عبد القادر سلفي – صحيفة يني شفق - ترجمة وتحرير ترك برس
اجتماعات جنيف للسلام المزمع بدؤها اليوم ستناقش المسألة السورية ومستقبل سوريا.
في سياق هذه الاجتماعات والمحادثات هناك سؤالان مهمان:
1- هل سيذهب الأسد أم سيبقى؟
2- هل سيتم تقسيم سوريا أم ستبقى وحدة واحدة؟
وليد المعلم وزير الخارجية السوري كان قد أفاد بأن الأسد يمثل خط أحمر وأضاف أنه لا يحق لأحد كان مناقشة تقسيم سوريا.
سوريا التي تمثل اليوم جثة دولة... ولهذا السبب فإنه لا اعتبار لحديث وليد المعلم وإنما تكمن القيمة الحقيقية فيما اتفقت عليه روسيا والولايات المتحدة الأمريكية.
فالأسد الذي كان قد أعلن هيمنته وحاكميته لجميع التراب السوري وأنه سيحارب ثابتا عن هذه الأرض تراجع إلى الخلف أمام تعزير الروس وتوبيخهم وشهدنا تداول خريطة لسوريا مقسمة إلى ثلاث أقسام. فروسيا وقبل البدء في محادثات جنيف بدأت الحديث ومناقشة اتحاد فدرالي في سوريا.
في الفترة السابقة كنت أتحدث بإصرار عن اتفاقات سرية تجمع الولايات المتحدة الأمريكية مع الروس بخصوص الورقة السورية والحقيقية أني لم أتفاجأ أبدا عندما علمت أن أيران وصلت إلى ذات النقطة ودخلت في هذه الاتفاقات، إيران دولة نحتاج إلى مناقشة دورها وسياستها بدقة كبيرة. أحد الوزراء الأتراك الذين كانوا متأثرين بالثورة الإيرانية، في أثناء زيارة له إلى طهران تزامنت مع بداية الأزمة السورية قال للإيرانيين أن المساعدات والدعم المقدم إلى نظام الأسد يتعارض مع روح وجوهر الثورة الإيرانية. المتحدثين الإيرانيين في ذلك الاجتماع أجابوه: "إن أمن طهران يبدأ من دمشق، إذا سقطت دمشق فستكون طهران هي التالية". ولهذا السبب تسعى طهران إلى سوريا واحدة غير مقسمة لكن تحت سيطرتها في نفس الوقت.
حاولت الولايات المتحدة أن تعادل ميزان القضية السورية من خلال الدفع بالروس إلى المعادلة. في حين أن إسقاط الطائرة الروسية من قبل الجيش التركي كان كافيا لاستبعاد تركيا من هذه المعادلة، فروسيا والولايات المتحدة الأمريكية القوتان المؤثرتان في المنطقة واللتان ابتعدتا عن طاولة مفاوضات جنيف كطرف مباشر تتحكمان الآن بمصير سوريا.
في ذات السياق ولكن من منظور مختلف للأمور، فإنني منذ اللحظة الأولى لبدء محادثات جنيف أنتظر خروج أصوات معادية لأردوغان...
فهم يقولون لا حل للقضية الكردية بوجود أردوغان، ولا يمكن كتابة دستور جديد بوجود أردوغان، والآن انتظر منهم أن يقولوا إنه لا يمكن حل القضية السورية بوجود أردوغان، ألم يكن عداء أردوغان سببا لتحول ثلة المعارضة إلى أنصار للأسد؟
ففي حين تناقش روسيا مستقبل الأسد، هؤلاء المعارضون الأتراك يكادون يصنعون التماثيل للأسد. فإلى هذه اللحظة لم نسمع من أفواههم ولو لمرة واحدة تحميل للأسد المسؤولية عما يجري في سوريا، أما عندما يكون موضع النقاش هو أردوغان فنسمعهم يقولون وبصوت جهوري واحد إن أردوغان هو المسؤول الوحيد والأساسي عن حرب سوريا الداخلية.
حالة انزلاق غريبة، فإذا تحول عداء أردوغان إلى عداء لتركيا فهذا يظهر أن هناك مشكلة، أما إذا تحول عداء أردوغان إلى ولاء وتقديس لإرهاب حزب العمال الكردستاني فهذا يعني وجود مشكلة مستعصية جدا.
بسبب عداء أردوغان رأيناهم يدعمون الانقلاب، ففي السابق كانوا يبحثون عن قائد عسكري "يعرف حدوده جيدا "، أما الآن فهم يقولون "إن هناك حزب معارضة وحيد في تركيا وهو الجيش، بعدما فقد الجيش ثقله في السياسية التركية لم يبقَ وجود لأحزاب المعارضة".
ألا يمكن تغير الدستور وأردوغان يتربع على سدة الحكم؟ إذا فليتذكروا أن الدستور الذي وصفوه سابقا بـ"نعم لكن لا يكفي" تم تغيره على يد أردوغان".
ألا يمكن حل القضية الكردية بوجود أردوغان؟ إن الذين يقولون هذا الكلام هم أنفسهم الذين قالوا سابقا إن على المواطنين العقلاء أن يلعبوا دورهم في هذه الحياة وصعدوا إلى جبل قنديل ونادوا بـ"انسحاب الميليشيات المسلحة".
أما الآن فهم يكتبون: "لا داعي للرجوع بالتاريخ إلى الوراء حتى زمن أدولف هتلر الشهير لرؤية الزعماء المتسلطين الذين استولوا على السلطة والحكم من خلال صندوق الانتخاب. فاليوم هناك الكثير من الأمثلة على الزعماء الذين يحاولون تجميع كل السلطات ومقاليد الحكم في أيديهم بعدما أوصلهم الشعب إلى سدة الحكم، فما فلاديمير بوتين في روسيا، هوغو تشافيز في فنزويلا، يوري موسافيني في أوغاندا ورجب طيب أردوغان في تركيا إلا أمثلة حية على ذلك".
لكن الحقيقة أن رجب طيب أردوغان تم انتخابه في تركيا بنفس الطريق التي انتخب بها هولاند في فرنسا و ميركل في ألمانيا وأوباما في الولايات المتحدة الأمريكية وكاميرون في إنجلترا.
فعندما يتوجه الفرنسيون إلى صندوق الاقتراع ويصوتوا لهولاند تكون قمة الديمقراطية، وعندما توجه الأمريكان إلى الصناديق واختاروا أوباما تكون الديمقراطية في أسمى صورها، فلماذا عندما يتوجه الأتراك ويختاروا رجب أردوغان تكون دكتاتورية واستبداد؟
لو صوت الشعب التركي لصالح أكمل الدين إحسان أوغلو أو لصالح صلاح الدين دميرطاش فعندها كان سيقال ديمقراطية وحرية، فلماذا عندما تم اختيار أردوغان أصبح العكس وأصبحت انتخابات بالإملاء؟
هؤلاء هم أنفسهم الذين قالوا عن مندريس رمز الديموقراطية والحرية بأنه متسلط دكتاتور، وأوزال الذي ألغى المواد رقم 141 و142 و163 من الدستور هو كذلك دكتاتور حسب رأيهم قالوا: إذا ذهب مندريس ستتحسن الأمور.
أعدموا مندريس شنقا، فازدادت الأمور سوءًا.
قالوا: إذا ذهب أوزال ستتحول تركيا إلى جنة ورود.
ذهب أوزال، وتحولت تركيا في أعوام التسعينات إلى جهنم.
أعداء أردوغان وبأحاديثهم المسمومة استطاعوا أن يعموا بصيرة ثلة من المجتمع، فهم يروجون إلى أن أردوغان لا يفكر بطريقة سليمة ولا يقوم بتحليلات حقيقية للأمور.فهذه الجماعة من الكتاب أنشئت لها جزر خاصة مبنية على عداء أردوغان ويدور في شرايينها دم مسموم بالبغيضة والحقد. فعداؤهم لأردوغان قد يؤول بهم جنودا في صفوف حزب العمال الكردستاني المتمركزة في جبل قنديل.
فهم يعيدون مرارا وتكرارا أن لا دستور جديد مع وجود أردوغان ولا حل ممكن للقضية الكردية ما دام أردوغان على كرسي الحكم في تركيا.
ونحن نقول لهم، بوجود أردوغان يمكن أن نكتب دستورا ويمكن أن نتوصل لحل للمعضلة الكردية أطيب وأشهى من العسل...
ففي عهد أردوغان ألم يتمكن المعلمون المفصولون على خلفية الحجاب بعد انقلاب 28 شباط/ فبراير من استعادة وظائفهم، ألم تتمكن السيدات التركيات من دخول مبنى البرلمان والوقوف على منصة المجلس بالحجاب، ذلك المجلس الذي طردت منه مروة قافاقتشي سابقا لذات السبب، ألم يتم السماح بتدريس القران الكريم والسيرة النبوية في المدارس التركية، وفوق هذا كله المناقشات حول أحقية (جان دوندار وأرديم جول) بالتقدم بطلب شخصي لإخلاء السبيل ألا تستند إلى الدستور الذي غيره أردوغان؟
أما بالنسبة للمسألة الكردية رجب أردوغان الذي قال "أنا مستعد لشرب السم" من أجل حل المسألة الكردية ألم يتقدم بمشروعين لحل الأزمة الكردية، ألم يتم رفع الموانع عن المسألة الكردية في عهده؟ فاليوم إذا جلس الكردي وقال بفخر أنا كردي والعلوي فعل كذلك وقال أنا علوي والمتدين فعل مثلهما وصرح بإيمانه وتدينه على الملأ، وإذا طالب غير المسلمين بحقوقهم وممتلكاتهم التي سبيت منهم سابقا وإذا توقفت اجتماعات مجلس النواب يوم الأحد في ساعة القداس فكله بفضل التغيرات التي أحدثها طيب أردوغان.
عداء أردوغان يسمم مثقفينا، لن أقول إنهم يكيلون بمكيالين ولن أقول إنهم يقيسون الأمور بمقياسيين مختلفين، لأنهم وللحقيقة لا يملكون سوى مقياس واحد ومكيال واحد وهو عداء أردوغان.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس