عبد القادر سلفي - صحيفة يني شفق
المشهد بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة وضع السياسة التركية أمام امتحان صعب للغاية. فقد عادت العاصمة أنقرة إلى حالتها القديمة بالحديث عن حسابات التحالفات والانتخابات المبكرة وحكومة الأقلية. ونحن نشهد حاليا ما لم نعشه منذ الثالث من نوفمبر ألفين واثنين. فالحديث في المقارِّ المركزية للأحزاب يجري حالياً على الصيغ المختلفة للحكومات الائتلافية، والانتخابات المبكرة.
ومع انتخابات السابع من حزيران/ يونيو قطعت تركيا خطوة نحو مرحلة جديدة. في البداية أريد أن أنقل أحد التوجهات التي استقيتها من مصادر مقربة من رئاسة الجمهورية. الرئاسة ترغب في إيجاد إحدى الصيغ الممكنة لائتلاف حكومي كي لا تنزلق البلاد في عدم الاستقرار السياسي. فبعدما فاز بالترتيب الأول وحكم تركيا طيلة ثلاثة عشر عاما بمفرده، يؤكد حزب العدالة والتنمية على ضرورة عدم ترك البلاد من دون حكومة. ولذلك فالرئاسة ترى أنه من واجب هذا الحزب محاولة تشكيل حكومة ائتلافية رغم صعوبة هذا الأمر، وذلك قبل أن يقرر الانتقال إلى صفوف المعارضة أو الذهاب إلى انتخابات مبكرة.
هذا ما بلغني من انطباعات حول ما يدور في كواليس القصر الرئاسي. أما ما يدور داخل أروقة حزب العدالة والتنمية فالحزب سيتصرف بما تمليه عليه المسؤولية التي أوجبها حصوله على الترتيب الأول في هذه الانتخابات. لذلك فسيعمل ما بوسعه لتجنيب البلاد الفراغ السياسي على مستوى الحكومة. وفي الأثناء سيدخل الحزب في مرحلة من تجديد ذاته.
وفي هذا الإطار سيجري رئيس الحكومة أحمد داود اوغلو خلال هذا الأسبوع سلسلة من الاجتماعات مع زورائه وأعضاء اللجنة المركزية للحزب. وسيجتمع كذلك ببعض قياديي الحزب الذين أمضوا ثلاث فترات في مناصبهم. ذلك لأن الحاجة ماسة ليقوم داود اوغلو بدور قيادي في هذه المرحلة باعتباره رئيس الحزب الذي فاز بالترتيب الأول في هذه الانتخابات.
وسيطرق أبواب الجميع في هذه المرحلة، ليكون الحزب أمام ثلاثة خيارات. الخيار الأول هو تشكيل حكومة ائتلافية. والمرشح الأول لهذا الائتلاف هو حزب الحركة القومية، ذلك لأن القاعدة الشعبية للحزبين قريبة من بعضها البعض.
غير أن رئيس الحركة القومية دولت باهتشيلي أدلى بتصريح مساء يوم الانتخابات، نفى فيه نيته في الدخول في أي ائتلاف حكومي، مؤكداً اكتفاءه بلعب دور المعارضة. لكن ذلك لا يعني إغلاق باب الائتلاف، فمن الممكن أن يتولى أحد القياداة القومية رئاسة البرلمان ليبقى باب الائتلاف مع الحركة القومية مفتوحاً. أما الخيار الثاني فهو ائتلاف كبير يضم حزب العدالة والتنمية وحزب الشعب الجمهوري. وهذه الصيغة تطرحها جهات خارج هذين الحزبين.
وكانت تركيا قد شهدت مثل هذا التحالف في عهد عصمت إينونو ومن بعده سليمان دميرل، الأمر الذي سحب اليمين واليسار إلى المركز لتتسع دائرة وسط اليمين. لكن الخيار الثالث المتاح أمام حزب العدالة والتنمية هو تشكيل حكومة أقلية. وهي إمكانية مطروحة أكثر من الخيارين السابقين. وكان دميرل قد فعل ذلك عام تسعة وسبعين وبولند أجاويد عام تسعة وتسعين.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس