ترك برس
أشار تقرير تحليلي لوكالة رويترز، إلى أن الإمارات العربية المتحدة وتركيا أصبحتا تدركان ثمن التوترات الجيوسياسية بينهما، وأن الوضع يفاقم أعباء جائحة "كوفيد-19".
وبحسب التقرير، فإنه بعد سنوات من التنافس الإقليمي والتصريحات العدائية، يقول مسؤولون ودبلوماسيون إن هدنة بين تركيا والإمارات تؤدي إلى تراجع في حدة توتر استمدت منه بعض الصراعات نيرانها ومن بينها الحرب الليبية.
لكن في وقت ما زالت فيه الخلافات السياسية عميقة الجذور، هناك توقعات بأن يركز البلدان على بناء العلاقات الاقتصادية وتخفيف حدة خلاف أيديولوجي أفضى إلى حالة من الاستقطاب الشديد في الشرق الأوسط.
فقد أجرى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اتصالا هاتفيا مع محمد بن زايد آل نهيان، الزعيم الفعلي لدولة الإمارات العربية المتحدة، الأسبوع الماضي في أعقاب اتصالات بين مسؤولي المخابرات والحكومة في البلدين.
وناقش أردوغان أيضا، وهو الذي قال قبل عام إن تركيا قد تقطع العلاقات الدبلوماسية مع أبوظبي بسبب إقامة علاقات مع إسرائيل، الاستثمار الإماراتي في تركيا مع مستشار الأمن القومي لإمارة أبوظبي.
ونقلت رويترز عن مسؤول إماراتي قوله إن "الإمارات مهتمة باستكشاف آفاق تعزيز العلاقات"، في إشارة إلى فرص التجارة والاستثمار في مجالات النقل والصحة والطاقة.
جاءت المحادثات في أعقاب جهود أسبق بذلتها تركيا لتهدئة التوترات مع السعودية ومصر حليفتي الإمارات. ومن المقرر أن يصل وفد من القاهرة إلى أنقرة الثلاثاء.
لم تثمر هذه الاتصالات عن نتائج تذكر حتى الآن، لكن البعض يرون أن المسار الإماراتي يتحرك بسلاسة وسرعة أكبر.
قال دبلوماسي في الخليج إن العملية "تسير بخطى سريعة.. أسرع مما كان يعتقد الكثيرون. لقد قلبوا صفحة الماضي". بحسب رويترز.
ووصف مسؤول تركي كبير الاتصال الهاتفي بين أردوغان والشيخ محمد في الأسبوع الماضي بأنه خطوة بالغة الأهمية باتجاه التغلب على الخلافات التي عكرت صفو العلاقات بينهما، قائلا إن البلدين يمكن أن يتعاونا معا في الشرق الأوسط.
أضاف المسؤول "ستُتخد أولا خطوات فيما يتعلق بالاقتصاد"، موضحا أن القضايا الأخرى "لم يتم الاتفاق عليها، لكن هناك رغبة (في معالجة) القسم الأكبر من هذه المشاكل".
وأوضحت رويترز أن الشقاق تولد من رحم الانتفاضات العربية، عندما اتخذت تركيا موقف الداعم لجماعة الإخوان المسلمين وحلفائهم الإسلاميين الذين تحدوا سلطة الحكام المستبدين من تونس إلى سوريا.
ورأت أن الموقف التركي أثار انزعاج حكام الإمارات، الذين يرون في جماعة الإخوان تهديدا سياسيا وأمنيا.
وفي النزاع الخليجي، وقفت تركيا في نفس الخندق مع قطر ضد الإمارات والسعودية ومصر، بينما ساعد الدعم الذي قدمته أنقرة الحكومة الليبية المعترف بها من الأمم المتحدة على صد قوات تدعمها الإمارات كانت تحاول السيطرة على العاصمة طرابلس.
وتبادل البلدان الاتهامات بالتدخل وممارسة النفوذ خارج حدودهما، ووصف أردوغان ذات مرة وزير الخارجية الإماراتي بأنه وقح أفسده المال عندما أعاد الوزير نشر تغريدة وجه فيها انتقادات لقوات العثمانيين أسلاف تركيا الحديثة.
وفي الصومال، تتسابق تركيا والإمارات على النفوذ. وفي سوريا، لا تزال تركيا تقدم الدعم للمعارضة المسلحة المناهضة للرئيس بشار الأسد فيما فتحت الإمارات، التي كانت تدعم المعارضين في السابق، سفارة في دمشق.
ويقول مسؤولون أتراك ودبلوماسيون خليجيون إن كلا البلدين أصبحا يدركان أنهما يدفعان ثمنا اقتصاديا للتوترات الجيوسياسية بينهما، ويفاقم الوضع أعباء جائحة كوفيد-19.
لكن الإحساس بهذا الثمن ظاهر بصورة أوضح عند أردوغان في تركيا، التي بلغت نسبة التضخم فيها 19 بالمئة وأدت إلى ارتفاع تكاليف المعيشة واضطرت البنوك الحكومية لبيع 128 مليار دولار من الاحتياطي الأجنبي في العام الماضي لدعم الليرة التي تراجعت قيمتها. حسب رويترز.
وقال مسؤول تركي آخر طلب عدم نشر اسمه "تكلفة توتر العلاقات غير محتملة في المنطقة فيما يتعلق بتركيا والإمارات والسعودية".
واختفى من مسرح الأحداث زعيم كان يشجع التدخلات الإقليمية للدولتين عندما خسر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة.
وبالرغم من عدم الإعلان عن أي اتفاق بشأن الاستثمارات، يمتلك البلدان بالفعل أساسا اقتصاديا يمكن البناء عليه.
وعلى النقيض من السعودية، التي تلتزم بنهج مقاطعة غير رسمية للصادرات التركية، تقول الإمارات إنها لا تزال أكبر شريك تجاري لأنقرة في المنطقة.
وضخت صناديق الثروة السيادية لأبوظبي استثمارات ضخمة في الآونة الأخيرة في شركة "غيتير" التركية عبر الإنترنت لخدمات توصيل البقالة إلى المنازل ومنصة البيع بالتجزئة "ترينديول".
وعلى صعيد السياسة سيكون التغلب على الخلافات أشد صعوبة، نظرا لإصرار مصر وحلفائها الخليجيين على "سحب أنقرة لقواتها وللمقاتلين السوريين الذين تدعمهم من ليبيا"، وهو مطلب يصفه الدبلوماسيون بأنه ذو أهمية قصوى بالنسبة للقاهرة وحلفائها.
إلا أنه، بعد مرور عقد كامل على "الربيع العربي"، انتهت معظم الثورات وخارت قوى جماعة الإخوان المسلمين مما يترتب عليه بطبيعة الحال تخفيف اثنين من مصادر التوتر الرئيسية بين أبوظبي وأردوغان، الذي قدم دعما قويا لرموز الإخوان المسلمين.
وقال غالب دالاي، وهو زميل في أكاديمية روبرت بوش في برلين، "لم يعد هذا الملف في نفس المكان على سلم الأولويات بالنسبة للسعودية والإمارات".
وفي لفته من جانبها إلى القاهرة في وقت سابق من هذا العام، فُهمت أيضا في الرياض وأبو ظبي، طلبت تركيا من قنوات المعارضة المصرية بما فيها جماعة الإخوان المسلمين والقنوات ذات التوجهات الإسلامية تخفيف نبرة الانتقادات لمصر.
ولا تزال تركيا تحجب المواقع الإلكترونية لبعض المنظمات الإماراتية، بما في ذلك وكالة الأنباء الحكومية، لكن الحكومة أوقفت ما كان في السابق وابلا لا ينقطع من سهام النقد التي تستهدف الإمارات والسعودية ومصر.
وقال دالاي "الرغبة في التهدئة موجودة لدى الجانبين وسنرى ما يحدث".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!