ترك برس
بدأت مدينة إسطنبول التركية، تكتسي شيئاً فشيئاً بأزهار التوليب مع حلول موسم الربيع، فيما تسبب وباء كورونا، بتعليق مهرجانات التوليب هذا العام، في إطار تدابير مكافحة الفيروس.
وعلى مساحة 470 ألف متر مربع، تمتد حديقة إميرغان في إسطنبول مزينة بألوان مختلفة من أزهار التوليب التي تفتّحت بداية شهر أبريل/نيسان الجاري.
ومِن عدة أبواب تصل الحديقة التاريخية الواقعة في منطقة صاريير قرب البوسفور في إسطنبول الأوروبية، وقد تزيّنت بأزهار التوليب الجميلة الحمراء، والصفراء، والبنفسجية الغامقة، والبيضاء، والبرتقالية والوردية.
وتسمى زهرة التوليب "لالا-" Lale باللغة التركية. ولها شهرة وأهمية كبيرة وسط الأتراك، إلى جانب أنها الرمز الموضوع في شعار بلدية إسطنبول الكبرى.
وكلمة توليب مأخوذة من كلمة (تولبنت) وهي تشير إلى عمامة السلطان التي تشبهها زهرة التوليب شكلاً.
وكانت بلدية إسطنبول تقيم منذ العام 2005 مهرجان التوليب سنوياً على امتداد شهرين.
إذ تبدأ زراعة ملايين الشتلات مِن أزهار التوليب في بداية مارس/آذار، ليبدأ المهرجان في بداية أبريل/نيسان وحتى بداية مايو/أيار.
ورغم جائحة كورونا التي تفشّت في العالم منذ عام ونصف، إلا أنّ زراعة الأزهار لم تتوقف وكذلك زيارة الزوّار المحليين والأجانب.
لكن المهرجانات الضخمة والفعاليات التي تتطلب حضور أعداد بشرية، جُمّدت إلى حين عودة الحياة إلى طبيعتها.
ففي العام 2018، أقامت بلدية إسطنبول احتفالاً لعرض أكبر سجادة في العالم مصنوعة من زهرة التوليب بألوان متعددة، وذلك في إطار المهرجان السنوي لتفتح زهرة التوليب في إسطنبول.
مساحة السجادة آنذاك بلغت ألفًا و734 متراً مربعاً، وقد عرضتها البلدية للسيّاح المحليين والأجانب في منطقة السلطان أحمد بإسطنبول.
وضمّت السجادة 565 ألف زهرة توليب ملونة، في إشارة رمزية لمرور 565 عاماً على فتح مدينة إسطنبول على يد السلطان العثماني محمد الفاتح عام 1453.
والعام الحالي، تستقبل حديقة إميرغان زوّار كثر، من إسطنبول ومدن تركية أخرى، وكذلك من روسيا وأوكرانيا.
الكل يرتدي كمامات كما توصي الحديقة عند دخولها، وإن غاب عن ذهنك الأمر قليلاً، يذكرك أفرادُ أمن وُزّعوا داخل الحديقة بإجراءات التباعد للحد من كورونا.
وإلى جانب إميرغان، هناك أيضاً حديقة غولهانه التي تقع في منطقة السلطان أحمد وتُزرع فيها سنوياً ملايين الشتلات من زهرة التوليب.
كما تتزيّن حديقة يلدز الواقعة بين أورتاكوي وبيشكتاش بمئات الآلاف من أزهار التوليب الملونة، بحسب تقرير لـ "TRT عربي."
وفي الجانب الآسيوي من إسطنبول، يقصد الزوار حديقة تلة العرائس المُزينة بأزهار التوليب في هذا الموسم.
لطالما شدد والي إسطنبول ورئيس البلدية على أهمية زهرة التوليب من ناحية التراث التركي، وأن موطنها هو تركيا وانتقلت بعدها إلى أوروبا.
وفي أكثر من مرة، أكدوا أنّ مهرجان التوليب الذي انطلق في العام 2005 كان هدفه إعادة المكانة لهذه الزهرة في إسطنبول.
إسطنبول وتاريخها مع زهرة التوليب
مع حلول القرن الثاني عشر للميلاد، بدأ الأتراك استخدام زهرة التوليب في أعمال الحِرف اليدوية والتزيين.
كما استخدموها في الرسومات والقصص والروايات والمنمنمات والتصوّف والقصائد الشعرية كتلك التي كتبها مولانا جلال الدين الرومي، حتى باتت اليوم أيقونة للدولة العثمانية.
ووفق روايات، فإنّ زهرة التوليب اكتسبت شهرتها في القسطنطينية بين 1718 و1730 في فترة عُرفت باسم حقبة التوليب.
ويرجع هذا الاسم إلى فترة السّلام التي عاشتها البلاد في عهد السلطان أحمد الثالث.
الرحّالة العثماني أوليا جلبي، أكد في كتابه "سفريات" هذا الكلام، حين وصف متعة التنزّه والنظر لأزهار التوليب حول مضيق البوسفور.
وحول انتقال زهرة التوليب إلى أوروبا، تقول مصادر تاريخية إنّ سفير إمبراطورية النمسا والمجر في إسطنبول، أوغيير غيسلاين، هو من نقل بذور التوليب إلى فيينا ومن ثمّ إلى هولندا.
وتقول رواية أخرى، إنّ بُصيلات زهرة التوليب استُقدمت مِن القسطنطينية إلى أوروبا وتحديداً إلى حديقة النباتات الطبيّة في فيينا.
وكان يدير هذه الحديقة عالم النباتات الفلمنكي، شارل دي لوكوز.
لذا زرع في العام 1593 بُصيلات أزهار التوليب في حديقته الخاصة بهولندا إلى أن توفي، فعُرضت وسُوّقت.
وسرعان ما لاقت إقبالاً شعبياً وملكياً واسعاً في هولندا، حتى أصبحت هذه الزهرة رمزاً للمكانة الاجتماعية والثروة هناك.
ونجحت هولندا لعقود في إنتاج وتطوير أنواع جديدة من التوليب، ما جعلها تسيطر نسبياً على زراعة وتجارة هذه الزهرة منذ أواسط القرن التاسع عشر.
إلا أنّ تركيا تواصل جهودها لتوسيع تجارتها ومنافسة هولندا في هذا السوق.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!