برهان الدين دوران - صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس
أصبح الارهاب جزء لا يتجزأ من حياتنا في هذا العالم، وأصبح يتربع على عرش أجندة معظم الدول، سواء أكان ارهابا طائفيا أو دينيا او عرقيا، وتسعى الدول الديمقراطية إلى مكافحة الارهاب ضمن القانون، وأول شرط من شروط صدق سعي الدول لمكافحة الارهاب يتمثل بإدانته واستنكاره بغض النظر عن هوية الحزب الحاكم، والمعارضة بدورها يجب أنْ تدعم الدولة في مكافحتها للارهاب.
وقد لاحظنا كيف يتصرف الإعلام الغربي وإعلام الولايات المتحدة الأمريكية مع مواضيع الارهاب منذ أحداث 11 من سبتمبر وحتى أحداث شارلي إيبدو، مع أنّ القوى العظمى كانت تدعم المنظمات الارهابية سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة، والسبب في ذلك التفاهم والتجانس الذي يكون على المستوى الداخلي في دول هذه القوى.
***
تركيا اليوم في مرحلة حساسة تواجه خلالها ارهاب حزب العمال الكردستاني، وسبب حساسية وخطورة المرحلة التي وصلنا إليها في مكافحة هذا التنظيم، لا يتمثل في تغذّيه من خلال الحرب الأهلية في سوريا، ولا من خلال تكوينه "للكانتونات" في شمال سوريا، ولا حتى بسبب تصوير الإعلام الغربي وتلميع صورة الحزب من خلال الترويج إلى أنه يحارب ويقاتل داعش، وليس لأسباب تتعلق بتلقي الحزب دعما من إيران وألمانيا، مع أنها كلها أسباب تصعب مهمة مكافحة التنظيم الارهابي.
لكني هنا أتحدث عن حساسية المرحلة وخطورتها، لأنّ هناك انقسام في وجهة النظر داخل تركيا فيما يتعلق بموضوع مكافحة ارهاب تنظيم حزب العمال الكردستاني، وهذا مكمن خطر حقيقي، والاستقطاب الذي عشناه على مدار عامين، كان سببا في انحراف قطار مكافحة الارهاب عن مساره، وان تصبح المنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، واخبار جماعة غولن ومجموعة دوغان الاعلامية مصدرا للمعلومات، فهذا يعني أنّ هذا الإعلام بعيد كل البعد عن إعلام دولة ديمقراطية حقيقية.
ولا يمكن للمعارضة أنْ تبرر قيامها بالحملة الانتخابية ضد شخص اردوغان بأنه هو "سبب الارهاب" بدلا من أن تدين الارهاب وأصله والقائمين عليه، لا يمكن تبرير ذلك على أنه حق انتقاد ديمقراطي، لكن المعارضة في تركيا تعيش أزمنة ذهنية.
لا تقف اتهامات المعارضة لحزب العدالة والتنمية عند حد اتهامه بعدم قدرته على إدارة عملية السلام بصورة سليمة، وإنما وصل الأمر بهم لاتهامه بأنه "سبب الدماء المراقة"، وأنه يقود حربا الآن "من أجل الانتخابات القادمة".
وهذا يعني أنّ المعارضة تقول بأنّ "حزب العدالة والتنمية يقود حربا ضد حزب العمال الكردستاني" وليس الدولة التركية، وهذا التصور زاد في الآونة الأخيرة واستخدموه بقوة، وبعضهم يقول "أنتم من قتلتم الطفل آيلان، وأنتم سبب قتل رجال شرطتنا".
ولا شك أنّ هذا التنافس الذي خرج عن طور الديمقراطية، يدل على نزاع على الحُكم، لكن لم يصبح الهدف حزب العدالة والتنمية فحسب، وإنما أصبحوا يستهدفون مشروعية كفاح تركيا للارهاب، وعليهم أن يدركوا ذلك بصورة عاجلة.
ربما لا يدركون حتى الآن أنهم يستهدفون باتهاماتهم هذه مصالح تركيا بصورة مباشرة، وما أريد قوله، أنّ إضفاء صفة الشرعية على أعمال حزب العمال الكردستاني لم يكن على الإطلاق في مثل هذا الوضع المريح على مر سنوات طويلة مضت.
***
عملية القضاء على ارهاب يتغذى على العرق والقومية أمر صعب، وما يصعب الأمر أكثر هو أنّ حزب العمال الكردستاني يقاتل في ظروف جغرافية أكثر راحة بالنسبة له، ويتغذى من قوى الخارج أيضا، والأخطاء في هذه المرحلة ستكلف الدولة أثمانا ستفوق أعمار الأحزاب السياسية، ولهذا يجب على المعارضة أنْ تتحلى بالمسؤولية من أجل مصالح تركيا العليا، والدولة التي لا تستطيع مكافحة الارهاب لا تستطيع تحقيق تسوية سياسية.
وما أطلبه من المعارضة، أنْ ينظروا بدقة إلى ما يقولونه ويتفوهون به، ولهذا أقول لهم، احذروا أن تسقط تركيا، وليس العدالة والتنمية وحده.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس