محمد قدو الأفندي - خاص ترك برس

مع اقتراب المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا  من اختتام نصف قرن من الزمن على تأسيسها، فإنها تقف عند مفترق طرق، وتوازن بين نجاحات ماضيها وتحديات الحاضر والمستقبل.   وأكبر تحديات المجموعة حاليا هي الحفاظ على وجودها ككيان، وحماية نفسها من التفكك والانسحابات من اعضاء المجموعة لأسباب عدة أهمها فشلها أحيانا في معالجة العقبات الخاصة بالشأن الاقتصادي بتلبية طموح أعضاء المجموعة في التكامل أو الاستقرار الاقتصادي  والازدهار والتنمية.

كان تصور الأعضاء المؤسسون في مايو 1975 هم (بنين وبوركينا فاسو وكوت ديفوار وغانا وغينيا وغينيا بيساو وليبيريا وموريتانيا ومالي والنيجر ونيجيريا والسنغال وسيراليون وتوغو وغامبيا)، يتمحور حول غرب أفريقيا موحدة لتكون ساحة واسعة وموحدة للإنسان الغرب الافريقي ( الايكواس ) له حرية التنقل مثلما له حرية العمل في كل مراكز النشاط الاقتصادي في هذه المساحة كما تمحور على تصفير التعريفية الجمركية بين أعضاء الدول وشملت طموحات ( الايكواس في اصدار عملة موحدة خاصة بالمجموعة تكون بديلا عن الفرنك المرتبط  هامشيا بالاستعمار السيء السمعة.

وفي سنة 1976 التحقت الرأس الأخضر بالمجموعة ومن ثم أرست قيادات هذه الدول الأساس لكي تعمل الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا كمحفز للتنمية الاقتصادية والوحدة الإقليمية .

وفي سنة 2000 وبالرغم من أنها من بين الدول المؤسسة للمجموعة، قامت موريتانيا بالانسحاب من المنظمة وذلك لعدة اعتبارات منها رغبة نواكشوط في الانخراط أكثر ضمن مجموعة المغرب العربي .

توترت العلاقات بين المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا ودول الساحل الثلاث بوركينا فاسو ومالي والنيجر  منذ استيلاء الجيش على السلطة في النيجر عام 2023، وبوركينا فاسو عام 2022، ومالي عام 2020.

بعد الانقلاب في النيجر، فرضت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا عقوبات صارمة على البلاد، مثل إغلاق الحدود، وإقامة منطقة حظر جوي على جميع الرحلات الجوية التجارية، وتجميد أصول البنك المركزي.

بعد تعليق عضوية الدول الثلاث من قبل المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، ردت الدول الثلاث بإخطار في يناير/كانون الثاني الماضي بأنها ستنسحب في غضون عام، لتتوافق مع الجدول الزمني الذي حددته المجموعة للدول التي تقرر الانسحاب.

وقد جرت مفاوضات بين المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والمجلس العسكري منذ ذلك الحين، لكنها باءت بالفشل .

المملكة المغربية وفي خضم انتصاراتها السياسية على المستوى القاري والدولي في نضالاتها لتوحيد كل ترابها وأعتراف مختلف الأمم في احقيتها لبسط نفوذها على كامل ترابها وخصوصا على إقليم الصحراء المغربية والتي حاول الكثير تعطيل النموذج المغربي في منح الحكم الذاتي لها باعتبارها أرضا مغربية – حيث تبنت معظم دول العالم النموذج المغربي باعتبارها حلا وحيدا لمسألة الصحراء ومنها تأكيدات الرئيس الفرنسي بعد صدور قرار التبني للمبادرة المغربية من الحكومة الفرنسية سابقا وفي يوم امس اكد وزير الخارجية الأمريكي عند لقاءه بنظيره المغربي تأكيده على دعم المبادرة المغربية وسعيه لمساعدة المغرب في أنجاز هذا النموذج  ، اقول في خضم هذه الانتصارات تتبنى المملكة المغربية عدة مبادرات من شانها أن تضيف أمالا للقارة الافريقية وخصوصا للغرب الافريقي في ترسيخ عمل مشترك يعود بالفائدة على تلك الدول أقتصاديا ن ومنها كما نوهنا في مقال سابق للمبادرة الأطلسية وحاليا نتطرق الى مشروع الغاز المغربي مع نيجيريا .

ففي عام 2016 في أبوجا، حين قام ملك المغرب محمد السادس بزيارة رسمية إلى نيجيريا التقى خلالها الرئيس آنذاك محمد بخاري تم مناقشة هذه المبادرة . يشمل المشروع 16 دولة أفريقية أغلبها على واجهة المحيط الأطلسي، انطلاقاً من نيجيريا وصولاً إلى المغرب  وقال الديوان الملكي في بلاغ، إن هذا المشروع سيشكل رافعة استراتجية للاندماج الإقليمي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية لمجموع بلدان غرب إفريقيا.

سيعبر أنبوب الغاز 13 دولة إفريقية، وهي: نيجيريا، بنين، توغو، غانا، ساحل العاج، ليبيريا، سيراليون، غينيا، غينيا بيساو، غامبيا، السنغال، موريتانيا والمغرب قبل أن يصل إلى إسبانيا وسيتم تزويد ثلاث دول افريقية أيضا وهي  

وهي دول غير ساحلية تنتمي للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا   مالي، النيجير وبوركينا فاسو.

ويعتبرهذا الانبوب أطول أنبوب غاز بحري في العالم، حيث يصل طوله إلى أكثر من 5600 كيلومترا.

يتوقع أن تبلغ طاقته الاستعابية ما بين 30 و40 مليار متر مكعب سنويا، بمعدل 3 مليارات قدم مكعبة من الغاز يوميا.

تقدر التكلفة المتوقعة لهذا الاستثمار بحوالي 25 مليار دولار .

أن هذه المبادرة أتت قبل افصاح المغرب عن رغبتها في الانضمام الى مجموعة دول غرب افريقيا ( الايكواس ) وهذا يعني ان المبادرة هي جزء من التوجه المغربي في أنشاء علاقات متينة مع دول غرب افريقيا وأن طلب أنضمام المغرب الى تكتل دول غرب افريقيا بعد تبني هذه المبادرة لنقل الغاز هو لحماية هذا التكتل من التفكك بسبب ضعف المبادرات والاتفاقات بين أعضاء التكتل مما أوحى الى التنبه من زيادة أعضاء الراغبين في الانسحاب منها كما حصل مع أربعة أعضاء سابقا حيث قدموا طلبات في الانسحاب من هذا التجمع الاقتصادي والسياسي .

و من المتوقع بعد ربط حقول الغاز في نيجيريا بالدول الإفريقية المستوردة للغاز من شأنه أن يسهم في تحقيق التنمية الاقتصادية من خلال 

• دعم بلوغ الدول الإفريقية المستوردة للغاز للاستقلال في مجال الطاقة.

• تسريع وتيرة إنجاز مشاريع مد الكهرباء، وتطوير أنشطة اقتصادية وصناعية.

• تعزيز مستوى جاذبية دول غرب إفريقيا لدى المستثمرين بسبب انخفاض تكلفة الطاقة التي سيوفرها المشروع.

• كما تخلق فرص عمل جديدة وتحسين مستوى المعيشة وتحقيق نمو اقتصادي كبير.

• كما انها تعزز العلاقات الاقتصادية بين الدول التي يشملها المشروع.

وأخيرا فان المبادرة المغربية لنقل الغاز مع نيجيريا تعتبر دافعا قويا لأستمرار وديمومة تكتل دول غرب افريقيا حيث ان معظم أعضاء هذا الربط سيشتركون في الاستفادة من هذا التكتل.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس