ترك برس-الأناضول
قالت البروفيسور حواء إيشكان إيشيق، رئيسة أعمال الحفر بالمدينة الأثرية "باتارا"، إن الاخيرة المعروفة بـ"مهد الحضارات" تأخذ زوارها في رحلة عبر التاريخ بما تضمه من آثار تعود لحقب زمنية وحضارات مختلفة، ابتداءً بالإمبراطورية الرومانية وانتهاءً بالعهد العثماني.
وتقع "باتارا" التي يعود تاريخها إلى القرن الثامن قبل الميلاد، ضمن حدود قضاء قاش بولاية أنطاليا جنوبي تركيا، وتجاورها تلال رملية شبيهة بتلك الموجودة في صحارى مصر. وتضم المدينة آثاراً تدل على وجود حياة بشرية بها قبل حوالي أربعة آلاف عام. كما تعرف بأنها عاصمة اتحاد ليكيا الذي كان يضم 23 مدينة في منتصف القرن الأول الميلادي.
وخلال أعمال الحفر بالمدينة تم الكشف عن مبنى مجلس اتحاد ليكيا الذي يعد واحداً من أقدم وأفضل نماذج الديمقراطية في العالم، وبه كان يلتقي ممثلو مدن اتحاد منطقة ليكيا، وكان المجلس مصدر إلهام للمدن المتحدة في المنطقة أثناء تأسيسها.
وتعرف باتارا بــ "مهد الحضارات" لأنها تضم آثاراً لعدة حضارات استضافتها على مر التاريخ، ولذلك يشعر زوارها وكأنهم انطلقوا في رحلة عبر الزمن.
وتضم المدينة آثارا وحكايات من عدة عصور منذ عهد الإسكندر الأكبر وحتى عهد السلطان العثماني عبد الحميد الثاني.
كما تشير أعمال الحفر إلى أن القديس نيكولاس المعروف بـ"بابا نويل" ولد في باتارا في القرن الرابع وعاش بها طفولته، وتدرّج القديس نيكولاس في مناصب الكنيسة، حتى تم إرساله أسقفاً إلى منطقة "دمره"، في أنطاليا وتوفي هناك.
وإلى جانب مبنى مجلس اتحاد ليكيا تضم "باتارا" أقدم منارة بحرية، وحمام شُيد في عصر الإمبراطور الروماني نيرون، ومجرى للمياه، ومدخل المدينة التاريخية، والمسرح الروماني المدرج الذي يمثل مرحلة الانتقال المعماري بين العصرين الهلنستي والروماني، ويعد واحدا من أكبر المسارح الرومانية في الأناضول، وتبلغ سعته 6 آلاف شخص.
وتنتظر المدينة زوارها للاستمتاع بهذا الثراء الثقافي والتاريخي. ومن المتوقع أن يتجاوز عدد زوار المدينة خلال العام الجاري 500 ألف زائر.
- محطة التلغراف اللاسلكية
وفي حديث لوكالة الأناضول قالت إيشيق إن مدينة بتارا التاريخية بدأت في استضافة فعاليات فنية وثقافية مع الانتهاء من ترميم المسرح الروماني بالمدينة التاريخية.
وأضافت أن المسرح حافظ على طبيعته وأصالته بعد أعمال الترميم، وأن مبنى اجتماعات مجلس اتحاد ليكيا يقع إلى جوار المسرح مباشرة.
وأوضحت أن المبنى يعد واحداً من أكثر الآثار التاريخية بالمدينة التي يقبل الزوار على رؤيتها، وأن الفيلسوف الفرنسي مونتسكيو صاحب نظرية فصل السلطات وصف اتحاد ليكيا بأنه أفضل نموذج لنظام الجمهورية في العالم.
وأشارت إيشيق إلى أن بوابة باتارا تعد من أهم بوابات المدن الأثرية التي تجب زيارتها لخصائصها المعمارية الفريدة ومحافظتها على حالتها حتى يومنا هذا.
وتابعت " من الآثار الأخرى التي تلفت الانتباه في "باتارا" المنارة البحرية، وحمام الميناء، وشارع الأعمدة. كما أنها تضم ميراثاً تكنولوجياً هاماً، وهي محطة التلغراف اللاسلكية التي أنشأت عام 1906. وكانت الرابط الوحيد بين الدولة العثمانية وآخر أراضيها في شمال إفريقيا طرابلس غرب."
وأفادت إيشيق أن أعمال ترميم المحطة وتحويلها إلى متحف لا تزال مستمرة.
ولفتت إلى أن أعداد الزوار بدأت تزداد مع انحسار تأثيرات وباء كوفيد-19، وأن عدد زوار المدينة العام الماضي بلغ 400 ألف، مشيرة إلى أنهم يتوقعون تجاوز عدد الزوار 500 ألف خلال العام الجاري.
وشددت على أن مدينة باتارا من أهم المدن التاريخية التي يجب زيارتها والاستمتاع بثرائها الطبيعي من سواحل وشواطئ وتلال رملية وآثار تاريخية تعود لحضارات مختلفة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!