ياسر النجار - خاص ترك برس
مرت الدول العربية في فترة مابعد الاستقلال في مرحلة انقلابات عسكرية يتبعها سيطرة امنية مرتبطة في شخصية رئيس الدولة وبالتالي جرى تقزيم مؤسسات الدولة والجيش الوطني تحت مايعرف بسيطرة القائد المطلق الغير منضبط بالدستور ولا بالقانون حيث يتم تغيير القوانين بما يتلاءم مع مطالب الحاكم الذي يتجاوز كل الحدود.
سوريا دولة تعيش في ظل قوانين الطوارئ منذ مايعرف بثورة البعث 1963 حيث تم تعطيل العمل بالدستور لضمان الاستئثار بالسلطة من قبل حزب شمولي لايعترف بحقوق احزاب أخرى ناهيك عن حقوق شعب يطالب بالعدالة والحرية والديمقراطية وبعد أن انتهى الصراع في صفوف حزب البعث الشمولي وآلت السيطرة لحافظ الاسد الذي أستأثر بالسلطة وحول البعث الى اداة لفرض هيمنته ودخلت سورية في حقبة الديكتاتورية تم فيها قمع مطالب الشعب لأكثر من مرة ليدخل الشعب في حالة خوف وتغييب عن المشهد وصولا به الى حالة من الاذعان تجلت مع توريث الحكم الى الابن بشار الاسد وتعديل الدستورعلى القياس وخلال نصف ساعة لتدخل سورية في مرحلة ممتدة من القهر والظلم.
ومع بداية ثورات الربيع العربي كانت رسائل الثورة واضحة ضد نظام الديكتاتورية وضد منظومة التوريث وتمت المطالبة بالحرية والكرامة ودولة القانون وكانت مميزات هذه الثورات انها ثورات شباب ومجتمع غير منظم بعيد عن الأجندات الحزبية التي هي شبه مفقودة على مستوى الممارسات المجتمعية في الدول العربية وخصوصا في سوريا حيث جرى تعطيل اي مسار او ممارسة سياسية وكان جزاء ذلك الإعتقال بدون محاكمات في اسوأ سجون العالم وضمن ظروف التعذيب والتنكيل بالمعتقل وبعائلته بل وبقريته ومدينته وعلى ذلك كانت مدن ومحافظات تعيش في حالة عقاب جماعي نتيجة فترة الثمانينات لوصمها بتهمة الإخوان المسلمين هذا ماشهدناه في حماة وحلب وجسر الشغور وغيرها كثير من المدن والمحافظات.
الثورة السلمية امام الاستخبارت والشبيحة.
وبدأت ثورة الشباب بشكل غير منظم ووقفت امامها أجهزة الاستخبارات وتأسست منظومة خارج اطار القانون مايعرف بالشبيحة فواجهت الصدور العارية للمتظاهرين رصاص المخابرات وسكاكين الشبيحة بالاضافة الى الاعتقالات الغيرقانونية وتصفيات داخل السجون بتهمة التظاهر وهو حق يضمنه الدستور السوري للمواطن ولكن كما اسلفنا فالسلطة الحاكمة ترى نفسها اعلى من الدستوروفوق القانون.
اجمع العالم على سلمية الثورة السورية حتى نهاية عام 2011 اي بعد مرور اكثر من ثمانية اشهر وقد إعترف النظام وعلى لسان بشار الاسد بسلمية الثورة حتى ذلك التاريخ ليبتدئ النظام مرحلة جديدة بعد ان فشل في إخماد التظاهرات الشبابية فيبدأ بالزج لقوات الجيش النظامي مع إطلاق الصلاحيات في إستخدام القوة المفرطة الأمر الذي لم يتقبله عناصر وأفراد الجيش الذين بدأ البعض منهم بالهروب وعدم الالتزام بأوامر القتل فكان هناك مايعرف بتنظيم الضباط الاحرار الذي ترأسه المقدم حسين الهرموش تم من خلالهم كشف وفضح الجرائم التي يرتكبها النظام من خلال القيادة العسكرية التي كرست ولاءها لبشار الاسد وأفرغت الجيش من رسالته الحقيقية وهي حماية الاراضي السورية وحماية الشعب السوري الأصليَن الثابتين وكان ولاءهما للمتغير المفترض وهو الحاكم الذي من المفترض ان يكون قد وصل عبر الصندوق الديمقراطي وليس بالتوريث او بالانقلاب العسكري على الانظمة والقوانين.
وتتوالى الإنشقاقات و يتشكل الجيش الحرمن خلالهم وبقيادة العقيد رياض الاسعد وتبدأ تتبلور فكرة حماية المتظاهرين ومواجهة القوة المفرطة التي لجأ اليها النظام لقمع التظاهرات السلمية ويبدأ تشكل مايعرف بمجموعات حماية المتظاهرين ووصل النظام الى مايريد في حالة الصدام المسلح فهذا ملعبه ووجد أن استخدام الالة العسكرية وترسانة السلاح في تدمير البلاد وسيلته في الخلاص من مطالب شباب الثورة في العدالة والحرية, هذه الترسانة الذي دُفع ثمنها من اموال السوريين للدفاع عن الارض السورية وتحريرها من المحتل الاسرائيلي ولكن الواقع تجلى فيما بعد ان هذا السلاح وظيفته حماية الحاكم ووسيلته لمزيد من الإذلال والمهانة للشعب فقد استخدم في سوريا لقتل الشعب وتكريس سلطة الديكتاتور.
كما وعمد النظام من خلال الافراج عن المعتقلين في سجونه والمحسوبين على التيارات الجهادية والتي شارك البعض منها في قتال قوات الاحتلال الامريكية في العراق فكانت رسالة النظام في تحويل الثورة الى حالة عسكرية في حين كان لابد لهذه الثورة السلمية والتي تطالب بالحقوق والحريات أن تستخدم القوة للدفاع عن حاضنتها الثورية.
الاسد والتدخل العسكري الايراني الروسي لتحويل الثورة الى حرب إقليمية.
سعى النظام الى الزج بالمليشيات الطائفية إبتداءً من حزب الله اللبناني وصولاً الى مليشيات من أفغانستان و باكستان وغيرها وإستحضر حرب طائفية منذ أكثر من الف سنة لا ناقة للشعب السوري فيها ولا جمل وبدأت عبارات " يالثآرات الحسين - ولن تسبى زينب مرتين .... " كل ذلك لمزيد من التجييش الطائفي وكان كل ذلك خارج إطار القوانين الدولية فجرى إحضارهم كقوات مرتزقة وبدون موافقات حكوماتهم فكانوا وقوداً لصراع جرى تمويله من قبل إيران و أراد النظام ان تتحول الثورة الى حرب أهلية ولكن الشعب السوري وبملء الحناجر صرخ وفمه مليء بدماء التعذيب والظلم صرخ بأعلى صوته في ميادين التظاهرات " واحد واحد واحد الشعب السوري واحد ... " فتجلت ثورة ضد الظلم والديكتاتورية ثورة من أجل الحرية للسنة والعلوية وكافة طوائف الشعب السوري الأبية.
ولم يكن ذلك فقط من خلال إرادة الديكتاتور فقد وافق ذلك مصالح إيران التي وجدت أن هذا السفاح هو أفضل من يخدم مخططاتها في المنطقة فأرسلت له مستشاراً ليتحول فيما بعد الى حاكم فعلي يصول ويجول في سوريا ويدعو روسيا للتدخل ومزيدا من مرتزقة ذوو أبعاد طائفية ومزيدا في قتل وإذلال لشعب حرأبي ساهم في بناء الإنسانية من خلال تقديمه لأقدم أبجدية مكتوبة في التاريخ, شعب جاء منذ زمن بعيد فكانت مدنه من أقدم مدن العالم كحلب ودمشق إستطاع ذلك الدعي أن يحولها ومرتزقته الى خرائب نتيجة لغل وعُقد ليس للشعب السوري فيها اية مسؤولية فمن غيب العقل وخلط التاريخ هم كبراءهم الذين علموهم السحر فعلاً.
وعلى لسان حسن نصر الله كبير حزب الله اللبناني كانت القصة كاملة حول مخاوف إيران التي بدأت مع بدايات ثورات الربيع العربي وكان تنحي مبارك عن الحكم في مصر إعلانا لناقوس خطر دقته إيران في سوريا وبدأ مشروع التجييش الطائفي في سراديب ايران والضاحية الجنوبية فأرادها الشعب السوري سلمية للوصول الى الديمقراطية وأرادوها عسكرية لشفاء غليلهم في قتل السوريين, سوريا الخلافة الاموية كما عبروا عن ذلك بكل وقاحة على ألسنة وعقول كانوا يجهزونها منذ عقود لحرب لا تبقي ولاتذروكان لهم ما أرادوه.
فكانت هناك غرفة عمليات في إيران تتابع مايحصل في سوريا وكانت هناك حالة إستنفار لدعم النظام على لسان كبير حزب الله اللبناني حسن نصر الله.
وأردف قائلا أن مليشيات كثيرة دخلت لدعم الاسد طوال الخمس سنوات وبعد ذلك بخمس سنوات ولعدم قدرتهم على إنهاء الثورة والقضاء على شباب الثورة فكان لابد لحاكم إيران في سوريا أن يقوم بإستدعاء روسيا لتغيير المعادلة على الارض.
لقد فضحت الثورة السورية كل مخططات إيران وأطماعها في المنطقة وفضحت حالة اللادولة التي اوصلوا اليها سوريا من خلال تحكمهم بالمرتزقة وكذلك ليسيطروا لاحقا على شبيحة النظام وصولا الى سيطرة فعلية على فرق عسكرية للجيش السوري الذي اصبح يأخذ أوامره من قاسم سليماني ظل الخامنئي في سوريا.
وهذه مقاربة إيران في كل دولة تدخلوا فيها في المنطقة من لبنان الى العراق فاليمن وأفغانستان وصولا الى سوريا التي تحولت الى دولة فاشلة كما أرادوا فكان مخطط إيران لإفشال الانظمة في كل مكان حتى لا يبقى إلا نظام واحد في المنطقة وهو نظام الولي الفقيه الذي يستأثر بالسلطة في إيران قسراً.
وتم لقاء سليماني ببوتين اللقاء الذي فضح وعرى فشل الدولة في سوريا على يد ديكتاتور اصبح من ورق امام إيران كدولة إحتلال ومتصرفة في شؤون سوريا وعلى يد قائد فيلق في قوات غير نظامية في إيران مرجعيتها الولي الفقيه وليس الدولة والشعب والحكومة الايرانية !!!!
سليماني وبلقائه بوتين وخلال ساعتين وبحضور مستشارين عسكريين حيث بسطت الخرائط وتم تقاسم الكعكة السورية بعد إستحالة القضاء على الثورة طوال السنوات الخمس فكان لابد من إعطاء حصة للقيصر لتتحول الاموربعد ذلك ويصبح قيصرروسيا هو من يمنح أو يمنع من يريد من الكعكة.
وعادت روسيا الى الساحة الدولية من خلال بوابة سوريا فكانت تصول وتجول في السماء وعلى الارض وبدأ سلاح الجو الروسي بتوجيه ضرباته الجوية في الأراضي السورية منذ بتاريخ 30 سبتمبر 2015،
فكان إستهداف المدنيين وسياسة الارض المحروقة وترويع الناس هو سلاح روسيا كما هو ديدنها وجرى تحويل سوريا الى مسرح لتدريب القوات الروسية على مشاريع عسكرية وأسلحة جديدة تم تجريبها في سوريا على الشعب السوري وكانت نتائج ذلك دعاية قوية لتسويق السلاح الروسي كل هذا كان على لسان قيصر روسيا وبدون خجل في مقابلاته الصحفية لأكثر من مرة.
وبدأ التسويق للسلاح الروسي وكان فواتير الحرب تمول من تجارة هذا السلاح ولم تنسى روسيا نصيبها من التأثير على المسار السياسي المرعي من الامم المتحدة كما هو معروف وبقرارات دولية " القرار 2118 – القرار 2254 " فقد كان ملعبها منذ البداية بإستخدام حق النقض الفيتو 16 مرة وصولاً الى تعطيل اي مسار سياسي والى فرض مسارات موازية الهدف منها إفشال المسار الاممي وإملاء الوقت للوصول الى وضع يسمح لها بتغيير المسارات في الملف السوري بداية في المسارالعسكري والميداني وكذلك المسار في المساحة السياسية فجرى تصنيع المعارضات ومنصاتهم وشراء الولاءات والذمم وصولاً الى مساحة عمل تحت سيطرتها بعد اخلائها من نفوذ الادارة الامريكية وبإرادتها حيث كانت سوريا وشعبها ورقة لعب على طاولة السياسيات الدولية والتي تراها الولايات المتحدة ليست في أعلى درجات إهتمامها على خرائط نفوذها الدولية.
يتبع...... في مقال سوريا ثورة شعب تواق للحرية
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مواضيع أخرى للكاتب
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس