ترك برس
شهدت الأسابيع الأخيرة، جدلاً واسعاً حول احتمال تطبيع العلاقات على مراحل بين تركيا والنظام السوري، بعد أن كانت تسودها القطيعة منذ اندلاع الأحداث السورية عام 2011، إلا أن تساؤلات طرحت حول إذا ما تشكّلت الأرضية اللازمة والكافية من أجل التطبيع بين البلدين، لا سيما وأن هناك العديد من نقاط الخلاف المعقدة بينهما.
وأثار وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو في 11 أغسطس/آب الجاري عاصفة من الجدل، عندما كشف عن محادثة قصيرة أجراها مع وزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد، داعيا إلى "مصالحة بين النظام والمعارضة بطريقة ما".
وأثارت المحادثة التي أجراها جاويش أوغلو -على هامش اجتماع حركة عدم الانحياز قبل 10 أشهر في بلغراد- شكوكا بشأن رغبة تركيا في التخلي عن نهجها الداعم للمعارضة والمطالبة بتحقيق انتقال سياسي في سوريا.
ولم يطل الجدل الذي أثارته هذه التصريحات، فقد قطع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الشك باليقين عندما صرّح -في رحلة عودته من مدينة لفيف الأوكرانية يوم الجمعة الماضي- بأن بلاده لا تهدف إلى هزيمة بشار الأسد في سوريا، إذ قال "يتعين الإقدام على خطوات متقدمة مع سوريا من أجل إفساد مخططات ضد المنطقة".
وأضاف أردوغان أن بلاده "ليست لديها أطماع في سوريا، وتُولي أهمية لوحدة أراضيها، وعلى النظام إدراك ذلك"، وأردف "لا يمكن التخلي عن الحوار بين الدول، ويمكن أن يتم في أي وقت، ويجب أن يتم".
لا شروط مسبقة
وفي حين سبقت تصريحات المسؤولين الأتراك تقارير صحفية زعم بعضها أن لقاء يجري التحضير له بين أردوغان ورئيس النظام السوري بشار الأسد في قمة منظمة شانغهاي، نفى وزير الخارجية التركي التخطيط لهذا اللقاء، مؤكدا أن الأسد غير مدعو إلى القمة، لكنه شدد على أنه "ليست لتركيا شروط مسبقة للحوار مع دمشق".
وكشف الصحفي التركي -المقرب من دوائر صنع القرار- عبد القادر سلفي عن أنه سأل إن كان أردوغان سيلتقي بالأسد، مضيفا أن الإجابة كانت: "في الوقت الحالي، لا يوجد اتصال متوقع على المستوى السياسي"، واستدرك قائلا: "انتبهوا، قيل: في الوقت الحالي، لم يُقل: لا".
تقارب بلا أرضية
وفي حين يبدو النهج التركي الجديد تجاه الملف السوري أقرب إلى انقلاب في المواقف، تستبعد المعارضة السورية، التي تفضّل غالبا الصمت في هذا الموقف، حدوث تقارب جدي بين تركيا والنظام، في وقت يحيل فيه مراقبون المسألة برمتها إلى رغبة أنقرة في جني مكاسب سياسية واقتصادية آنية، من دون انتظار أن يصل هذا المسار إلى نهايته.
ونقل تقرير لـ "الجزيرة نت" عن عضو الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، يحيى مكتبي، إنهم يحترمون الشؤون الداخلية وتوجهاتها لكل الدول، لكنه أكد -في الوقت نفسه- على "خيار الانتقال السياسي في سوريا، بناء على القرارات الدولية وتطبيقها، خاصة بيان جنيف 1 والقرار 2254".
وذكّر القيادي في المعارضة السورية بأنه "لن يكون هنالك استقرار ولا أمان لسوريا ودول الجوار ولا عودة للاجئين، إلا بالتخلص من بشار الأسد وكبار المجرمين معه".
وفي حين عبّر عن تقدير المعارضة لما قدمته تركيا لقضية الشعب السوري على المستويات كافة، قال "لا نرى أرضية متماسكة لحدوث تقارب بين تركيا ونظام الأسد، لأن نظامه لم يرتكب إجرامه وإرهابه ضد الشعب السوري فحسب، بل وصلت شروره إلى دول الجوار، خاصة من خلال دعمه لتنظيم ب ي ك/ي ب ك"، وهو التنظيم الذي تتهمه تركيا بالارتباط بتنظيم "بي كي كي"، وتصفهما بالإرهابيين.
جوانب خطيرة
من جهته، حذّر الأكاديمي والخبير السياسي محمود الحمزة من عواقب عودة العلاقات بين تركيا والنظام السوري إلى سابق عهدها، معبرا عن اعتقاده بأن "المصالحة إذا حصلت ستجلب كوارث على تركيا".
ولفت الأكاديمي إلى ما اعتبرها جوانب سلبية خطيرة للتقارب التركي مع النظام السوري، وقال إن "بي كي كي عمل بإشراف ودعم من النظام (السوري) ضد تركيا وضد الثورة السورية، وبالتالي يجب ألا يتوهّم الأتراك بأن نظام الأسد سيكون جارا طيبا، ويحترم الحدود، ولا يتدخل في الشأن التركي".
والموقف التركي المتقدم تجاه النظام السوري قابله الأخير بدعوة للحوار لكن بلغة أقل حماسة، إذ أكد وزير خارجية النظام -خلال زيارته إلى موسكو- أن نظامه "لن يضع أي شروط للحوار مع تركيا، لكن نطالب أنقرة بالانسحاب من الأراضي السورية، والتوقف عن دعم الجماعات المسلحة".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!