حقي أوجال - ديلي صباح
كتب "بريت ستيفنز" مقالة في نيويورك تايمز بعنوان "معاداة الصهيونية أليست معاداة للسامية؟" قائلاً: "تركيا هي مثال لدولة يجب أن تقوم في حرم جامعاتها مظاهرات وتتلقى دعوات للمقاطعة وسحب الاستثمارات بسبب احتلالها لمدة 47 عاماً لشمال قبرص وقصفها المتكرر للمقاتلين الأكراد في شمال العراق".
ولا يشكل دفاع هذا المحافظ الجديد عن إسرائيل وهجماته على تركيا مفاجأةً، كما أن موقفه من تنظيم بي كا كا الإرهابي الذي قتل أكراداً أكثر من الأتراك خلال قتاله الانفصالي الطويل ليس مفاجئاً أيضاً، لأن تنظيم بي كا كا المشؤوم وتمدده يخدم مصالح المحافظين الجدد وخططهم لتفكيك العراق وسوريا وإنشاء دولة إرهابية، مما يساعد الخطة الكبرى التي تسعى لتصحيح الأخطاء التي ارتكبها البريطانيون قبل تسليم مفتاح الشرق الأوسط للولايات المتحدة في مؤتمر "يالطا" عام 1945. وبعد أن تم التخلص من الفوضى التي تسبب بها الاتحاد السوفيتي، يمكن للمجمع الصناعي العسكري العودة إلى الوظيفة التي تم تهميشها لفترة طويلة.
ما يثير الدهشة في مقال "ستيفنز" هو وصفه بلا خجل لمنتقدي السياسات الإسرائيلية واحتلال الأراضي العربية بأنهم "معادون للسامية"، كما أن عنوان مقالته يدل على أنه لا يدرك حتى الفرق بين معاداة الصهيونية ومعاداة السامية. وهو يطلق هذه التهمة ببساطة على الذين انتقدوا استخدام إسرائيل المفرط وغير المتناسب للقوة، الذي خلف 232 شهيداً فلسطينياً بينهم 65 طفلاً، إلى جانب تدمير 1174 منزلاً و57 مستشفى ومدرسة مما أضاف مزيداً من الدمار إلى البنية التحتية لمناطق الفلسطينيين المدمرة بالفعل.
ويوضح "ستيفنز" أن إسرائيل التي تمتلك نظام القبة الحديدية للدفاع الصاروخي، تكبدت رغم ذلك 10 قتلى دون وقوع أية أضرار بمدارسها ومستشفياتها. ويشير إلى حقيقة أن إسرائيل حذرت بلطف بضرورة إخلاء المباني قبل استهدافها. ولكن "الاتهامات الموجهة لإسرائيل من سرقة الأراضي الفلسطينية و... العنف الوحشي ضد المدنيين الفلسطينيين وخاصة الأطفال" تجعله يفكر في "الافتراءات القديمة حول الجشع اليهودي وسفك الدماء"!.
والسؤال هنا: لماذا يستبدل ستيفنز بمهارة كلمة "إسرائيل" في عبارة "الاتهامات الموجهة ضد إسرائيل" بكلمة "يهودي" في عبارة "الافتراءات القديمة حول الجشع اليهودي" عدة مرات في المقال؟
ووفقاً لآراء ستيفنز، يشكل انتقاد وزير الخارجية الباكستاني، شاه محمود قريشي، لتأثير إسرائيل على الإعلام "معاداة للسامية" تستهدف الشعب اليهودي. ويندرج إعلان النشطاء المؤيدين للفلسطينيين بشكل تلقائي ضمن مجازات "معاداة السامية". ويعتقد ستيفنز أن محاولات مجموعة يسارية أوروبية عدم تحميل اليهود في أوروبا المسؤولية عن سياسات حكومة إسرائيل، يجب أن تشمل المستوطنين الإسرائيليين وحتى الدبلوماسيين الإسرائيليين، وإلا فهذا يعني "كراهية دولة بأكملها". وكما أشرت هنا سابقاً، إذا أردت انتقاد إسرائيل، فيجب أن تضيف تركيا وأفغانستان!
"بريت ستيفنز" هو المثال النموذجي لأولئك الذين يطلقون على عجل تهمة "معاداة للسامية" على أي شخص ينتقد دولة إسرائيل وأدواتها. وأنا أيضاً أنال نصيبي من هذه الاتهامات بسبب كتاباتي التي تنتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وسياساته غير الإنسانية.
ولطالما انتقدني "بريت ستيفنز" بسبب آرائي وخصوصاً في الآونة الأخيرة حين اعتبرت أن أي ائتلاف لا يضم نتنياهو سيكون بنّاءً من أجل السلام ومن أجل علاقات إسرائيل مع دول الجوار. ويجب دعم أي تحالف من هذا القبيل من قبل الأحزاب العربية في إسرائيل. وقد تلقيت أنا ومعي أكثر من 100 شخص في الصحف التي أكتب فيها، رسائل كراهية من محام سويسري معين.
يجب على "بريت ستيفنز" وأمثاله التوقف عن فعل ذلك. لأنهم بإفراطهم في استخدام "معاداة السامية" وإساءة معاملتهم لمن يخالفهم لا يستطيعون أن يعرقلوا النقد الدولي العادل الموجه إلى إسرائيل. بل على العكس، فإن مثل هذا الهراء الدفاعي يشجع الذين لم يكن لديهم أصلاً قناعة بوجود دولة عربية في فلسطين. ولا يمكن وصف من يندد بسياسات حكومة إسرائيل ولكنه يشيد بجهود مصر والأردن على سبيل المثال، بمعاداة السامية لأن مصر والأردن هما أيضاً دولتان لشعب سامي.
لكننا نعلم أن "ستيفنز" والمحامي السويسري المتخم بالكراهية وأمثالهم يستخدمون هذا المصطلح لتغطية التسمية الفعلية التي تدور في أذهانهم والتي لا يمتلكون الشجاعة الكافية لقولها.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس