ياسر سعد الدين - خاص ترك برس
تكررت في الفترة الأخيرة وتحت لافتات كاذبة وشعارات زائفة من حرية الرأي والتعبير - والتي لا تتحمل حتى حجابا على رأس فتاة بريئة او رفضا للشذوذ الجنسي- حرق المصحف والاساءة له، وكأن المراد التعرض للمسلمين واستفزازهم وتفريغ شحنات الحقد والكراهية تجاه أمة الإسلام والسلام ورسالة الرحمة التي تحملها للبشرة جمعاء.
حرق المصحف دليل إفلاس فكري وأخلاقي، فهم عاجزون على تحدي ما في القرآن من آيات وفكر ومنهج حياة والتي أدت بكثير من حكماء الغرب لإعلان اسلامهم ومن مشارب مختلفة حين وجدوا في القرآن النور والحكمة والهداية الربانية، فلجأوا إلى إحراق المصحف وهو وسيلة التافهين وسبيل المفلسين.
روبرت كوين استاذ القانون ومن خريجي جامعة هارفارد كان مستشارا قانونيا للرئيس ريتشارد نيكسون وكان يهوديا، أسلم رحمه الله بعد أن مرت عليه آيات الميراث فعجب من شموليتها ودقتها وإعجازها معلنا أن هذا الكلام لا يمكن أن يصدر عن بشر خصوصا وأن في اليهودية مجلدات عديدة لتفصل في مسألة الميراث.
هاهم وقد أفلست المدنية الغربية والتي جعلت في بعض دولها ومجتمعاتها أولى اولوياتها تعميم الشذوذ وتغيير خلق الله، رغم الصعوبات الاقتصادية والتي تجتاح العالم والغرب والتضخم وموجات الغلاء الفاحشة، يجدون في الإسلام التحدي الحضاري الأكبر والبديل الأكيد كما أكد مراد هوفمان رحمه الله السفير الألماني الأسبق في المغرب في كتابه الشهير "الإسلام كبديل" بعدما أعلن إسلامه عن قناعة ودراسة وتدبر.
إن ما يحدث في الغرب من تضييق على المسلمين وحرياتهم وشعائرهم وشرائعهم تحت مسميات زائفة هو في الواقع اعتراف غربي مبطن بالهزيمة الفكرية والأخلاقية أمام الإسلام والذي يشكل طوق نجاة للبشرية مما تعانيه من ضنك وتخبط في الظلمات وظلم وحروب وجشع مادي وحياة شهوانية بلا غاية سامية أو أهداف نبيلة.
ما يحدث من اضطهاد للمسلمين وانتكاب الغرب لقيمه التي كانت محط إعجاب كثير من المسلمين من القبول بالآخر واحترام حقوق التعبير والعبادة والتي اختفت أو أوشكت في كثير من المجتمعات الغربية والتطرف في التعامل مع المسلمين وسحق حقوقهم في حرية العبادة والتعبير هي نذر تراجع أخلاقي كبير عادة ما يسبق انحطاط الأمم وتراجع دورها القيادي والقيمي.
تتدخل فرنسا في لباس الطالبات وتمنعهن من ارتداء العبايات بعد منع الحجاب، تحت مسمى الحفاظ على علمانية دولة تحتفل رسميا باعياد الميلاد وتحمل شوارعها الرئيسية اسماء قديسين وقديسات ثم يحضر رئيسها قداس ديني كبير يقيمه بابا الفاتيكان في مدينة مرسيليا الفرنسية. نفاق صارخ عبر عنه حتى سياسيين فرنسيين من معارضي ماكرون.
بتقديري الهجمة الشرسة فيما يتعلق بفرض أجندة الشذوذ وتحويل الجنس غربيا ودوليا، وإن كانت تستهدف المنظومة الاخلاقية والدينية عموما لكنها تستهدف المسلمين بشكل خاص وتقع ضمن محاصرة المسلمين في الغرب والتضييق عليهم وعلى قيمهم ومعتقداتهم. تخيل أن رئيس وزراء كندا وصف مظاهرات سلمية خرجت تطالب بابعاد الأطفال عن التعرض للمواد الجنسية التي تشجع وتثني على التحول الجنسي بأنها مظاهرات للكراهية.
أن الاعتداءات المتواصلة على القرآن بالحرق والانتهاك دليل إفلاس اصحابها وخوفهم من القيم الأخلاقية الرفيعة والتي يحملها القرأن والإسلام. فلماذا يكون الاعتداء فقط على القرأن دون غيره من الكتب والشرأئع بمختلف توجهاتها؟
على المسلمين مع رفضهم الحازم والقاطع على حرق القرآن، عدم اللجوء للعنف والرضوان للاستفزاز -وهو ما قد يسعى إليه التافهون من مقترفي هذه الجرائم- فاستهداف المصحف بهذه الطرق الساقطة يلفت انتباه كثيرين في الغرب ومنهم عقلانيون ومنطقيون للقرآن مما يؤدي ببعضهم لدراسته والدخول للإسلام وهو ما حدث مع عدد ممن انتج اعمالا معادية للإسلام لينتهي بهم المطاف وقد أسلمو وأصبحو من دعاته. كما إن الشعور بالظلم وتعدد المعايير فيما يتعلق بالتعامل الغربي مع المسلمين وقرأنهم يدفع بالعديد من المسلمين البعيدين عن دينهم للعودة إليه والالتزام بتعاليمه والتمسك بقرأنهم.
{ یُرِیدُونَ لِیُطۡفِـُٔوا۟ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفۡوَ ٰهِهِمۡ وَٱللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡكَـٰفِرُونَ }
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس