ولاء خضير - خاص ترك برس

تتسارع دقات الساعات لإجراء الانتخابات البرلمانية، التي وصفت بأنها أشبه بـ"المفصلية" في التاريخ التركي، الموعد يوم الأحد المقبل، كل شيء قيد انتظار نتائج الانتخابات المقبلة، بدءًا من الإصلاحات، وخطط التنمية المطروحة، ومواجهة الإرهاب في البلاد، وانتهاءًا بالتوقيت الشتوي الذي لم يتغير في تركيا، رغم أنه تغير عالميًا! فشعار المرحلة الآن "الانتخابات أولًا".

من المعلوم، أنه سيتم من خلال الانتخابات المقبلة، تحديد الحكومة الجديدة التي ستقود مستقبل تركيا على مدى السنوات الأربع المقبلة، إضافة إلى أن الحزب الذي سيحصد أغلبية الأصوات، سيقوم بوضع دستور تركيا الجديدة، وإمكانية تحولها من نظام برلماني، إلى نظام رئاسي.

وبيد أن الحكومة التركية القادمة تعد بإجراء إصلاحات اقتصادية جذرية، وأنّ خططًا تنموية جديدة سيتمّ تطبيقها، عقب الانتهاء من الانتخابات البرلمانية المقبلة، التي ستجري في الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، هذا ما جاء في كلمة رئيس الوزراء التركي، ورئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم، "داود أوغلو".

دعا داود أوغلو، خلال كلمة ألقاها أثناء مشاركته في الندوة السابعة للاستثمار في تركيا والتي عقدت في نيويورك، المستثمرين إلى عدم الخشية من مستقبل الاقتصاد التركي، وأنّ حالة عدم الاستقرار السياسي السائد في البلاد، "ستزول بحلول الأول من نوفمبر القادم".

وعمل "حزب العدالة والتنمية"، الذي فاز بالحكم في تركيا على مدى 13 عامًا بشكل متسارع، ليخوض الانتخابات البرلمانية المبكرة بشراسة، حيث تركزت جهود الحزب على القيام بمراجعات شاملة، ووضع خطط لاستعادة جزء من الأصوات التي فقدها الحزب في الانتخابات السابقة، بما يضمن له تشكيل حكومة بمفردة، وإنهاء حالة الفراغ السياسي التي تعيشها البلاد .

وتأتي على رأس هذه المساعي، محاولة عقد تحالفات انتخابية مع "حزبي السعادة"، إسلامي يميني، و"حزب الاتحاد الكبير"، قومي- يميني محافظ، الأمر الذي قد يُمكن "حزب العدالة والتنمية"، من الحصول على قرابة مليون صوت جديد في الانتخابات المقبلة.

وعلما أنه يحتاج "حزب العدالة والتنمية" 18 مقعدًا إضافيًا في البرلمان، لكي يتمكن من تشكيل حكومة بمفرده.

وبحسب قانون الانتخابات التركي، يمكن الحصول على هذا العدد من المقاعد بالحسابات النسبية، في حال تمكن الحزب من كسب قرابة مليون صوت جديد، ولا يتطلب الأمر من العدالة والتنمية الذي حصل على 41٪ من أصوات الناخبين بالانتخابات الأخيرة، سوى رفع هذه النسبة إلى 50٪.

أما الطريق الثاني الذي قد يسلكه "حزب العدالة والتنمية"، في حال عدم حسمه للأصوات، هو تكوين "ائتلاف حكومي"، إما مع "حزب الشعوب الديموقراطي"، أو "مع حزب الحركة القومية."

حيث صرح "حزب العدالة والتنمية" بأنه سيقوم بمنح "حزب الشعوب الديمقراطي" دورًا أكبر في السياسة التركية، وقدرة أعلى للعمل على تحسين أوضاع الأكراد، وإتمام عملية السلام الداخلي.

والجدير بالذكر، أن زعيم "حزب الشعوب الديمقراطي"، صلاح الدين دميرطاش، صرح مبكرًا بأن حزبه، لن يتحالف مع "حزب العدالة والتنمية" لتشكيل حكومة ائتلافية.

في هذه الحالة، فإنه يمكن إتمام ائتلاف حكومي، مع "حزب الحركة القومية"، لأن القوميين الإسلاميين، قد يشجعون ويدعمون هذا التحالف، لكن المشكلة هنا، ستتمثل فيما يتعلق بإتمام عملية السلام مع الأكراد، التي يرفضها القوميون.

الإجابة عن هذه الأسئلة، تتطلب قراءة الوقائع والمعطيات على المستويات السياسية، والأمنية والاقتصادية، والاجتماعية التي تحاصر تركيا، والتي تشكل الأساس في تكوين موقف الرأي العام التركي، وخياراته في الانتخابات.

نظرة على الانتخابات السابقة

يذكر أنه يتكون البرلمان التركي من 550 مقعدًا، ويشترط لحزب معين كي يدخل البرلمان أن ينال 10% من إجمالي الأصوات على الأقل.

وخلال فرز نتائج انتخابات 7 حزيران/ يونيو السابقة،  جاء "حزب العدالة والتنمية الحاكم" في المركز الأول، عبر حصده 260 مقعدًا، ليكون عدد المقاعد الأقل في تاريخ الحزب.

أما "حزب الشعب الجمهوري" جاء ثانيًا، عبر حصده 130 مقعدًا، و"حزب الحركة القومية" جاء ثالثًا، بعدما حصد 82 مقعدًا.

اما المفأجاة كانت أن "حزب الشعوب الديمقراطي"، دخل البرلمان لأول مرة ممثلا عن الأكراد، حيث أن الدستور التركي ينص على انه يجب أن يحصل الحزب على ما نسبته 10% من إجمالي المصوتين، حتى يتمكن من دخول البرلمان؛ وبهذا جاء حزب الشعوب رابعًا عبر حصده 78 مقعدًا.

كل الاحتمالات واردة، الإحتمال المرجح أن يفوز "حزب العدالة والتنمية" بالأغلبية المطلقة، ويعود إلى تشكيل الحكومة منفردًا، حيث تشير استطلاعات الرأي أن "حزب العدالة والتنمية"، كسب تأييدا في الشهرين الأخيرين، يتيح له استعادة الأغلبية المطلقة.

أو أن تسفر نتائج الانتخابات عن نسب متقاربة لنتائج الانتخابات الماضية، مما يجبر "حزب العدالة والتنمية"، على القبول بشروط الأحزاب الأخرى، بتشكيل حكومة ائتلافيّة.

أو ربما تأتي النتائج صادمة أكثر، كأن يخسر "حزب العدالة والتنمية"، وهذا يعني أن تركيا قد دخلت في مرحلة حادّة أخرى من اللااستقرار السياسي، نتيجة عدم قدرة أي حزب من الأحزاب، على نيل الأغلبية المطلقة التي تسمح له بتشكيل "حكومة مستقرة".

وتبقى التساؤلات تحوم في عقل كل مواطن تركي، أو أي غيور على تركيا، ما الذي ينتظر تركيا، ومن الذي سيخلصها من حالة الشلل السياسي التي تحاصرها، وما الأفضل لنهضتها ؟ ومن سيحقق لها حلم "تركيا العظيم"، هل هي حكومة الحزب الواحد الحاكم، أم الحكومة الائتلافية، لا قرار سوى قرار الشعب التركي الآن.

عن الكاتب

ولاء خضير

كاتبة وصحفية فلسطينية


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس