمكانة بين الأدباء والشعراء، إذ سبق للدبلوماسي والشاعر التركي يحيى كمال بياتلي أن كتب مقالا عام 1922، قال فيه: هذه الدولة لها أساسان معنويان: أولهما الأذان من مآذن آيا صوفيا والتي ما زالت تصدح، والثانية تلاوة القرآن الكريم أمام الخرقة الشريفة (بردة النبي الكريم في قصر طوب كابي في إسطبنول) وهي ما زالت تتلألأ".
وأضاف "أنّ معظم أصحاب الفكر والفنانين كتبوا في مسألة ما آلت إليه الأمور في آيا صوفيا، بحرمانها من العبادة"، وفقاً لما نقلته شبكة الجزيرة القطرية.
ومما كتب في هذا الشأن أشعار كتبها أدباء أتراك، تغنوا بآيا صوفيا من خلال جعله أيقونة لفتح إسطنبول، كالكاتب والشاعر والمفكر التركي نجيب فاضل قصاكورك، عندما قال "من تراودهم المخاوف ببقاء الأتراك في هذا الوطن.. هم أنفسهم الذين تراودهم الشكوك من إعادة فتح آيا صوفيا للعبادة من جديد".
ومن شعر ناظم حكمت عندما تغنى بفتح إسطنبول، قائلا "إنه أمجد أيام الإسلام المرتقبة/ غدت إسطنبول الترك، من بعد قسطنطينية الروم/ فتح إسطنبول في 8 أسابيع و3 أيام/ سلطان الترك، ممتطيا جواده البري/ وعلى رأس جيش تحدى الدنيا، دخل من باب أدرنة/ طوبى لذلك العبد المبارك لله/ السلطان الذي فتح البلدة الطيبة/ الحق أحلّ علينا أكبر نعمه/ وأقام صلاة العصر في آيا صوفيا".
كما أن المؤرخ والشاعر القومي التركي نهال أتسيز، قال عندما سئل: إذا أتيتم للدنيا من جديد ماذا تريدون أن تصبحوا؟ فأجاب: "أريد أن أكون إماما لآيا صوفيا"، بحسب الكلمة التي ألقاها الرئيس التركي.
وكذلك المؤرخ التركي العالمي خليل إينالجيق، حينما قال إن "الغرب لم ينس مطلقا فتح إسطنبول ولا آيا صوفيا"، وكان يقصد أن مسألة آيا صوفيا والفتح تتجاوز كونها مسألة سياسية.
وفي هذا الصدد أيضا قال الروائي التركي بيامي صفا إن "تحويل آيا صوفيا إلى متحف، لم يقوض الآمال المسيحية تجاه مدينة إسطنبول، بل على العكس، زاد من جسارتها وحرصها".
واعتبر أردوغان أنه "لا شك أن أفضل ما كتب من شعر عن آيا صوفيا، هو للشاعر التركي نهال آسيا".
والجمعة، ألغت المحكمة الإدارية العليا التركية، قرار مجلس الوزراء الصادر في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 1934، القاضي بتحويل "آياصوفيا" من مسجد إلى متحف.
وأكدت المحكمة الإدارية، أنها درست القضية من حيث التشريعات ذات الصلة، والمحكمة الدستورية، والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.
ويعد "آيا صوفيا" صرحا فنيا ومعماريا فريدا، ويقع في منطقة "السلطان أحمد" بمدينة إسطنبول، واستخدم لمدة 481 عاما مسجدا، وتم تحويله إلى متحف عام 1934، وهو من أهم المعالم المعمارية في تاريخ الشرق الأوسط.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!