ترك برس

تناول تقرير للإعلامي التركي توران قشلاقجي، العلاقات التاريخية بين الدولة العثمانية وإيران، والتغيرات الكبيرة التي أحدثها الشاه نادر شاه بعد توليه الحكم في إيران، بما في ذلك محاولاته لكسر نفوذ العلماء الشيعة وتعزيز التآلف بين الشيعة والسنة.

يسلط التقرير الذي نشرته صحيفة القدس العربي الضوء على المراسلات بين نادر شاه والسلطان محمود الأول، وكيفية محاولة نادر شاه إدماج مذهب الجعفرية ضمن أهل السنة، وتفاصيل عرضه الذي قدمه للسلطان محمود الأول.

ويؤكد الإعلامي التركي أن موضوع الاعتراف بمذهب الجعفرية هو العرض الوحيد الذي لم يوافق عليه السلطان، وأحيلت المسألة إلى العلماء السنة في الدولة العثمانية للتشاور بشأنها.

وفيما يلي نص التقرير:

دخلت علاقات الدولة العثمانية مع إيران مرحلة جديدة مع الشاه إسماعيل. فالحروب المتقطعة التي استمرت لمدة تقرب من 60 عاما بين الدولة العثمانية والدولة الصفوية، انتهت بإبرام معاهدة «قصر شيرين» في عام 1639، وهذه المعاهدة رسمت الحدود الشرقية الحالية بين تركيا وإيران. وعلى الرغم من مرور 400 عام من تقلب العلاقات بين الإمبراطوريتين، تعلم السياسيون في البلدين كيفية التعامل والتعايش مع بعضهم بعضا.

كما شهدت العلاقات بين الدولة العثمانية وإيران مرحلة حاسمة وواحدة من أهم نقاط التحول في عهد شاه إيران نادر شاه. في كتابه «التحقيق والتوفيق»، يروي الصدر الأعظم السابق في الدولة العثمانية قوجا راغب باشا (وُلد عام 1698 وتوفي عام 1763)، الأحداث التي وقعت في تلك الفترة، باعتباره كان أحد الشخصيات المسؤولة حينها. كما نُشرت المراسلات بين السلطان العثماني محمود الأول (وُلد عام 1696 وتوفي عام 1754) ونادر شاه من قبل المديرية العامة لأرشيف الدولة التركية. المراسلات بين السلطان محمود الأول ونادر شاه خلقت فرصة لإضفاء بُعد جديد على العلاقات بين البلدين، ففي تلك الفترة، كانت أولى خطوات نادر شاه، بعد توليه العرش هي كسر نفوذ العلماء الشيعة، وتعزيز التآلف بين الشيعة والسنة. وفي هذا السياق، يتضح من خلال خطاباته ومراسلاته بكل وضوح، أنه كان يسعى لجعل الجعفرية جزءا من أهل السنة.

بعد توليه السلطة في إيران وانعقاد اجتماع له في دشت مغان، قام نادر شاه بمراجعة سلطة العلماء الشيعة، وأعاد تخصيص إيرادات الأوقاف للجنود، مما أضعف سلطة العلماء. نُفذ هذا الإجراء رغم معارضة العلماء، وفي خطاب ألقاه من دشت مغان، طلب نادر شاه من مؤيديه قبول الخلفاء الأربعة الأوائل وقراءة الأذان بالطريقة السنية، واقترح تبني مذهب جعفر الصادق، بدلا من العقيدة الشيعية التي فرضها الشاه إسماعيل، وبعد قبول هذه العروض، نُشر إعلان وأصدر نادر شاه أوامر لتجنب التصرفات التي قد تثير الفتنة بين العلماء الشيعة والسنة. أرسل نادر شاه وفدا إلى السلطان محمود الأول لإبلاغه بتوليه العرش ورغبته في تحقيق السلام مع الدولة العثمانية، وكتب رسالة مليئة بالتقدير والمديح للسلطان. وقدم نادر شاه أربعة عروض رئيسية للسلطان العثماني، وهي:

1. السماح لإيران بإرسال أمير حج سنويا عبر سوريا،

2. الاعتراف بمذهب الجعفرية من قبل الحكومة العثمانية وتخصيص ركن له في مكة،

3. تبادل السفراء بين إسطنبول وأصفهان،

4. تبادل الأسرى.

كان موضوع الاعتراف بمذهب الجعفرية هو العرض الوحيد الذي لم يوافق عليه السلطان، وأحيلت المسألة إلى العلماء السنة في الدولة العثمانية للتشاور بشأنها. وبعد فشل التوصل إلى اتفاق مع الدولة العثمانية، جمع نادر شاه العديد من العلماء الشيعة والسنة في النجف وجعلهم يعترفون بالجعفرية على أنه مذهب حق. وبعد هذا الاجتماع، أعاد نادر شاه كركوك وأربيل ورفع الحصار عن البصرة، لكن الدولة العثمانية لم تقبل هذه القرارات وواصلت الحرب. جهود نادر شاه لجعل الجعفرية فرعا من السنة باءت بالفشل، رغم أهدافها السياسية الداخلية والخارجية. وأثارت هذه الجهود غضب العلماء الشيعة، وقيل إنها لعبت دورا في مقتل نادر شاه. واليوم، تبرز آثار مسألة الأصولية والأخبارية في إيران وتطوراتها المحتملة في المستقبل، مدى الأهمية التاريخية لجهود نادر شاه في تلك الحقبة.

خلاصة القول؛ لا يسعنا إلا أن نفكر في الشكل الذي كانت ستأخذه إيران وتركيا والشرق الأوسط اليوم لو أن نادر شاه ومحمود الأول، توصلا إلى اتفاق حول هذه القضية. ولا تزال النقاشات مستمرة حتى يومنا حول ما إذا كان محمود الأول، الذي هزم نادر شاه وفرض الحدود العثمانية – الإيرانية السابقة، قد رفض هذا العرض لأسباب سياسية أم لأسباب أخرى.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!