د. محمد العادل - خاص ترك برس
أتابع ما يكتبه بعض إخواننا العرب وما يقوله بعضهم على شاشات الفضائيات.. وأشفق على حالهم.. فكثير منهم لا يقرأ المشهد التركي بعمق ويبني تحليلاته على سطح المقالات المتناثرة التي يطلع عليها.. دون إدراك لطبيعة الدولة التركية والإيمان العميق لدى الإنسان التركي بوطنه ودولته..
بعض هؤلاء من الإخوة العرب لا يخفون ابتهاجهم بتراجع نسبة حزب العدالة والتنمية لاعتقادهم أن هذا التراجع يعتبر هزيمة أو مقدمة للهزيمة، وأنا أطرح عليهم هذه الأسئلة؛
أولا: هل أن حصول أيّ حزب على المركز الأول في أيّة انتخابات وبنسبة 40 % وبفارق كبير عن الأحزاب الأخرى يعتبر هزيمة؟
ثانيا: وهل أن عودة تركيا إلى دوامة الحكومات الائتلافية، واحتمالات تراجع حركة الانتعاش الاقتصادي فيها لن ينعكس سلبا على العديد من البلدان العربية؟
ثالثا: وهل أن أيّ تراجع للدور الإقليمي التركي لن ينعكس سلبا على الأوضاع في المنطقة، ويعيد تشكيل خارطة التوازنات الإقليمية بما يزيد من خلط الأوراق لاسيما في سوريا والعراق والخليج العربي؟
رابعا: ولمن يرى أن الدور التركي كان سلبيا في المنطقة، أسأله: هل كانت الأوضاع في المنطقة مستقرة قبل بروز الدور التركي خلال العشر سنوات الماضية؟
خامسا: ولو فرضنا أن بعض الحسابات التركية كانت خاطئة في ملفات معينة وهو أمر وارد في عالم السياسة، ألا يفترض أن يتعامل إخواننا العرب بإيجابية مع أنقرة من أجل المصالح الاستراتيجية المشتركة المتصلة بمستقبل المنطقة؟
والخلاصة التي يهمني أن أشير إليها وقد يكون من مصلحة إخواننا العرب الاطلاع عليها؛
أولا: أن هذا التراجع الذي طرأ على حزب العدالة والتنمية في تركيا، سيدفع هذه الحركة الى تجديد نفسها، وهو أمر مطلوب في كل مسار سياسي أو ديني أو مدني أو غيره وحالة طبيعية وإيجابية ، ولا نستبعد أن تظهر من رحم العدالة والتنمية حركة جديدة في رؤيتها وقيادتها تواصل المسيرة بأدوات مختلفة.. وهو أمر يجيده الأتراك باحتراف شديد.
ثانيا: أن من يعتقد أن الدور الإقليمي لتركيا سيتراجع بشكل كامل فهو واهم.. فقد تتغيّر الأدوات الأطر.. لأن السياسة الخارجية والحضور الاستراتيجي لتركيا لا يصوغه القرار السياسي بمفرده (مهما كان لونه) بل تشارك فيه المؤسسات الدستورية المتداخلة للدولة التركية بما يتوافق ومصالح الأمني القومي التركي.
ثالثا: أنّ مصلحة الطرفين العربي والتركي المحافظة على المكاسب المشتركة التي تحققت بين الجانبين والعمل على تعزيز الشراكات بينهما في إطار المصالح المتكافئة وبما يعزّز التوازن الإقليمي ويساهم في تحقيق الأمن والاستقرار لشعوب المنطقة، وهذا ليس دورا مقصورا على الحكومات فقط بل أعتقد جازما أن دور الحركات المجتمعية العربية والتركية يبقى هو الأقوى والأكثر تأثيرا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس