ترك برس
عقب قرار القضاء التركي بإعادة فتح "آيا صوفيا" بمدينة إسطنبول كمسجد؛ ألقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خطاباً استعرض فيه تاريخ إسطنبول وآيا صوفيا، تطرق فيها إلى العديد من الجوانب المتعلقة بالصرح التاريخي، أبرزها سرد تاريخه وكيفية تحويله إلى مسجد على يد فاتح إسطنبول، السلطان العثماني محمد الفاتح.
واعتبر أردوغان أن فتح إسطنبول وتحويل "آيا صوفيا" إلى مسجد من بين أنصع صفحات التاريخ التركي؛ فبعد حصار طويل يدخل السلطان محمد الفاتح مدينة إسطنبول فاتحا في 29 مايو/أيار 1453، ويتوجه مباشرة إلى آيا صوفيا. وعندها ساور السكان البيزنطيون الخوف والقلق بانتظار مصيرهم داخل آيا صوفيا، لكن الفاتح أعطاهم الأمان على حياتهم وحرياتهم.
وتابع أردوغان "ثم يدخل (محمد الفاتح) آيا صوفيا، ويغرس رايته كرمز للفتح في المكان الذي يوجد فيه المحراب، ويرمي سهما باتجاه القبة، ويصدح بأول أذان داخله، وهكذا يسجل فتحه، ينتقل بعدها إلى أحد زوايا المعبد فيسجد سجدة شكر ثم يصلي ركعتين، وبتصرفه هذا يكشف عن تحويل آيا صوفيا إلى مسجد. السلطان محمد الفاتح عاين بدقة المعبد الذي يعد لؤلؤة إسطنبول من أرضيته إلى سقفه".
وأورد المؤرخون أن السلطان محمد الفاتح تلا بيتين من الشعر عند وقوفه أمام منظر الخراب الذي حل بالصرح، قال فيهما "عنكبوت ينسج ستارة في قصر قيصر.. وبومة تحرس في برج أفراسياب."
وتابع أردوغان "نعم، هكذا تسلم السلطان محمد الفاتح مدينة إسطنبول وآيا صوفيا، حيث كانتا مدمرتين وخرابتين متداعيتين"، مضيفاً: "آيا صوفيا" التي تسلمها الفاتح، كانت بنيت للمرة الثالثة على أطلال كنيستين دمرتا وحرقتا خلال فترة الاضطرابات".
وافتتح السلطان "آيا صوفيا" للعبادة بعد 3 أيام من فتح المدينة، عبر جهد مضن بذله ليقيم صلاة الجمعة فيه، ولما دخل المسجد مع جيشه ومسؤولي الدولة صدحت التكبيرات والصلوات في استقباله، وخطب الجمعة في ذلك اليوم، وصلى شيخه "آق شمس الدين" صلاة الجماعة.
وعندما فتح السلطان إسطنبول حصل أيضا على لقب الإمبراطور الروماني، وبالتالي أصبح مالكا للعقارات المسجلة باسم الأسرة البيزنطية. ووفقا لهذا القانون، تم تسجيل آيا صوفيا باسم محمد الفاتح والوقف الذي أسسه، كما صدرت في فترة الجمهورية نسخة رسمية من سند الملكية المعد بالأحرف الجديدة (التي تكتب بها التركية الحالية)، ليسجل وضعه القانوني بشكل رسمي.
وقال أردوغان "لولا أن آيا صوفيا ملك السلطان محمد الفاتح، لما كان له الحق في تكريس هذا المكان بشكل قانوني"، وفقاً لما نقله تقرير لشبكة الجزيرة.
ويقول السلطان محمد الفاتح، في واحدة من مئات صفحاته الوقفية التي يرجع تاريخها إلى الأول من يونيو/حزيران 1453 ما يلي:
"أي شخص قام بتغيير هذه الوقفية التي حولت آيا صوفيا إلى مسجد، أو قام بتبديل إحدى موادها، أو ألغاها أو حتى قام بتعديها، أو سعى لوقف العمل بحكم الوقف الخاص بالمسجد من خلال أي مؤامرة أو تأويل فاسق أو فاسد، أو غيّر أصله، واعترض على تفريعاته، أو ساعد وأرشد من يقومون بذلك، أو ساهم مع من قاموا بمثل هذه التصرفات بشكل غير قانوني، أو قام بإخراج آيا صوفيا من كونه مسجدا، أو طالب بأشياء مثل حق الوصاية من خلال أوراق مزورة، أو سجله (المكان) في سجلاته عن طريق الباطل أو أضافه لحسابه كذبا، أقول في حضوركم جميعا أنه يكون قد ارتكب أكبر أنواع الحرام واقترف إثما.
ومن غيّر هذه الوقفية شخصا كان أو جماعة، عليه أو عليهم إلى الأبد لعنة الله والنبي والملائكة والحكام وكل المسلمين أجمعين، ونسأل الله ألا يخفف عنهم العذاب، وألا ينظر لوجوههم يوم الحشر، ومن سمع هذا الكلام، وواصل سعيه لتغيير ذلك، سيقع ذنبه على من يسمح له بالتغيير، وعليهم جميعًا عذاب من الله، والله سميع عليم".
واعتبارا من السلطان محمد الفاتح، سعى كل سلطان عثماني إلى إضفاء مزيد من الجمال على مدينة إسطنبول وعلى "آيا صوفيا"، التي عرفت مع مرور الزمن بمسجد المدينة الكبير، بعد الإضافات التي ألحقت بها من أطرافها، لتغدو مجمعا يقدم خدماته للمؤمنين عبر العصور.
وقال أردوغان إن "آيا صوفيا" شهدت أعمال ترميم وصيانة متكررة، لتبدو بهذا الجمال، ولتغدو قرة عين الشعب التركي. وحتى اسمها الذي يعني "حكمة الرب" أبقي كما هو ولم يتم تغييره. وكما هو واضح، إن أجدادنا لم يكتفوا بتحويل هذا المعبد إلى مسجد بعد أن كان أطلالا لدولة متداعية آيلة للسقوط، بل أحيوه من جديد وأعلوا شأنه".
واعتبر الرئيس التركي أن "آيا صوفيا" أمانة تركها السلطان الفاتح، وتحولها إلى مسجد بعد 86 عاما "ما هو إلا انتفاضة جديدة متأخرة، وهذا المشهد بمثابة أجمل رد على الاعتداءات والهجمات الوقحة التي تستهدف قيمنا الرمزية في كافة أنحاء العالم الإسلامي".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!