ندرت أرسنال – صحيفة يني شفق – ترجمة وتحرير ترك برس
تسعى تركيا من خلال زيارة اردوغان الأخيرة لإيران، إلى إيجاد موقف مشترك بين أنقرة وطهران فيما يتعلق بالأحداث الحاصلة في كل من سوريا واليمن، وهنا لا يجب أنْ نخلط الأمور، فدعم تركيا للتدخل العسكري في اليمن بقيادة السعودية، وتوجهها إلى إيران بعد ذلك وإبرام اتفاقيات تعاون اقتصادي ليس أمرا متناقضا، فهذا ما يُسمى بفن الدبلوماسية وهذا ما تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية أيضا تجاه ملفي إيران واليمن.
وهنا لا بدّ من الاستدلال بتصريح رئيس الجمهورية الإيرانية روحاني، عندما قال "نحن الدولتان، نؤمن وندرك ضرورة إنهاء الحرب والمجازر في اليمن بصورة فورية".
علينا تعلّم التفكير بإطار واسع وبصورة معمقة حتى نرى الخارطة كاملة، فعلينا النظر إلى المحادثات التي جرت في موسكو بين بوتين وبين تشيبراس رئيس الوزراء اليوناني المتعلقة بالطاقة، جنبا إلى جنب مع اجتماعات وزراء خارجية دول المجر وصربيا واليونان ومقدونيا للتعاون مع تركيا في مجال الطاقة، كما يجب إضافة ما يحصل في قبرص من محادثات ومفاوضات بين الأتراك والروم إلى المشهد، دون إهمال طلب إيران الانضمام لخط TANAP للغاز الطبيعي، ومع اكتمال الجغرافيا المغلقة المتبقية سنرى منطقة محاطة بخط طاقة عملاق، وكل هذا يتم في الزمن الذي تقترب فيه تركيا من انتخابات هامة، مما يجعلها تبقى تحت الضغط.
لا بدّ من التأكيد على أنّ كل تعاون بين إيران وتركيا سيكون تعاونٌ استراتيجي بين دولتين دون النظر إلى الاستقطاب السني والشيعي، وربما ينضم إلى هذا الإطار السعودية أيضا، وهنا يجب على إيران أنْ لا تتخذ موقفا معاديا من الرياض بصورة أبدية.
انظروا إلى حجم الانتقادات التي تعرضت لها تركيا من قبل التحالف في اليمن وخصوصا من الرياض وإسلام أباد، بسبب علاقة تركيا بإيران، وهنا لا بد من التأكيد على أنّ إيران تسعى لتحقيق مصالحها الإستراتيجية هي الأخرى، كما تسعى للحفاظ عليها.
لكن زيارة وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف إلى عُمان وباكستان كانت مهمة جدا ضمن هذا الإطار، فسبب زيارة جواد إلى سلطنة عُمان وتحديدا بعد المحادثات النووية التي جرت في لوزان، سبب تلك الزيارة أنّ عُمان فتحت أبوابها قبل عامين لإجراء محادثات سرية بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية وأبقت ذلك بعيدا عن الرياض، فالحقيقة أنّ تصرفات عُمان معاكسة للنظام السعودي ولدول الخليج التابعة لها، وهي أقرب لطهران منهم.
وربما يكون أحد أسباب التقارب بين أنقرة وطهران، هو وجود دولة كعُمان قد تكون وسيط بين الأطراف في اليمن. نعم، ربما يكون الحديث عن ذلك مبكرا، لكن دعونا نشير إلى ذلك، كما أنّ دعوة عُمان "لوقف إطلاق نار إنساني" قد يكون دليلا على ذلك.
بعد ذلك توجه وزير الخارجية التركي إلى باكستان، وهذه الزيارة هامة، لما توحي إليه من تكوين مثلث قوة بين أنقرة والرياض وإسلام أباد، ودعوني أكتب كيف فهمت إيران تلك الزيارة:
بالنسبة لإيران فإنّ موقف باكستان مما يجري في اليمن هو مسألة حياة أو موت، فبقاء باكستان بعيدة عن القضية اليمنية، سيجعل –حسب وجهة النظر الإيرانية- السعودية تواجه صعوبات جمة في استمرار حربها في اليمن.
وهنا يجب أنْ نعرف موقف باكستان وقرارها، أو نسأل كيف كانت وكيف مضت محادثات وزير الخارجية جواد ظريف في إسلام أباد، فبعد 5 أيام من اجتماعات البرلمان الباكستاني قرر "عدم إرسال قوات عسكرية إلى اليمن".
والآن هل نستطيع القول أنّ السعودية خسرت؟ ليس إلى هذا الحد، فما قالته باكستان بالضبط:"إسلام أباد جاهزة للدخول في الحرب كتفا بكتف إلى جانب السعودية في حال تعرض الأراضي السعودية لأي خطر"، لكن دعونا نعرف تفاصيل اتخاذ باكستان لقرار عدم المشاركة، فلمعرفة كل المشهد علينا أنْ نقرأ الخبر التالي بتمعن:
"خلال الجلسة المشتركة لمجلس البرلمان الباكستاني، أعرب رئيس الوزراء الباكستاني نافاز شريف عن أنّ باكستان تنتظر قرار تركيا ومحادثاتها مع كل من السعودية وإيران من أجل اتخاذ قرار نهائي بخصوص مشاركة باكستان في حملة عاصفة الحزم".
وهنا نتساءل هل كانت زيارة وزير الخارجية التركي إلى باكستان سببا في اتخاذ قرار عدم المشاركة، أم أنّ هناك اتصالا هاتفيا جرى بين أنقرة وإسلام أباد؟ لا نعلم!
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس