ولاء خضير - ترك برس
تشهد تركيا مؤخراً، تصاعد مسلسل الدم الذي بدأ في البلاد منذ سنوات عديدة، ويتصاعد مع اقتراب جولة إعادة الانتخابات البرلمانية في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، هذه التفجيرات، التي خلفت آلاف القتلى والجرحى، وسط اتهامات متبادلة بين الأحزاب المتنافسة، والتي يحاول بعضها استغلال هذا الكم من الدماء، لتحقيق مكاسب انتخابية.
بيد أن تفجير "انقرة" الذي وقع صباح السبت، هو الأعنف والأكثر دموية في تاريخ جمهورية تركيا الحديث، ويُعد محطة فاصلة على جميع الأصعدة في تركيا، فهو يؤثر على نتائج الانتخابات البرلمانية القادمة، والتي يعتبرها الكثيرون مصير تركيا القادم، ومن خلاله ستحدد أوجه من سيحكم تركيا، وماذا سيفعل لها، وإلى أي مستقبل سيقودها.
ولم تسلم تركيا من الهجمات، والاعتداءات، والانفجارات المختلفة، التي طالتها خلال السنوات المنصرمة، فمنذ عام 1982، شهدت البلاد ما يقارب أكثر من 11 اعتداءًا، وتفجيرا داميا في تركيا، خلف آلاف القتلى والجرحي، وشكلت تهديدا للمصالح الوطنية التركية، والانفجارات كالتالي.
شهد مطار العاصمة أنقرة، عام 1982، انفجار قنبلة، ثم تلاه إطلاق نار عشوائي، وهو ما أسفر عن 11 قتيلًا و63 جريحًا، وأعلن ما يسمى "الجيش السري لتحرير أرمينيا"، مسؤوليته عن الهجوم.
وشهدت إسطنبول في عام 1991 إلقاء متفجرات، وزجاجات حارقة، على متجر كبير في الشطر الأوروبي من إسطنبول، مما أسفر عن 17 قتيلًا، و23 جريحًا، ونُسِبت العملية إلى "حزب العمال الكردستاني PKK""، وهو أبرز المجموعات الكردية المتمردة.
وفي عام 1999، خلف اعتداء بقنابل حارقة على مركز تجاري في إسطنبول، اثنا عشر قتيلا، وأعلن حزب العمال الكردستاني مسؤوليته عن الحادث، ثم ما لبث أن نفاه.
وشهد عام 2003، أربعة اعتداءات انتحارية بسيارات مفخخة في إسطنبول، استهدفتا كنيسين يهوديين، والقنصلية البريطانية، وبنك «إتش.إس.بي.سي» البريطاني، ما أسفر عن 63 قتيلًا بينهم القنصل البريطاني العام، ومئات المصابين.
وقد اتصل شخص مجهول بوسائل الاعلام، وتبنى باسم تنظيم "القاعدة"، و"الجبهة الاسلامية لفرسان المشرق الاكبر" التركية، مسؤولية الاعتداءات.
وفي عام 2006، شهدت جنوب شرق تركيا، انفجار قنبلة قرب موقف للحافلات في وسط مدينة دياربكر، مما أسفر عن مقتل 10 أشخاص، كان منهم سبعة أطفال، ووجه اتهام الى حزب العمال الكردستاني، وبعدها نفى المتمردون الأكراد أي ضلوع في الانفجار.
وشهدت إسطنبول، في عام 2008، اعتداءان بالقنابل، أسفران عن 17 قتيلاً، و115 جريحاً، والسلطات تتهم حزب العمال الكردستاني.
وفي عام 2013 ، وقع اعتداء على مركز "جيلفا جوزو" الحدودي الذي يقع جنوب شرق تركيا، وأسفر عن 17 قتيلاً.
وشهد عام 2013، اعتداء مزدوج، أسفر عن 52 قتيلاً في "ريحانلي"، المدينة الكبيرة في جنوب تركيا، قرب الحدود السورية، وحينها شنّ أردوغان خلال كلمته أمام الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية، هجوماً عنيفًا على زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض كليجدار أوغلو، مطالبًا إياه بالاستقالة من منصبه فورًا، ومتهمًا الحزب بالتعامل مع الأعداء والتخطيط معهم ضد تركيا، لأول مرة في تاريخ الأحزاب السياسية التركية .
وشهد أيضًا عام 2015، اعتداءًا في مدينة "سروج" قرب الحدود السورية، أسفر عن 33 قتيلا، ونحو 100 جريح بين ناشطي القضية الكردية، وحمَّلت السلطات التركية تنظيم "داعش"، المسؤولية عن الهجوم، الذي أدى إلى تجدد العنف بين المتمردين الأكراد، وقوات الأمن التركية.
واما فيما يتعلق بتفجيرات انقرة الأخيرة، كشفت مصادر رسمية تركية، عن أدلة جديدةً تؤكد تورط "داعش" في انفجاري أنقرة، حيث أن أحد منفذ عملية أنقرة، هو الشقيق الأكبر لأحد مُنفذي الانفجارات التي ضربت تجمعا كرديا في مدينة سروج، في يوليو الماضي على الحدود السورية- التركي.
وفي حين يعتبر البعض أن هذه الإنفجارات، ما هي الا سيناريو متكرر لحزب العمال الكردستاني المتمرد، الذي يستغل دماء الأبرياء من اجل كسب المزيد من الامتيازات من الحكومة التركية، والذي طالما لجأ سابقاً إلى هذا الأسلوب لتحقيق مصالحه الذاتية.
ويرى البعض الأخر أن هذه الانفجارات هي سيناريو جديد من إخراج الحكومة التركية، لإحراج حزب العمال الكردستاني، وفي اطار محاولة تبرير تدخل سياستها في سوريا، وما تشهده سوريا من اوضاع مضطربة، ادى تدخلها فيه الى وصولها الى تركيا.
وبالنظر الى تاريخ الانفجارات، والاعتداءات التي شهدتها تركيا، فهي تتواصل حتى قبل وصول حزب العدالة والتنمية الى الحكم في تركيا، وهو ما يتهمه البعض انه السبب وراء الانفجارات المستمرة في تركيا.
ومما لا شك فيه ان الانفجارات التي طالت تركيا أخيراً، وبغض النظر عن الجهة المنفذة، أو هدف المنفذين، فإن هذه الانفجارات كشفت حقيقة ثابتة ان اعداء تركيا كثيرون، وان تدمير الحزب الحاكم في تركيا هو الهدف الاول من هذه الانفجارات، وبيد ان شفاء تركيا من الهجومات يكون اولاً واخيراً بوقوفها موحدة ضد كل من يحاول العبث بأمنها .
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس