
ترك برس
أكد الكاتب والإعلامي التركي توران قشلاقجي، أن العالم على أعتاب حرب جديدة، وأن الامتداد الطبيعي لحروب التعريفات الجمركية هو الحرب العسكرية، و«الجبهة الاقتصادية» ليست سوى مقدمة، من غير الواضح كم ستستمر هذه المرحلة.
وقال الكاتب في مقال بصحيفة القدس العربي إن الخطوة الأكثر حكمة التي يجب اتخاذها خلال هذه الفترة هي تعزيز الاكتفاء الغذائي، وشبكات النقل، وقدرات الدفاع.
وأضاف: "يجب على دول المنطقة أن تترك الخلافات الداخلية والتوترات الإقليمية وراءها وتستعد للعاصفة الكبرى المقبلة من خلال بناء تحالفات قوية".
وفيما يلي نص المقال:
كيف سيكون المستقبل؟ وبأي شكل؟ إننا نتحدث طوال الوقت.. ولكن في ظل وجود حقيقة غزة، ومع ثقل الاكتفاء بمشاهدة إبادة جماعية، هل يبقى هناك معنى لما نقوله؟ اليوم، غزة تحترق بشكل مؤلم. كل يوم، يُكفّن الأطفال، أي شيء نقوله أو نناقشه يتحول إلى تذمرات أنانية ثقيلة. لقد سئمنا؛ حتى من هذه السطور. لكن «أسلوب حياتنا الذي تحول إلى نوع من التواطؤ» لا يتوقف أبداً.
الحسابات السياسية الكبيرة ودوامة المصالح الصغيرة لا تتباطأ. العالم من ناحية يتحدث عن «حروب التجارة»، ومن ناحية أخرى عن زيارة نتنياهو للولايات المتحدة. المؤشرات الاقتصادية تشير إلى انهيار كبير، وكأن كارثة عالمية تحدث، يجب أن نتوقف عن الغرق في الصراعات، ونبحث عن سبل لتجاوز هذه الأزمة معا. دعونا لا ننسى أن الفاشية هي ابنة مثل هذه الأزمات المزدهرة.
في تعليقه على حروب التجارة، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن التطورات في منطقتنا والعالم على أعتاب تغيير مهم جدا، والنظام العالمي، الذي تم تأسيسه بعد الحرب العالمية الثانية، وترسخت جذوره مع نهاية الحرب الباردة «يتصدع من أساساته»، وأنه لن يكون من المبالغة القول، إن إعصاراً شديدا مقبلاً سيؤثر على الجميع. كما أكد أن «تركيا من الدول التي استطاعت أن تقرأ الأمور وتديرها، وأن تتمتع بموقف قوي في الميدان، وعلى طاولة الحوار خلال هذا «المسار التاريخي والمؤلم».
أثناء تردد صدى هذه الكلمات، التقى بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي تلطخت يداه بدماء الأبرياء في القرن الحادي والعشرين، بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب. برز تفصيلان من الاجتماع: الأول، أن نتنياهو لم يكن على علم بالاتصالات بين الولايات المتحدة وإيران بشأن البرنامج النووي الإيراني، حتى وصوله إلى واشنطن. الثاني، أن ترامب أشاد بالرئيس أردوغان وقال: «أستطيع حل أي مشكلة تواجهها مع تركيا»، ثم التفت إلى نتنياهو قائلًا: «طالما كنت معقولا».
هذه التفاصيل توضح بشكل صريح أن الأولوية الأساسية للإدارة الأمريكية الآن هي إعادة صياغة التجارة العالمية، وضغط الصين. وكأنهم يقولون: «لا تشغلونا بقضايا الشرق الأوسط». الغضب من نتنياهو سببه ذلك. الإعلام الإسرائيلي يكتب أن الزيارة فشلت، وأن نتنياهو تعرض للتحذير أمام الكاميرات.
في الوقت نفسه، تخضع تحركات الجيش التركي في سوريا لمراقبة الإعلام الإسرائيلي. يتم تتبع القوافل، لأنهم يعارضون إنشاء الجيش التركي لقواعد هناك، حتى إنهم مستعدون لقصف المطارات، إذا لزم الأمر. في الواقع، لقد اختبرنا هذا مرة أخرى في الأسابيع الماضية. هناك تصاعد في التوتر بين تركيا وإسرائيل على محور سوريا. إسرائيل تستهدف المناطق التي تخطط تركيا لإنشاء قواعد فيها، ومن ناحية أخرى، تعمق إسرائيل علاقاتها مع روسيا لموازنة الشؤون المتعلقة بتركيا.
خلاصة القول؛ العالم على أعتاب حرب جديدة.. الامتداد الطبيعي لحروب التعريفات الجمركية هو الحرب العسكرية.. «الجبهة الاقتصادية» ليست سوى مقدمة، من غير الواضح كم ستستمر هذه المرحلة، ولكن الخطوة الأكثر حكمة التي يجب اتخاذها خلال هذه الفترة هي تعزيز الاكتفاء الغذائي، وشبكات النقل، وقدرات الدفاع. يجب على دول المنطقة أن تترك الخلافات الداخلية والتوترات الإقليمية وراءها وتستعد للعاصفة الكبرى المقبلة من خلال بناء تحالفات قوية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!