ترك برس
تضم مناطق الشمال السوري المحررة من سيطرة النظام، عدداً من فروع جامعية تركية، ذات تخصصات مختلفة.
وكانت جامعة غازي عنتاب التركية أعلنت يوم 4 أكتوبر/تشرين الأول 2019 افتتاح ثلاث كليات تابعة لها في ريف حلب شمالي سوريا بقرار من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ونص على إنشاء كلية العلوم الإدارية والاقتصادية بمدينة الباب، وكلية التربية في عفرين، وكلية العلوم الإسلامية في أعزاز.
ويواصل الطلاب السوريون تعليمهم في الفروع الجامعية هذه، ليحصلوا بعد إتمامها على شهادة جامعية تعادل تلك التي يحصل عليها الطلاب الأتراك في جامعات بلادهم، فضلاً عن أنها معترف بها دولياً.
حيان الدمشقي، نازح من جنوب دمشق يواصل دراسته الجامعية في كلية الاقتصاد ضمن فرع جامعة غازي عنتاب التركية بمدينة الباب شمالي سوريا، حاملا آمالا وطموحا كبيرين باستكمال دراسته العليا والحصول على أعلى الشهادات الدراسية، رغم الظروف القاسية التي مر بها خلال السنوات القليلة الماضية.
حيان (25 عاما) الذي نزح ضمن حملة التهجير القسري من دمشق في عام 2018، تعذر عليه الحصول على شهادة ثانوية مرتين، الأولى جراء النزوح من بلدته، والثانية جراء تعرضه للاعتقال من قبل النظام السوري، بحسب ما نقله تقرير لموقع الجزيرة نت.
ويقول حيان إن عائلته متعلمة وتحب العلم حيث درس منهاج الشهادة الثانوية مجددا في مناطق المعارضة شمالي سوريا، ليحصل على معدل يتجاوز 80%، مما خوله الولوج إلى فرع جامعة غازي عنتاب بمكان نزوحه الجديد بمدينة الباب.
ويعرب حيان عن اعتقاده بأن خيار الدراسة في فروع الجامعة التركية بالشمال السوري هو الخيار الأفضل له ولزملائه لأسباب عدة، أبرزها الاعتراف الدولي بشهادتها، والمناهج التي تدرس باللغة العربية، فضلا عن مجانية التعليم في هذه الجامعة.
إلا أن الشاب النازح من دمشق يواجه صعوبات تعترض مسيرة دراسته، كما يقول، فالدوام إلزامي بنسبة 70% مما يمنعه من العمل والدراسة في آن واحد كي يستطيع تأمين مصروفه الشخصي في حياته الجامعية، إضافة إلى مسألة الدراسة وإجراء الامتحانات عن بعد جراء جائحة كورونا، حيث يعاني من ضيق وقت الامتحان وضعف شبكة الإنترنت.
من جانبه، يقول الدكتور في كلية الاقتصاد بمدينة الباب راسم إيبش إن المجالس المحلية كانت تطالب بافتتاح فروع لها في منطقتي غصن الزيتون ودرع الفرات لردم الفجوة التعليمية، نتيجة انقطاع الطلاب عن التعليم منذ انطلاق الثورة السورية في عام 2011 وحتى اليوم، حيث كانت المنطقة بحاجة لهذه المؤهلات العلمية.
ويبين إيبش أن عدد الطلاب السوريين في الجامعات التركية بالشمال السوري في العام الدراسي الواحد أكثر من 700 طالب، ومن المتوقع أن يرتفع العدد العام القادم مع افتتاح المزيد من الفروع والأقسام لجامعة غازي عنتاب.
وعن القيمة العلمية للشهادة التي يحصل عليها الطالب في الشمال السوري، أكد إيبش أنها تماثل الشهادة التي يحصل عليها الطلبة الأتراك في الجامعة الأم بولاية غازي عنتاب، ومعترف بها عالميا وتخوّل حاملها العمل في كافة الوظائف والأماكن التي يرغب فيها.
ويصف إيبش الفريق التدريسي بأنه فريق متميز ومن ذوي الكفاءات العلمية العالية المتخرجة من الجامعات السورية والغربية، غير أن المدرسين يواجه صعوبة في التنقل بين المدن التي توجد فيها الكليات.
ويواجه الطلبة السوريون في الشمال السوري الخاضع لسيطرة المعارضة صعوبة في الدخول إلى تلك الجامعات والحصول على مقعد دراسي فيها، إذ يجب على الطالب الحامل للشهادة الثانوية السورية أن يخوض امتحان "اليوس"، وهو بمثابة تعديل لتلك الشهادة.
وامتحان اليوس عبارة عن 80 سؤالا معظمها في مادة الرياضيات في الجبر والهندسة، إضافة إلى قسم من أسئلة اختبار الذكاء، في حين يمنح الطالب مدة 135 دقيقة لحل الأسئلة، وعليه أن يختار لغة الامتحان بالتركية أو بالإنجليزية.
ويشير طلبة يحملون شهادات الثانوية بالفرع الأدبي إلى صعوبة اجتيازهم هذا الامتحان، كونه يعتمد بالدرجة الأولى على مستوى الطالب بالعلوم الرياضية من الجبر والهندسة، مما يصعب عليهم مهمة خوض هذا الامتحان السابق للتسجيل في فروع الجامعات التركية.
يقول عمار الأحمد، وهو شاب نازح من ريف حمص إلى ريف حلب، إنه يحمل شهادة الثانوية الفرع الأدبي ويحلم باستكمال دراسته الجامعية في مناطق المعارضة بجامعة معترف بها دوليا، لكن حلمه اصطدم بامتحان اليوس كونه لا يمتلك معرفة كافية بالرياضيات لخوض الامتحان.
ويضيف الأحمد أن دراسة اليوس في الشمال السوري مكلفة بعض الشيء وتحتاج مدة زمنية كبيرة قد تتجاوز العام كي يتمكن من استيعاب المنهاج ويصبح قادرا على حل الأسئلة، إضافة إلى قلة المراكز المتخصصة وعدم كفاءة معظم فرقها، حسب قوله.
جدير بالذكر أن الجيش التركي كان قد طهّر مناطق في الشمال السوري من عناصر تنظيمي داعش و"ي ب ك/بي كا كا" الإرهابيين، من خلال عمليات درع الفرات، وغصن الزيتون ونبع السلام، ليسلّمها إدارتها لاحقاً لمجالس مدنية سورية يتم اختيارهم من أبناء المنطقة نفسها، في خطوة لتأمين إدارة السوريين مناطقهم بأنفسهم.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!