ترك برس
نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية، تقريراً سلطت فيه الضوء على "الرهاب الفرنسي تجاه تركيا في المغرب العربي"، منتقدة سياسات رئيس البلاد، إيمانويل ماكرون، في المنطقة المذكورة، لا سيما تلك التي تركز على استهداف تركيا فقط.
التقرير الذي كتبه المؤرخ الفرنسي، جان بيير فيليو، ذكر أن الرئيس إيمانويل ماكرون يبالغ في استهداف نظيره التركي، رجب طيب أردوغان، ويتجاهل المخاطر الحقيقية على مصالح باريس في المغرب العربي، والمتمثلة في روسيا والإمارات.
وأضاف أن "ماكرون وفي تصريحاته المتعلقة بالمغرب العربي، يستهدف تركيا فقط، مع أن روسيا والإمارات تعملان على تقليص التأثير الفرنسي هناك"، بحسب ما نقلته وكالة الأناضول للأنباء.
وكان ماكرون، وخلال تصريحات أدلى بها مؤخراً، قد طعن في وجود أمة جزائرية قبل دخول الاستعمار الفرنسي إلى البلاد عام 1830م، وتساءل مستنكرا: "هل كان هناك أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي؟".
وادعى ماكرون أنه "كان هناك استعمار قبل الاستعمار الفرنسي" للجزائر، في إشارة لفترة التواجد العثماني بين عامي 1514 و1830م.
وقال مواصلا مزاعمه: "أنا مفتون برؤية قدرة تركيا على جعل الناس ينسون تماما الدور الذي لعبته في الجزائر، والهيمنة التي مارستها، وأن الفرنسيين هم المستعمرون الوحيدون، وهو أمر يصدقه الجزائريون".
وزعم الرئيس الفرنسي أن تركيا "تقود عمليات تضليل ودعاية" ضد بلاده في مسألة كتابة تاريخ مرحلة ما قبل 1962.
ودعا إلى تبني بلاده لإنتاج فكري باللغتين العربية والأمازيغية؛ لمواجهة المواد التاريخية التي تدين فرنسا.
وفي سياق آخر، قال المؤرخ الفرنسي إن العلاقات التركية الجزائرية ستصل إلى القمة مع الزيارة التي يعتزم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، إجراءها لاحقاً إلى أنقرة.
وأردف: "ماكرون وعبر تركيزه على استهداف أردوغان فقط، ينسى أن الخطر الأكبر على المصالح الفرنسية في المغرب العربي، يأتي من قبل روسيا والإمارات. فقدان الرئيس الفرنسي البصيرة في المغرب العربي، سببه السياسات الخاطئة التي انتهجها في ليبيا خلال السنوات الـ 3 الأولى من حكمه."
وأكد "فيليو" أن دعم ماكرون لقوات الجنرال الليبي المتقاعد، خليفة حفتر، أدى إلى إشعال فتيل "الحرب الأهلية" في البلد العربي، عام 2019، وتقويض أنشطة الوساطة التي كانت تقوم بها الأمم المتحدة هناك.
وتابع: "وبهذا تكون فرنسا قد اصطفت وبشكل سري في صف روسيا، والإمارات، ومصر والسعودية."
ولفت إلى أن "هجمات قوات حفتر على طرابلس، دفعت ب(حكومة الوحدة) إلى أحضان تركيا، والدعم التركي قلب الموازين العسكرية وزعزع صفوف المرتزقة الروس في صفوف حفتر."
وقارن المؤرخ الفرنسي بين نظرة باريس "المتسامحة" تجاه أهداف روسيا في المغرب العربي، وبين "النظرة العدائية" تجاه الأهداف التركية في المنطقة ذاتها.
واستطرد: "كما أن الشريك العسكري الأول للجزائر، هي روسيا. لذا هناك تناقض كبير عند سماع ماكرون وهو ينتقد المنظومة السياسية– العسكرية القائمة على العداء الفرنسي في الجزائر، دون ذكر روسيا الشريك لهذه المنظومة."
ولفت إلى أن "ماكرون لم يتردد في زجر مسؤولي مالي عند طلبهم الاستعانة بالمرتزقة الروس (في الصراع الدائر بالبلاد)، ومن المزعج جداً أن يلتزم الرئيس الفرنسي، الصمت إزاء الشراكة العسكرية بين الجزائر وروسيا".
من جهة أخرى، أشار المؤرخ الفرنسي إلى "العلاقات الوطيدة بل وحتى الشراكة" القائمة بين ماكرون وولي عهد أبو ظبي، الأمير محمد بن زايد آل نهيان، مبيناً أن التحفظات الفرنسية تجاه أبو ظبي، زالت بعد توقيع الأخيرة "اتفاقية السلام" مع إسرائيل، في سبتمبر/ أيلول 2020.
وأردف: "إلا أنه تم تجاهل العلاقات العلنية القائمة بين محمد بن زايد وبعض أعداء فرنسا، مثل قاديروف (رئيس جمهورية الشيشان)."
ويرى "فيليو" أن بن زايد حاول "الانتقام" لهزيمة قوات حفتر في ليبيا، عبر تقويض "التجربة الديمقراطية" في تونس.
ولفت إلى "الدور الهام" الذي اضطلعت به الإمارات ومصر، في تعليق الرئيس التونسي، قيس سعيّد، للعملية الدستورية" في بلاده.
وشدد على وجود "دور إماراتي أيضاً في تصاعد التوتر بين الجزائر والمملكة المغربية."
واختتم "فيليو" مقالته بالتحذير من "دخول العلاقات بين فرنسا ودول المغرب العربي، في مرحلة اضطراب، مبيناً أن تركيا لا تعد الطرف المتسبب لهذا الاضطراب، إلا أنها ستكون وبشكل طبيعي المستفيدة منها".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!