ترك برس-الأناضول
لا أحدٌ يعرف، ماذا كان يدور في مخيلة الطفلة الفلسطينية "رفيف أبو داير" (11 عاما) حينما أمسكت القلم والورقة، وبدأت في رسم أعلام الدول العربية، قبل أن تجعلها تُعانق علم الجمهورية التركية.
وإلى اليمين من الأعلام، رسمت "رفيف" البناية التي تقع إلى الغرب من منزلها.
ولسبب غير معروف، رسمت البناية ناقصة من الجانب السُفلي الأيمن، وكأنها تعرضت لقصف إسرائيلي.
وقبل أن تُكمل اللوحة، نادتها والدتها كي تتناول طعام الغداء.
وما هي إلا دقائق، بعد ظهيرة يوم الـ 17 من مايو/أيار 2021، حتى قصفت الطائرات الحربية الإسرائيلية، الطوابق العلوية للبناية المجاورة، وبدون سابق إنذار، معرضة حياة 13 شخصا من عائلة رفيف (أبو داير)، لخطر الموت المحقق.
وأسفر العدوان الإسرائيلي، عن استشهاد الطفلة "رفيف"، وعمها رشاد (56 عاما) على الفور، فيما أصيب 10 آخرين، جراء شظايا الصواريخ، وأنقاض المبنى المتطايرة.
وتسبب القصف كذلك، بأضرار كبيرة للمقر الرئيسي لوزارة الصحة، ومختبرها المركزي، وتسبب بإصابة العديد من الموظفين الذين كانوا على رأس عملهم.
وقبيل دقائق من القصف، كانت العائلة تتحضر لتناول طعام الغداء، في باحة المنزل المكشوفة.
ويقول خالد أبو داير، شقيق الشهيد زياد، وعم الشهيدة رفيف، إنه "مما لا شك فيه" أن طائرات الاحتلال كانت ترى بوضوح أفراد العائلة، وهم آمنين في ساحة المنزل، ورغم ذلك قصفت البناية بالصواريخ دون سابق إنذار.
ويضيف أبو داير، واصفا الشهيدين، رفيف وعمها زياد، لوكالة الأناضول "رفيف، طفلة جميلة، هي (دلوعة) البيت، مرحة الروح، ولها في قلبي والديها محبة خاصة، أما أخي، فكان لحظة استشهاده يتلو القرآن الكريم، وهو شخص محبوب ومعروف بصلاحه وطيبة قلبه".
ويضيف متحدثا حول الطفلة رفيف "كانت تحلم أن تكون طبيبة كي تعالج الاطفال، لكن الاحتلال منعها من تحقيق حلمها".
ويرى أن اللوحة التي رسمتها، كانت مصادفة غريبة، حيث رسمت البناية ناقصة من إحدى جوانبها، وكأنها ستتعرض للقصف.
ويضيف "أيضا كانت ترسم صورة (علم) تركيا الحبيبة، هي تحب تركيا ونحن في البيت كلنا نحب تركيا".
ويكمل "كما رسمت أعلام لدول عربية أخرى، وهناك أعلام لم تكمل تلوينهم".
ويكشف عمها "خالد" أنها كانت تعيش حالة حزن بسبب استشهاد اثنتين من صديقتيها في المدرسة، قبل يوم من استشهادها هي، خلال القصف الذي تعرض له شارع الوحدة، وقُتل خلاله 43 شخصا بينهم الكثير من الأطفال والنساء" (بتاريخ 16 مايو/أيار 2021).
ويتابع "كانت رفيف حزينة وتبكي على صديقتيها (..) لا أعرف ماذا دار في مخيلتها، العمارة (التي رسمتها) كأنها مقصوفة، هل تخيلت أن هذه العمارة غير آمنة وسوف تتعرض للقصف".
ويشير إلى أن رفيف، كانت رغم صغر سنها، تحب فعل الخير، حيث كانت خلال شهر رمضان الماضي، تعبئ كل 3 تمرات في كيس، وتضع الأكياس في صينية، وتقف على مفترق المنزل، وتوزع التمر للناس المتأخرة عن طعام الافطار كي تأخذ أجر إفطار الصائم".
ويكشف أن والديها، ما زالا يعيشان حالة صدمة عنيفة، جراء فقدها، حيث أن والدها غير قادر على الحديث، فيما والدتها تبكيها على مدار الساعة.
ويضيف "فقدنا إنسانة طفلة عزيزة، لا تُعوّض".
ويشير إلى أن الاحتلال الإسرائيلي، قتل 65 طفلا آخرا، بالإضافة إلى رفيف.
ويكمل "هؤلاء الأطفال، بأي ذنب قتلوا؟ أنا أسأل إسرائيل التي تدعي أنها تحافظ على حقوق الانسان".
وتابع "هل هؤلاء الأطفال كانوا ضمن بنك الأهداف الذي أعلنت عنه إسرائيل؟...هل رفيف ضمن بنك الأهداف...أريد أن تجيبني إسرائيل بأي ذنب قتلوا هؤلاء الأطفال؟".
وبخصوص شقيقه زياد، يقول "فقدت أخي زياد وهو توأم روحي وسندي وظهري وأعز ما أملك".
ويضيف "كان جالسا على الأريكة يتلو القرآن الكريم، لا نشاط سياسي له، بأي ذنب قتل؟ رجل صالح، يعمل الخير، كل الناس حزنوا على أخي...هل كان أخي إرهابيا؟".
وأكمل "أوجه رسالتي للجيش الاسرائيلي: قتلتَ أبرياء بدون ذنب، طائراتكم ترى كل شيء ، الطائرات رأت 13 شخصا يتناولون طعام الغداء، كان يجب تنبيههم قبل القصف...لكن أنت قصفت المكان دون أي مبرر ودون ان تعطيهم المجال كي يخلوا المكان".
ويختم "أبو داير" حديث قائلا "أتمنى من دولة اسرائيل أن تعطيني جوابا.. بأي ذنب قتلت الطفلة رفيف؟".
وتسببت الانتهاكات الإسرائيلية في مدينة القدس ومحاولات بسط السيادة الكاملة عليها، بانتقال التوتر إلى قطاع غزة، حيث بدأ عدوان إسرائيلي واسع بدأ في 10 مايو/أيار واستمر 11 يوما.
وتسبب العدوان باستشهاد 254 شخصا، من بينهم 66 طفلا و39 سيدة و17 مسنا إضافة إلى 1948 جريحا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!