جلال بكار - خاص ترك برس
يتساءل كل من في تركيا في هذه الأيام ما السبب خلف هذا الارتفاع الحاد لأسعار السيارات المستعملة في البلاد، ومع استمرار قيمة السيارات هل بات هدف شراء سيارة في تركيا حلم!؟
لنبدأ من هنا لتوضيح الأمور أكثر، مع اشتداد أزمة جائحة كورونا وبلوغها ذروتها في منتصف شهر آذار/ مارس الماضي خيّمت الضبابية على الكثير من القطاعات في البلاد وأصبح عنوان المرحلة حينها "المجهول"، والسؤال الأبرز أصبح يتمحور حول مستقبل الاقتصاد في البلاد وبدأت مرحلة من الخوف، خوف من نقص الموارد الأساسية للإنسان وعلى رأسها المواد الغذائية ومن بعدها الخوف من تضرر قطاع الخدمات، وحتى هذه المرحلة كانت أسعار السيارات المستعملة ما تزال ضمن الحدود الطبيعية.
مع نهاية شهر نيسان/ أبريل وبداية انكشاف مخاطر هذا الفيروس والانتهاء من ذروته عادت العجلة الاقتصادية للدوران بشكل بطيء، من بعد دعم الدولة للعمل في قطاعين داخليين أساسيين وهما العقارات والسيارات، الأمر الذي أدى بشكل مباشر لانتعاش المؤشرات الاقتصادية بوتيرة أسرع وخفف من حدة الخسائر المتوقعة بسبب جائحة كورونا على الاقتصاد التركي، وخاصة إن الحكومة التركية تعتمد بشكل مباشر على القطاع السياحي الذي توقف بشكل كامل في مرحلة ذروة الوباء وسط عدم اليقين من مخاطر كورنا حول العالم والتي ألحقت الضرر الكبير في قطاع الطيران والذي يقدر بنحو 84.3 مليار دولار حول العالم بحسب تقديرات الاتحاد الدولي للنقل الجوي، ولهذا اعتمدت تركيا في استراتيجتها الاقتصادية على عدة بدائل، منها تعزيز الصادارات على مستوى القطاعين الغذائي والطبي هذا فيما يخص التحرك إلى الخارج، أما لتحريك عجلة الاقتصاد الداخلي بدأت التحركات من خلال البنوك التركية بفتح أبواب الاقتراض والتسهيلات من الدولة بشكل مباشر عن طريق التخفيضات الضريبية ودعم المواطنين لاقتراض النقود بنسب فائدة متدنية جدًا لا تصل إلى 1٪، وبداية استرجاع القروض يختلف باختلاف السلعة من سنة إلى ثلاث سنوات، وهذا الدعم شمل قطاع السيارات والقطاع العقاري والزراعي والقطاع الطبي.
وبالنظر إلى الأسباب المباشرة لارتفاع أسعار السيارات المستعملة، وتفاوت ارتفاع القيمة بحسب نوع السيارة وسنة تصنيعها، نرى أنه لم يكن هناك رقم موحد أو نسبة ثابتة لارتفاع قيمة السيارات، وهو ما أربك السوق بشكل أكبر وأصبح المؤشر الأكثر بروزًا هو رفاهية السيارة، بحيث ارتفعت نسبة الزيادة طردًا وفقًا لمستوى الرفاهية، إلا أن نسب الارتفاع بشكل عام بلغت نحو 25٪ إلى 45٪ باختلاف نوع ومواصفات السيارة واختلاف حزمة القروض وفقًا لكل سيارة.
وكذلك لعب ارتفاع العرض والطلب دورًا رئيسيًا٬ حيث تجاوزت حركة السوق التوقعات لتصل إلى 700 ألف عملية بيع وشراء حتى نهاية 2020.
كما أن القروض المقدمة من البنوك لا تشمل السيارات الجديدة وإنما فقط السيارات المستعملة، وفي منتصف العام توقفت أكثر من 83٪ من المصانع المنتجة للسيارات على مستوى العالم لمده أكثر من شهرين، وهذا زاد مخاوف تجار السيارات من فقدان القدرة على الحصول على سيارات جديدة.
ومع تحرك عجلة السياحة الداخلية بشكل كبير مع بداية شهر حزيران/ يونيو، ومخاوف الاختلاط بسبب كورونا في التنقل من خلال وسائل النقل في الطائرات والحافلات، ارتفعت رغبة المواطنين الأتراك والأجانب باقتناء سياراتهم الخاصة.
تذبذب الليرة التركية مقابل العملات الأجنبية بسبب المضاربات الخارجية أسهم أيضًا بارتفاع قيمة السيارات.
وتجدر الإشارة إلى هذا الارتفاع لم يقتصر على تركيا فحسب، فمثلًا على الصعيد الأوروبي ارتفعت أسعار السيارات المستعملة بنسبة تقدر بنحو 9٪، وأيضا ارتفعت أسعار السيارات المستعملة في المغرب بأكثر من 16٪، وفي البرازيل ارتفعت لأكثر من 22٪، وغيرها من الدول المشابهة للاقتصاد التركي.
اليوم تشير التوقعات وبحسب البيانات التحليلية إلى أن أسعار السيارات المستعملة سوف تصل ذروتها في نهاية الشهر القادم، ومع بداية شهر كانون الأول/ ديسمبر سيبدأ الهبوط التدريجي لأسعار السيارات لعدة أسباب، وأهمها القرب من بداية النهاية لجائحة كورونا، وانتهاء العروض المقدمة من البنوك فيما يخص القروض ذات الفوائد المنخفضة، وعودة معامل السيارات للإنتاج بالطاقة الطبيعية ما يعني ضخ السيارات الجديدة في السوق مرة أخرى.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس