رحيم أر – صحيفة تركيا – ترجمة وتحرير ترك برس
بدأ البرلمان التركي أعماله للدورة الخامسة والعشرين بأداء النواب الجدد لليمين الدستوري. وسيعقب ذلك تشكيل الحكومة الائتلافية الجديدة. خارطة الطريق التركية ليست واضحة حتّى الآن. أمّا الذئاب الذين يتربصون في الخفاء فإنهم يعدّون الخطط ظناً منهم أنّ تركيا دخلت مرحلة الاهتزاز والضعف وبدأت تنزف عقب نتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت في السابع من حزيران/ يونيو الجاري. فقد بدأت الألسن السياسية خلال الفترة الأخيرة تتلفّظ بمفهوم جديد أُطلق عليه اسم "الممر الكردي" أو الدّولة الكردية بالمعنى الأوسع.
على الصعيد الداخلي، لم تتضح بعد معالم الحكومة الائتلافية الجديدة ولم يتضح بعد هل ستذهب تركيا إلى انتخابات مبكرة أم لا. والحقيقة أنّه يبدو من الصعب تشكيل الحكومة الائتلافية في ظل التصريحات المتضاربة التي تصدر من الأحزاب الفائزة بمقاعد في البرلمان. ولنفرض أنّ الأحزاب نجحت في تشكيل هذه الحكومة، فإنّني لا أتوقع أن يطول عمر هذه الحكومة لأكثر من ستة أشهر. وإن استطاعت تركيا من خلال هذه الحكومة الائتلافية إنقاذ الوضع الراهن، إلّا أنّها لن تستطيع السير نحو إنشاء الدولة التركية الكبرى والقوية مع هذه الحكومة. لذلك أرى أنّ الانتخابات المبكرة أو إعادة هذه الانتخابات ضرورية خلال الفترة القادمة.
ومع استمرار نقاشات تشكيل الحكومة الائتلافية في الداخل التركي، فإنّ أحداثاً هامّة وخطيرة تحدث بالقرب من حدودنا على الجانب السوري. فهناك خطة لفتح ممر كردي يصل شمال العراق بالبحر الأبيض المتوسط مروراً بالمناطق الشمالية لسورية والمجاورة لمناطقنا الجنوبية. فالأوساط الدولية تعمل على عزل تركيا وإبعادها عن شؤون منطقة الشرق الأوسط التي نحن جزء لا يتجزأ منها.
أزعج التقارب بين أنقرة وأربيل هذه الأوساط والقوى العالمية. فهذه القوى العالمية ترغب في تحويل طريق النقط العراقي وإبعاده عن ميناء جيلان التركي لتدرج هذه الصادرات تحت إشرافها ومراقبتها. ولتحقيق هذه الرغبة، تعمل القوى العالمية جاهدةً لإنشاء دولة للأكراد بقيادة تنظيم حزب العمال الكردستاني (PKK) وتنظيم حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) في الشمال السوري. وهذه الدّولة هي حلم ظلّ يراود تنظيم (PKK) الذي طال انتظاره منذ أول ظهورٍ له في ثمانينات القرن الماضي وإنّ بدا في الآونة الأخيرة أنّه تخلّى عن هذا الحلم.
في هذه الآونة تقوم القوى العالمية بتقديم كافة التسهيلات لهذا التنظيم من أجل تحقيق حلمه المنتظر. فالشروط المحيطة بالنسبة لهم ملائمة جداً، لا سيما أن العلاقات بين أنقرة والنظام السوري سيئة جداً. وكذلك بالنسبة للعلاقات بين تركيا وإسرائيل. فمصالح تنظيم حزب العمال الكردستاني ونظام الأسد وأمريكا وإنكلترا اجتمعت في تحويل طريق النفط العراقي وإبعاده عن المرافئ التركية وإقامة الدّولة الكردية المجاورة للدّولة التركية. ومن الملاحظ أنّ هذه المصالح جمعت بين الفكر الاشتراكي والفكر الرأسمالي.
إنّ أي قرار سيتخذه البرلمان التركية خلال الأيام القادمة من أجل عرقلة هذا المشروع، سيكون بمثابة امتحانٍ حقيقي لحزب الشعوب الديمقراطي. وسنرى هل سيقف أعضاء هذا الحزب بجانب المخطط الاستعماري الجديد الذي يهدف إلى عزل تركيا عن منطقة الشرق الأوسط أم سيقف بصفّ مصالح الدّولة التركية.
الجميع يتحدث عن الانعكاسات الاقتصادية للحكومة الائتلافية على الدّولة التركية. هذا أمر يمكن تفاديه. أمّا بالنسبة لمشروع إقامة الدّولة الكردية، فهذه مسألة مصيرية بالنسبة لتركيا وهي بمثابة مسألة بقاء الدّولة والأمة. لذلك يمكنني أن أقول بأن تركيا تمرّ بمرحلة حساسة جداً.
على القيادة التركية أن تقرأ الاحداث والوقائع بشكل صحيح. ويجب في هذا الصدد عدم الإطالة في محاولات تشكيل الحكومة الائتلافية. فإن لم تنجح الأحزاب في أول محاولتين، فإنّه يجب الإسراع في إجراء الانتخابات المبكرة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس