د. أحمد اليوسف - معان نيوز
في الرابع والعشرين من نيسان/ أبريل 2015م يكون قد مرَّ مائة عامٍ على الأحداث المأساوية التي وقعت في تركيا العثمانية عام 1915م، وطالت الأرمن المقيمين داخل أراضي دولة الخلافة خلال الحرب العالمية الأولى، إلا أن التجاهل لوقائع تلك الأحداث وأمثالها من المآسي التي لحقت بالمسلمين في أوروبا على مدار أكثر من تسعة عقود، يدعونا للتساؤل والشك حول دواعي ودوافع الحديث عنها - الآن - في الأوساط السياسية الغربية، والنظر إليها باعتبارها شكلاً من أشكال "الإبادة الجماعية"، والعمل على إحياء ذكراها من جديد في أكثر من عاصمة أوروبية.
إن ذلك يدفعنا بقوة للبحث والتقصي حول أبعاد تلك الحملة المسعورة، وخاصة بعد كل المحاولات والجهود التي بذلتها تركيا أردوغان للتصالح مع أرمينيا، وتقديم التعازي والاعتذار عن تلك الأخطاء التاريخية.
لا شك بأن النوايا الغربية ليست خالصة من وراء ذلك، كما أن أهداف حملة الاستهداف لتركيا أردوغان لا تغيب عن ذهن الواعي بوقائع التاريخ، وحقائق السياسة ودوافعها، حيث إن تركيا - اليوم - هي في صدارة المشهد القيادي للأمة، وعلى رأس دول الإقليم في منطقة الشرق الأوسط، كما أنها من أقدر اللاعبين على مناجزة إسرائيل وإحراجها أمام دول العالم، وذلك بسبب سياساتها العدوانية ومواقفها العدائية للشعب الفلسطيني، واحتلالها البغيض لأراضي الضفة الغربية، وحصارها الظالم لقطاع غزة.
إن الغرب المعروف بنفاقه السياسي وتبنيه لسياسة الكيل بمكيالين، وخاصة تجاه قضايا العرب والمسلمين، لم يتذكر– للأسف - من التاريخ إلا ما لحق باليهود من مجازر،وذلك خلال الحرب العالمية الأولى فيما يسمى بالمحرقة، واليوم أعاد الغرب تحريك ماكينته الإعلامية للتشهير بتركيا أردوغان، وتجريم التاريخ العثماني، من خلال الحديث عما لحق بالأرمن من مآسي قبل مائة عام، وذلك عندما كانت تركيا تخوض حرباً عالمية طاحنة، ويتعرض وجودها لتهديدات ومؤامرات خطيرة من قبل الدول الغربية.
ومن الجدير ذكره، أنه على مدار المائة سنة الماضية (1915 – 2015م)،استبيحت دماء المسلمين وأرضهم وديارهم وأعراضهم من قبل القوى الاستعمارية الغربية، ولم يتحرك أصحاب الضمائر الإنسانية والمؤسسات الحقوقية في أوروبا وأمريكا لتجريم تلك الأفعال بحق المسلمين وإدانتها.
اليوم – للأسف - ليس هناك في المشهد الإنساني إلا ما حدث للأرمن قبل مائة عام، أما ما حدث لأهل فلسطين عام 1948م من تهجير وإبادة جماعية ومجازر فهذا ليس مطروحاً للمراجعة على مسطرة الضمير الغربي.! وما حدث خلال السنوات الست الماضية من حروب عدوانية على قطاع غزة راح ضحيتها عشرات الآلاف من القتلى والجرحى، وكذلك الدمار الهائل الذي طال الشجر والحجر، والذي اعترفت به مؤسسات دولية ومنظمات حقوقية بأنه جرائم حرب، وجرائم بحق الإنسانية، للأسف فليس هناك أي عقاب طال أية جهات سياسية وعسكرية في إسرائيل.!!
تركيا أردوغان للأرمن: تعالوا إلى وقفة سواء مع التاريخ
في الكلمة التي ألقاها الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، خلال قمة السلام التي عقدت في مركز "الخليج" للمؤتمرات بمدينة إسطنبول، في إطار فعاليات الذكرى المئوية لمعارك "جناق قلعة" البرية، وبحضور عدد من المسؤولين من رؤساء دول ورؤساء حكومات من مختلف أنحاء العالم، أشار إلى أحداث العام 1915م الخاصة بالأرمن، وقال: "إن الاتحاد الأوروبي ينصحنا بفتح أرشيفاتنا لتقصي حقيقة أحداث العام 1915، وأنا طيلة عملي رئيساً للوزراء على مدار 12 عاماً تقريباً، وعملي رئيساً للبلاد منذ ما يقرب من عام، لم أترك محفلاً دولياً في الخارج أو اجتماعاً شاركت فيه داخل تركيا، إلا وقلت - وما زلت أقول - إننا مستعدون تماماً لفتح أرشيفاتنا، وكثيراً ما كررت أن لدينا ما يقرب من مليون وثيقة ومعلومة حول هذا الأمر.
بل لو كان لدى أرمينيا أو غيرها من الدول وثائق أخرى حول الموضوع فليظهروها لنا لتقصيها، كما أننا أيضا مستعدون لفتح أرشيفاتنا العسكرية".وتابع "أردوغان قائلاً: "إننا نشعر بالحزن على ضحايا الأرمن في الحرب العالمية الأولى، بنفس قدر حزننا الشديد على نحو أربعة مليون مسلم لقوا حتفهم أثناء هجرتهم من البلقان والقوقاز والمنطقة المجاورة، إلى منطقة الأناضول".
أما رئيس الوزراء التركي؛ أحمد داود أوغلوا، فقد أشار بأن:"هناك بعض الجهات واللوبيات في حالة تحرك كامل في مختلف أنحاء العالم، لشن حملة ضد تركيا، تشارك فيها جهات قذرة بشكل استفزازي واضح"، وأضاف بأن هذه الجهات "تهدف إلى تشويه صورة تركيا التي تحاول ممارسة السياسة بعد آلام عاشتها قبل مائة عام".
وأوضح قائلاً: بأن "هذه الجهات تمثل وجهين من التاريخ، فهي سبب ما عاشه الأتراك والأرمن في تلك الفترة، لكنهم - الآن - يدلون بتصريحات وبيانات يدَّعون من خلالها أنهم يدافعون عن الأرمن".!! مؤكداً أنهم لا ينكرون تعرض كافة الشعوب والقوميات لمآسي كبيرة خلال الحرب العالمية الأولى، وليس الأرمن وحدهم، بحسب قوله.
وأكد داود أوغلو أنه من غير الممكن قبول قرار البرلمان الألماني بشأن المزاعم الأرمينية،كما أنه رفض تصريحات بابا الفاتيكان بالنظر إلى تلك الأحداث باعتبارها "إبادة جماعية"، كونها بعيدة كل البعد عن الحقيقة.
ما الذي حصل عام 1915: الرواية وأصل الحكاية
بحسب الرواية التركية للأحداث، فإن القوميين الأرمن قد قاموا - إبان الحرب العالمية الأولى التي انطلقت عام 1914م -بالتعاون مع القوات الروسية بغية إنشاء دولة أرمنية مستقلة في منطقة الأناضول، وحاربوا ضد الدولة العثمانية.
وعندما احتل الجيش الروسي شرقي الأناضول، لقي دعماً كبيراً من هؤلاء المتطوعين الأرمن؛ العثمانيين والروس، كما انشق بعض الأرمن الذين كانوا يخدمون في صفوف القوات العثمانية، وانضموا إلى الجيش الروسي.وبينما كانت الوحدات العسكرية الأرمنية، تعطل طرق إمدادات الجيش العثماني اللوجستية، وتعيق تقدمه، عمدت العصابات الأرمنية إلى ارتكاب مجازر ضد المدنيين في المناطق التي احتلوها، ومارست شتى أنواع الظلم بحق الأهالي.
وسعياً منها لوضع حداً لتلك التطورات، حاولت الحكومة العثمانية، إقناع ممثلي الأرمن وقادة الرأي لديهم، إلا أنها لم تنجح في ذلك، ومع استمرار هجمات المتطرفين الأرمن، قررت الحكومة في 24 أبريل من عام 1915، إغلاق ما يعرف باللجان الثورية الأرمنية، واعتقال ونفي بعض الشخصيات الأرمنية البارزة.وفي ظل تواصل الاعتداءات الأرمنية رغم التدابير المتخذة، قررت السلطات العثمانية، في 27 مايو من عام 1915م، تهجير الأرمن القاطنين في مناطق الحرب، والمتواطئين مع جيش الاحتلال الروسي، ونقلهم إلى مناطق أخرى داخل أراضي الدولة العثمانية.
ومع أن الحكومة العثمانية، خططت لتوفير الاحتياجات الإنسانية للمهجّرين، إلا أن عدداً كبيراً من الأرمن فقد حياته خلال رحلة التهجير القسري بسبب ظروف الحرب، والقتال الداخلي، والمجموعات المحلية الساعية للانتقام، وقطاع الطرق، والجوع، والأوبئة.
وتؤكد الوثائق التاريخية التركية، عدم تعمد الحكومة وقوع تلك الأحداث المأساوية، بل على العكس، فقد لجأت إلى معاقبة المتورطين في انتهاكات ضد الأرمن أثناء تهجيرهم، وجرى إعدام المدانين بالضلوع في تلك المأساة الإنسانية، رغم عدم وضع الحرب أوزارها.وعقب انسحاب روسيا من الحرب جراء الثورة البلشفية عام 1917م تركت المنطقة للعصابات الأرمنية، التي حصلت على الأسلحة والعتاد الذي خلفه الجيش الروسي وراءه، واستخدمتها في احتلال العديد من التجمعات السكنية العثمانية.
وبموجب (معاهدة سيفر) التي اضطرت الدولة العثمانية على توقيعها، تم فرض تأسيس دولة أرمنية شرقي الأناضول، إلا أن المعاهدة لم تدخل حيز التنفيذ، ما دفع الوحدات الأرمنية إلى إعادة احتلال شرقي الأناضول، وفي ديسمبر 1920م جرى دحر تلك الوحدات، ورسم الحدود - الحالية - بين تركيا وأرمينيا لاحقًا، بموجب (معاهدة غومرو)، إلا أنه تعذر تطبيق المعاهدة بسبب كون أرمينيا جزءاً من روسيا في تلك الفترة، ومن ثمَّ جرى قبول المواد الواردة في المعاهدة عبر (معاهدة موسكو) الموقعة 1921م، و(اتفاقية قارص) الموقعة مع أذربيجان وأرمينيا، وجورجيا.
لكن أرمينيا أعلنت عدم اعترافها باتفاقية قارص، عقب استقلالها عن الاتحاد السوفييتي، عام 1991م.بين الفينة والأخرى ولاعتبارات سياسية وعرقية، يطلق الأرمن نداءات تدعو إلى تجريم تركيا، وتحميلها مسؤولية مزاعم تتمحور حول تعرض أرمن الأناضول إلى عملية "إبادة" حسب تعبيرهم، وذلك على يد الدولة العثمانية أثناء الحرب العالمية الأولى أو ما يعرف بأحداث عام 1915م، كما يفضل الجانب الأرمني التركيز على معاناة الأرمن فقط في تلك الفترة، وتحريف الأحداث التاريخية بطرق مختلفة، ليبدو كما لو أن الأتراك قد ارتكبوا إبادة جماعية ضد الأرمن.
وفي مقابل هذه الادعاءات والمزاعم اقترحت تركيا، على لسان حكومتها منذ مطلع الألفية الثالثة، تشكيل لجنة من المؤرخين الأتراك والأرمن، لتقوم بدراسة الأرشيف المتعلق بأحداث 1915م، الموجود لدى تركيا وأرمينيا والدول الأخرى ذات العلاقة بالأحداث، لتعرض نتائجها بشكل حيادي على الرأي العام العالمي أو الى أي مرجع معترف به من قبل الطرفين، إلا أن الاقتراح قوبل برفض من أرمينيا، التي تعتبر ادعاءات الإبادة قضية غير قابلة للنقاش بأي شكل من الأشكال.
وتقول تركيا إن ماحدث في تلك الفترة هو "تهجير احترازي" ضمن أراضي الدولة العثمانية، وذلك بسبب عمالة بعض العصابات الأرمنية للجيش الروسي. ومن المعروف بأن رئيس الوزراء التركي؛ أحمد داود أوغلو، زار أرمينيا عام في ديسمبر 2013م، بصفته وزيراً للخارجية في تلك الفترة، وأكد في تصريح صحفي، عقب الزيارة، ضرورة حل القضية عبر تبني موقف عادل وإنساني، بعيداً عن المقاربات أحادية الجانب، والتقييمات الظرفية، منوهاً أنه لا يمكن صياغة التاريخ إلا عبر ذاكرة عادلة.
أما فولكان بوزكير؛ وزير شؤون الاتحاد الأوروبي وكبير المفاوضين الأتراك، فقد أشار في مقابلة صحفية لقناة "EUNews": بأنه "لا توجد أي نقطة تدعو للخجل في تاريخ الجمهورية التركية، ولا في التاريخ العثماني"، مضيفاً: بأن "كل ما نطلبه هو ألا تُستغل الأحداث التاريخية سياسياً، وألا يُعطي الساسة قرارات متعلقة بأحداث تاريخية - في إشارة إلى أحداث العام 1915م".
وأوضح بوزكير، قائلاً: "إن ضمير الشعب التركي مستريح للغاية بخصوص عدم وجود ما يخجل منه في تاريخ بلاده"، مشيراً إلى أن "تركيا ليست دولة تمارس ضغوطاً على المؤرخين، فجميع أرشيفاتنا مفتوحة للجميع، ولا نطلب ممن يريد أن يأتي لفحص الوثائق أن يقول رأياً يوافق قناعاتنا، الأمر متروك للحقائق التي تكشف عنها الوثائق أيا كانت. فليأتي من يريد من الأكاديميين من أي مكان في العالم، لقراءة الوثائق لمعرفة حقيقة تلك الأحداث".
ولفت إلى أن الرئيس الأرمني لا يسمح للأكاديميين الأرمن بتفقد الأرشيف العثماني، مضيفاً "أما نحن فندعو الجميع.. فأرشيفاتنا مفتوحة ولا توجد أي محذورات لدينا في هذا الشأن، ولنشكل لجنة تاريخية، وهى التي تقرر ما تريد بشأن تلك الأحداث دون وصاية من أحد، وسبق وأن أعلن رئيس وزرائنا والرئيس التركي أنهم سيقبلون بأي قرار يصدر عن لجنة تاريخية قلنا إنها عنصر أساسي من البرتوكولات التي وقعناها مع أرمينيا".
وتابع بوزكير، قائلاً: "هناك الكثير من الذكريات الجميلة جداً بين تركيا وشعبها والأرمن على مدار التاريخ، ومن الخطأ اختزال هذه الذكريات في عام واحد، والدوران حول كلمة (الإبادة العرقية).
إن تركيا لم تتنكر لتلك الأحداث المأساوية، فقد أعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن تعازيه لكافة مواطني الدولة العثمانية الذي فقدوا حياتهم إبان الحرب العالمية الأولى، وعلى رأسهم الأرمن، ووجه دعوة من أجل السلام والتصالح، وذلك في رسالة بتاريخ 23 ابريل 2014م، عندما كان رئيساً للوزراء.
ملف الإبادة ويد إسرائيل الخفية
إن عملية إعمال الفكر وإمعان النظر حول ما يدور من حملة استهداف للتاريخ العثماني، سوف تقودنا إلى أن هناك جهات إسرائيلية ليست بعيدة عن دائرة التحريض ومحاولة تشويه صورة تركيا أردوغان والتشهير به، من خلال إشغال الرأي العام العالمي بالحديث عن ذلك التاريخ البعيد ومآسيه؛ لأن حاضر الدولة التركية اليوم أنها غدت مثابة للناس وأمنا، فهي بمثابة الحاضنة والأم الرؤوم لكل المستضعفين من المهاجرين والمضطهدين المسلمين في عالمنا العربي، حيث إن أكثر من خمسة ملايين لاجئ من سوريا ومصر وليبيا وفلسطين ومناطق إسلامية أخرى، كالبوسنة والشيشان والقرم والقوقاز يتخذونها ملاذاً للأمن والاستقرار والعيش الكريم لهم.
إن الرئيس أردوغان في خطاباته التي ينتقد فيها السياسيات الغربية العنصرية ضد المسلمين، واحتكارها للقرار الأممي، وغياب العدالة في تعاملاتها مع العالمين العربي والإسلامي، وتجليات تركيا أردوغان في تحركاتها الإنسانية وعملها الإغاثي تجاه بلدان فقيرة في آسيا وأفريقيا أسهم في تعرية أهداف الدول الغربية الاستعمارية العاملة هناك.. إن هذه الحملة التي تتخذ من ادعاءات تاريخية لم يتم تمحيصها بعد، إنما هدفها هو تحجيم دور تركيا أردوغان في قيادة دول المنطقة، وتحريكها نحو قضاياها ذات الاهتمام المشترك؛ وهي صورة الإسلام ومكانته في العالمين، والقضية الفلسطينية ومقدساتها الإسلامية، وحالة التضامن والتكامل بين دول المنطقة.
لا شك أن الذهنية الغربية الخبيثة تحاول الربط بين ما تقوم به بعض الفرق الإسلامية الضالة كتنظيم (داعش) من عمليات قتل ومجازر بحق المدنيين في العراق وسوريا، وبين ما سبق ترويجه من مزاعم حول مذابح ارتكبها الأتراك العثمانيون تجاه أرمن الأناضول، بهدف تشويه صورة الإسلام والمسلمين عبر التاريخ، وقف المدّ الإسلامي المتنامي في الدول الغربية.
في الختام؛ إن للحقيقة وجهاً واحداً، ولكن بشرط التزام الطرفين ضوابط الرواية، وحيادية الشهود. إن تركيا أردوغان لا تنكر بأن هناك أحداثاً مأساوية وقعت على أراضيها إبان الحرب العالمية الأولى، والتي هي في الأصل كانت حرباً أوروبية - فرنسية ألمانية – ثم تمددت باتجاه أراضي العثمانية، وقد طالت مآسيها الأرمن كما طالت غيرهم من المسلمين الأتراك، حيث سقط في معركة (جناق قلعة) قرابة 250 ألف جندي مسلم دفاعاً عن إسطنبول من الغزاة الأوروبيين.
في الحقيقة ليس هناك من ينكر بأن مجازر وقعت، وأن هناك أبرياء قد دفعوا أثماناً غالية على خلفيات عرقية وطائفية ودينية، ولكن ليس الأرمن وحدهم هم من تعرضوا للقتل والتهجير، فالذاكرة التاريخية المعاصرة تحتضن الكثير من المجازر وصور الإبادة التي طالت المسلمين في الجزائر والبوسنة وفلسطين، وهي أحق في المشهد الإنساني أن يتم تجريم فاعليها وطلب التعويضات؛ لأن حقائقها التاريخية مثبتة وواضحة للعيان.
إن ما تحاول إسرائيل وبعض الدول الغربية عمله هو الحديث عن أحداث تاريخية جرت قبل مائة، ولم يتم حتى الآن التثبت من وقائعها بشكل قانوني، وتفتقد رواياتها إلى المصداقية المهنية، وهناك من يعمل علىتسويقها في الوعي الجمعي لشعوب العالم بهدف تجريم تركيا أردوغان وتوجيه الإهانة لها؛ لأنها اليوم هي المدافعة عن الحضارة الإسلامية والقضية الفلسطينية، وهي المحرك لجمع شمل الأمتين العربية والإسلامية، سعياً وراء إعادة مكانتهما تحت الشمس بعدما أوشكتا على الأفول والتلاشي في حضرة الغياب.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مواضيع أخرى للكاتب
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس