إتيان مهتشوبيان - صحيفة أكشام - ترجمة وتحرير ترك برس
التغيير الرئاسي الذي يريده حزب العدالة والتنمية هو في الحقيقة ما يحتاجه المعارضون للإطاحة بحزب الحاكم. قبل كل شيء أريد أن أؤكد على أن التغيير في القانون البرلماني الذي يهدف لإعطاء دور للتعددية السياسية في المجالس البرلمانية القادمة أصبح قاب قوسين أو أدنى.
وحقيقة الأمر تؤكد أن الذي يعطي الحكم ويغيره ليست الآليات التي تحكم تداول العملية السياسية مثل تغيير قانون البرلمان والقانون الرئاسي، وإنما الوسط الشعبي والثقافة السياسية، فلتحقيق التمكين السياسي يجب أن تكون القاعدة الأساسية في التعامل قائمة على ديمقراطية حقيقية.
وأضيف أن تغيير قانون الانتخاب الرئاسي سيغير الكثير في الوسط السياسي، فالوسط السياسي الفضفاض لن يدوم إذا بدأت إجراءات التغيير للنظام الرئاسي بسبب الأجواء المشحونة التي ستصحب هذه العملية، فالنقاشات والجدالات التي ستتبع التغيير على القانون الأساسي ستفسد المزاج العام وتغلق المجال السياسي.
أما الحقيقة التي يغفل عنها الكثير تُشير أن المستفيد الأكبر من تغييرات القانون الانتخابي لرئاسة الجمهورية هي الأحزاب المعارضة. وكما هو معرف فإن الثبات السياسي أو الاجتماعي لا يستمر مهما طال أمده ولهذا فإن التقلبات الاجتماعية والسياسية قادمة لا محالة والغالب أنها ستكون في مصلحة الأحزاب المعارضة؛ لأن الغلة التصويتية لحزب العدالة والتنمية ستنقص بالتأكيد وهو ما يعني احتمالية حصوله على المرتبة الثانية في الانتخابات القادمة وبالذات في الإعادة، حيث من المتوقع أن تتحالف الأحزاب المعارضة خلف مرشح واحد وقد يفوزوا برئاسة الجمهورية.
فطبيعة الوضع السياسية الذي نعايشه اليوم تؤكد أن أحزاب مثل الحزب الجمهوري وحزب الشعوب الديمقراطية مرشحة جدا للتحالف في المستقبل وقد يكون هنالك غيرهم الكثير من الأحزاب التي قد تشارك في التحالف لأسقاط الحزب الحاكم. ولن يكون عندها سلطة حقيقية للمجلس البرلماني ليقاوم ما يمكن أن تتمخّض عنه تبعات تلك الهزيمة.
فما لذي يريده أردوغان من تغيير النظام الرئاسي؟ إذا كان يُفكّر بزيادة فترة التمكين لحزبه ولنفسه فلماذا يقبل بمثل هذه المخاطرة؟ فالوضع السياسي عندما يكون بيد البرلمان يكون عليه شبكة أمان تهيمن على القرارات السياسية الممكن اتخاذها. فلا يوجد قرار سياسي يمكن أن يُتخذ من دون أن يمر بمراحل تمحيص لهذه القرارات قبل أن تخرج بشكلها النهائي.
فأي قرار تريد الحكومة أن تخرج به يمر على شبكة من التحقيق الأساسي موثوق بها ثم يتبعه جدل وحوار يوجه النتيجة المحتملة بحق هذا القرار. فالقرار لا يُكتفى بمروره على القانون الأساسي بل يتم نقاش مدى صحة هذا القرار. فالبيروقراطية تسمح بوجود آليات مقاومة لكل قرار أو قانون يريده أحد الأطراف، وقد تتسبب هذه المقاومة في تأخير خروج القانون أو حتى عدم خروجه. إذا كان الوضع السياسي الأن بهذا الشكل مع كل المساوئ الناتجة عن الفترة الطويلة لاستصدار بعض القوانين، ومع كل هذا هل يستحق تغيير القانون الرئاسي كل المخاطر المترتبة عليه؟؟؟
لو تغير القانون الأساسي بحيث يمنع المقاومة البيروقراطية ويُسرّع من الأعمال ليزيد معدل الإنتاج، فإن مشكلة الناس التي يتم شرائها لن تنتهي؛ لأنه سيكون دائما هنالك من يدفع المال وهنالك من يقبله. وبهذا فإن حزب العدالة والتنمية يكون قد قبل بالرهان على المخاطر الناجمة عن تغيير القانون الأساسي من أجل أن يسرّع من وتيرة إنتاجه ويزيد من فترة تمكينه على سدة الحكم.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس