ترك برس
لم تتأخر في تركيا في التعليق على ما تشهده كازاخستان من احتجاجات على زيادة الأسعار وتردّي الظروف المعيشية، معربة عن ثقتها التامة في قدرة الإدارة الكازاخية على تجاوز أزمة الاحتجاجات في البلاد.
وتتمتع تركيا وكازاخستان بعلاقات استثنائية وتاريخية ترتقي إلى مستوى الحلف الاستراتيجي، وذلك لعوامل عدة تتراوح بين السياسي، والاقتصادي والثقافي.
ويعد "أرض الكازاخ" إحدى الدول الكبيرة الناطقة باللغة التركية؛ فتركيا وكازاخستان تربطهما علاقات تاريخية وثيقة ومصالح كبيرة، لتشابه الثقافة والعرق واللغة بينهما، فضلا عن التبادل التجاري المتنامي.
وفي تصريح سابق، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن أنقرة ونور سلطان تملكان مفتاح الأمن والاستقرار في المنطقة، في ظل وقوع كازاخستان كخط ربط بين آسيا الوسطى والأسواق العالمية عبر بحر قزوين.
** جذور العلاقات وارتقائها إلى مرحلة الحلف الإستراتيجي
اتسمت العلاقات التركية الكازاخية بالتطور السريع منذ الأيام الأولى لإقامة العلاقات الدبلوماسية في الثاني من مارس/آذار 1992، وكانت تركيا من أوائل الدول التي تعترف باستقلال كازاخستان بعد سقوط الاتحاد السوفياتي عام 1991، وأسهم الزعيم التركي الراحل تورغوت أوزال في تأسيس وتطوير التعاون المثمر بين البلدين، بحسب تقرير لـ "الجزيرة نت."
وقد لعب العامل الثقافي واللغوي دورا مهما في تقريب العلاقات، خاصة مع قمة إنشاء الأكاديمية التركية في أستانة عام 2010، وقمة الدول الناطقة بالتركية عام 2011 في ألماتي التي تشهد حاليا مزيدا من الاحتجاجات.
وتوجد اتفاقيات عسكرية بين الجيش الكازاخستاني وشركة "أسيلسان" للصناعات الدفاعية التركية، وفي الوقت الحاضر يدرس في كازاخستان نحو 700 طالب تركي، كما يعمل هناك عشرات الأساتذة الأتراك، فضلا عن 400 شركة تركية تعمل في كازاخستان، نفذت إلى الآن مشاريع بلغت قيمتها 16 مليار دولار.
وخلال عام 1998، تم التوقيع على إعلان أنقرة، الذي أكد فيه رؤساء دول أذربيجان وجورجيا وكازاخستان وتركيا وأوزبكستان ووزير الطاقة بالولايات المتحدة الأميركية أهمية مد أنابيب تصدير النفط عبر بحر قزوين والقوقاز.
كما رعت كازاخستان محادثات "أستانة" حول سوريا، بمشاركة ممثلي الدول الضامنة، تركيا وروسيا وإيران. وأرسلت كازاخستان مروحيتين وفريق إطفاء إلى تركيا من أجل المشاركة في إطفاء حرائق الغابات التي اشتعلت في عدة ولايات خلال العام الماضي.
وفي سنة 2015، قام الرئيس التركي أردوغان بزيارة رسمية إلى كازاخستان تقرر خلالها تسريع العمل في إطلاق مجلس العمل الموحد المشترك على أعلى المستويات، وشهدت الزيارة توقيع 19 عقدا بقيمة مليار دولار في مختلف مجالات الصناعة والتجارة، وإقامة منطقة صناعية مشتركة بين البلدين. كما زار الرئيس الكازاخي قاسم جومارت توكاييف إسطنبول مع نهاية عام 2021، في سياق حضوره قمة منظمة الدول التركية.
** أهمية كازاخستان لتركيا اقتصاديا
حسب معطيات رسمية، فإن البلدين حققا عام 2019 تبادلا تجاريا بلغت قيمته 3 مليارات و127 مليون دولار، وهو ما يمثل زيادة عن عام 2018 بمقدار مليار و233 مليون دولار.
وسجلت الصادرات الكازاخية إلى تركيا ارتفاعا كبيرا بنسبة 89% مقارنة بعام 2018، وكانت قيمة هذه الصادرات نحو 2 مليار و308 ملايين دولار، في وقت ارتفعت فيه الصادرات التركية إلى كازاخستان بنسبة 25%، أي أن قيمتها وصلت إلى 819 مليون دولار، بعد أن كانت 655 مليون دولار عام 2018.
وتسعى الحكومتان إلى رفع سقف التبادلات التجارية لتصل إلى 10 مليارات دولار خلال الفترة القادمة.
وأبرز الصادرات التركية إلى كازاخستان من المنتجات الكهربائية والمنسوجات، وفي المقابل تمثلت صادرات كازاخستان إلى تركيا في المواد الخام مثل النحاس والغاز الطبيعي والنفط والزنك وغيرها.
وقال رئيس مجلس إدارة جمعية العلاقات الاقتصادية الأوروبية الآسيوية التركية، حكمت إرن، إن أكثر من 500 مشروع برؤوس أموال تركية كازاخية في كازاخستان، فضلا عن 160 مشروعا برأسمال تركي.
وفي 2 يناير/ كانون الثاني الجاري، اندلعت احتجاجات في كازاخستان بسبب زيادة أسعار الغاز، أسفرت عن سقوط ضحايا وأعمال نهب وشغب في ألماتي، كبرى مدن البلاد.
وفي 5 يناير، أعلنت الحكومة استقالتها على خلفية الاحتجاجات المناهضة لها، تلاها فرض حالة الطوارئ في عموم البلاد بهدف حفظ الأمن العام.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!