نازيف غوردوغان – صحيفة يني شفق – ترجمة وتحرير ترك برس
انتهت فترة السلام العثماني التي نعم بها الشرق الأوسط مع تسليم والي القدس هاشم الحسني أبواب المدينة لجنرال الاحتلال الإنجليزي دايموند اللمبي عام 1918م، ومن ذلك اليوم والشرق الاوسط يعيش أيامه المأساوية بجنون تشابكت فيه خيوط المسلمين بالمسحيين واليهود، ومع اغلاق تلك الحقبة الجميلة أغُلقت أبواب السلام وطرقها التي ملئت المنطقة وانفتحت في المقابل طرق الشرور التي ادمت معها مرابطة الأخوة؛ حتى بتنا نرى الأخ يقتل أخاه في بيته!
نسفت فرنسا وإنجلترا النسيج الثقافي والسياسي اللذين يربط الشرق الأوسط عندما قدمتا إلى المنطقة أيام الحرب العالمية الأولى، بينما تغير الدور حتى أصبح في يد أمريكا وروسيا اللتين قطعتا أوصال الشرق الأوسط بضربهم لأساسات الديمقراطية عندما دخلت أمريكا إلى العراق وسلحت روسيا سوريا الأسد، في المقابل قام الغرب بالتنفيس عن مخاوفه المُحتملة بإثارة النعرات القبلية والقومية والطائفية في الشرق الأوسط؛ حتى يضعفوه ويصبح خائرا على عروشه.
لو أزحنا الستار عن تلك الفترات الجميلة التي امتدت لقرابة 400 عام في القدس الأبية، لعلمنا حينها معنى السلام الحقيقي الذي يجمع اللغات والأديان ولا يفرقها، وفي هذا كتب ميشيل كومبوس عن تلك السنين في مطلع القرن العشرين في كتاب أسماه "الصداقة العثمانية"، وتكلم فيه عن السلام وكيف كانت القدس هي صمام الأمن ومفتاح الأمن في الشرق الأوسط، لنعلم علم اليقين من بعدها أن السنوات الجميلة كانت في العصور العثمانية لا في عصور الاحتلال الغربي، ففي تلكم الأيام تآخى المسلم مع المسيحي مع اليهودي في ربوع الشرق الأوسط الواسع، لكن عندما جاء الاحتلال الغربي رأينا كيف مزق العباد والبلاد ليسرق ثرواتها ويهدرها كما يريد وكأنها حق له.
بعد أن علم العالم حقيقة بحور النفط التي تتربع عليها بلاد الشرق الأوسط ومنذ أيام اللمبي قرؤوا على اقتصادها وسياستها وثقافتها السلام، ففي حين الذي استقبل فيه بيازيد الثاني اليهود المهاجرين من البرتغال وإسبانيا في القرن الخامس عشر، ما زال لاجئوا هذه الأيام ينتظرون الموافقة على دخولهم إلى أوروبا، وفي مفارقة أخرى نرى أن كل الحلول السياسية والاقتصادية التي جاء بها الغرب باتت اليوم مشاكل مستعصية على الحل وتجلب في نفس الوقت الدمار والخراب ليحل مكان السلام.
أما إن تكلمنا عن الحل لعودة السلام كما كان في ذلك الزمن الجميل، فإنه يكون بإعادة البناء من القاعدة إلى السقف وليس العكس، فلا يمكن أن يصلح حال أمة يحكم أقليتها أغلبيتها، كما ولا يصلح حال العالم من غير شرق أوسط مشرق ينير دربه، فالشرق الأوسط كان وما زال السكر والملح الذي يعطي الطعم لمعنى الحياة في هذا العالم.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مواضيع أخرى للكاتب
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس