ترك برس
رأى الكاتب في صحيفة "ديلي صباح" التركية، كرم ألكن، أن تركيا أصبحت اليوم تمسك بزمام تغير قواعد اللعبة بدبلوماسية "حزام السلام" التي تستند إلى مبدأ الفوز، من البلقان إلى القوقاز، ومن آسيا الوسطى إلى الشرق الأوسط، وهو "الأمر الذي تحتاجه أوراسيا بشكل خاص".
يقول ألكن في مقال له إنه بعد سنوات قليلة من اندلاع الأزمة المالية العالمية عام 2008، بدأت مشاكل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تظهر بوضوح. ولم تتأثر الصين بالجانب السلبي للأزمة كما تأثر الاقتصاد العالمي والتجارة العالمية.
بينما واجهت الدول النامية الرائدة مثل الهند والبرازيل والمكسيك وتركيا وجنوب إفريقيا صعوبات منذ بداية اندلاعها. لكن تركيا بفضل الإصلاحات والنظام المصرفي القوي والأرصدة المالية العامة المستدامة وإعادة بناء الاقتصاد المنتج، تمكنت من دخول فترة جديدة حققت فيها نمواً إيجابياً على مدار 34 ربعاً متتالياً.
وبغض النظر عما حدث في الاقتصاد السياسي العالمي، نفذت تركيا والصين خلال الفترة من 2010 إلى 2020، مشاريع ضخمة مميزة في جميع أنحاء العالم. حسب الكاتب التركي.
وتابع المقال: تعرضت تركيا لعدة محاولات وهجمات لوقف صعودها في أوراسيا بما في ذلك الانقلاب الفاشل عام 2016 من قبل جماعة غولن الإرهابية. لكن هذه المحاولات لم تفعل شيئاً سوى جعل أنقرة أقوى مما كانت عليه، كما عززت قدرتها على إنتاج استراتيجيات وسياسات وطنية. وبالنتيجة شرعت البلاد في القيام بالعديد من المبادرات الإقليمية والعالمية.
وأصبحت تركيا الآن تمسك بزمام تغير قواعد اللعبة بدبلوماسية "حزام السلام" التي تستند إلى مبدأ الفوز، من البلقان إلى القوقاز، ومن آسيا الوسطى إلى الشرق الأوسط. الأمر الذي تحتاجه أوراسيا بشكل خاص.
ويحظى دور تركيا الذي لا غنى عنه باهتمام الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والصين، لأن أنقرة بدأت تقوم بأنشطة فاعلة في مناطق هيمنت عليها تلك الدول لسنوات.
وبالرغم من الضغوط الخارجية على الاقتصاد والسياسة أو القتال المكثف بين دوائر آسيا والمحيط الهادئ والأطلسي أو الشرق والغرب، فقد أثبتت تركيا أنها يمكن أن تكون بديلاً عن البلقان والقوقاز وأفريقيا وآسيا الوسطى، وأن هناك طرقاً مختلفة لزيادة التنمية العالمية من خلال ممرات الإنتاج والخدمات اللوجستية والنقل والتجارة التي توفرها البلاد.
ولذلك، يفترض أن تكون ألمانيا قادرة على رؤية هذه الحقيقة الواضحة في فترة ما بعد المستشارة أنجيلا ميركل، والتي سيكون التغافل عنها أمراً مؤسفاً ليس لألمانيا وحدها بل للاتحاد الأوروبي كله. كما يجب أن تعود فرنسا إلى رشدها وتنهج نهجاً أكثر توازناً لأن مطالب الجانب الأنغلو ساكسوني بإضعاف أنقرة لن تحدث أبداً.
من ناحية أخرى، تركيا "الضعيفة" "لم تعد خياراً" للقرن الحادي والعشرين. بل يجدر التفكير في هندسة دبلوماسية أنقرة لعالم متعدد الأقطاب.
من البحر الأدرياتيكي إلى الصين
لطالما كانت مساعي تركيا الدبلوماسية ونجاحاتها أهم المحفزات لإعادة بناء علاقاتها متعددة الأطراف مع دول العالم الممتدة من البحر الأدرياتيكي إلى الصين.
وبمناسبة اليوم الدولي للتضامن الإنساني الذي احتُفل به في 20 ديسمبر، قال وزير الخارجية مولود تشاوش أوغلو "الحضارة هي ضمير الإنسانية وليست مسألة قدرات". مظهراً النجاح الدبلوماسي والرموز الثقافية لتركيا التي تدرك القوة الصاعدة لأوراسيا.
لقد واجهت تركيا على مدى الـ 150 عاماً الماضية، العديد من الضغوط الخارجية والداخلية التي جعلت من المستحيل توسيع دورها. لكن أنقرة الآن تزيد نفوذها وقوتها وتبني علاقات مع أوراسيا، وهو أمر غير مفاجئ بالنظر إلى الكيفية التي تكونت بها روابط البلاد الثقافية المبنية على أسس تاريخية مع المنطقة بأسرها.
كما أن موجة اليقظة الفكرية في أوروبا وأفريقيا ساعدت في مضاعفة استراتيجيات تركيا السلمية والمربحة للجميع، وما زالت تساعد في زيادة نفوذها.
وبغض النظر عن القوة الاقتصادية للبلاد أو حجم التجارة فيها أو مقدار قوتها العسكرية، تتبع أنقرة نفس النهج الدبلوماسي مع الدول الممتدة من البحر الأدرياتيكي إلى الصين. لذلك، تقود الدبلوماسية التركية "إعادة ولادة أوراسيا" من خلال الدول التي ترحب بالنهج القائم على الشفافية والتفاهم البناء.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!