نهاد علي أوزجان – صحيفة ملييت - ترجمة وتحرير ترك برس
تحتل عمليات داعش الإرهابية بشكل أكبر مركز الصدارة يومًا بعد يوم. ومن الواضح أنها نفذت من خلال استراتيجية معدة جيدًا ولها هدف محدد. وفي هذا الإطار تتألف استراتيجية داعش التركية من أربع مراحل.
في المرحلة الأولى، تأثرت بالبعد الجغرافي وضعف مرحلة تأسيسها. ولهذا السبب فضلت التزام الصمت واعتبارها ملفًا ثانويًا. كما أعطت أولويتها إلى تعزيز قوتها وتصفية التنظيمات المنافسة. ولم تزعج تركيا كثيرًا لأسباب تتعلق بفتح حدودها للاجئين والمقاتلين الأجانب والتسهيلات اللوجستية.
ولكن مع توسع عمليات داعش العسكرية، واستيلائها على بعض المناطق، واحتجاز العاملين بالقنصلية التركية في الموصل كرهائن بدأ التغير سريعاً في استراتيجية "الصمت" هذه. كما أضافت محاربة حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب الكردي بعدًا جديدًا للتطورات. حيث جعلوا البلد مجالًا "لعمليات" من خلال نقل محاربة المواطنين الأتراك الذين شغلوا حيزًا لدى المجموعتين إلى الأراضي التركية. وتظهر هذه الصورة حدوث انتقال إلى المرحلة الثانية. وخاصة بعد الدعم العسكري الذي قدمته الولايات المتحدة الأمريكية إلى حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب الكردي في كوباني. وفي البدء دخل الطرفان في صدام على نطاق ضيق في المدن والقرى. ولكن بعد أحداث 6-8 من تشرين الأول/ أكتوبر، نمت الصدامات مع الاعتداء على اجتماع حزب الشعوب الديمقراطي في ديار بكر، والعمليات الانتحارية في سوروج ومحطة أنقرة.
ومما لا شك فيه أن كلا الدولتين قد جعلا الأراضي التركية ميدان "حرب" لفئات خارجية. وفي الوقت الذي كانت فيه داعش "تعاقب" حزب العمال الكرستاني الذي تعده "ملحدًا وماركسيًا" أملت في اكتساب التعاطف والأتباع من خلال الاستفادة من ناحية مجابهة الحزب.
ويعد الهجوم الانتحاري الذي استهدف قافلة للسياح الألمان في سلطان أحمد بتاريخ 12 كانون الثاني/ يناير 2016 بمثابة الإشارة الأولى التي أدت إلى مرحلة جديدة وتغير الاستراتيجية والوعي الموجه تجاه تركيا. وبذلك شرعت داعش في تحويل الأراضي التركية إلى إحدى جبهات "حرب دينية/ ايدولوجية". ومع توسع نطاق عملياتها باختيار أهداف ضعيفة بدأت في توجيه رسائل جديدة إلى المتعاطفين في تركيا والعالم على اعتبار أنها "تعاقب الكفار". وهكذا كان الاعتداء الذي حصل يوم السبت الماضي في شارع الاستقلال استمرارًا لذلك. ومن خلال التطورات الحاصلة والتجارب يمكن القول إن داعش ستتجه إلى أهداف جديدة في المرحلة الرابعة. ولن تستهدف الأجانب وحزب العمال الكردستاني فحسب بل الحكومة والدولة أيضًا. وسوف تحاول تحريك خطوط الصدع المذهبية والدينية والايدولوجية للمجتمع. والهدف هو خلق حالة من الفوضى حتى تكون داعش بمثابة المخلص.
وفي هذا الإطار تجتمع كل من داعش وحزب العمال الكردستاني على قاعدة واحدة. وما نقصده هنا هو استخدام كلا المنظمتين أساليب إرهابية متشابهة كالتفجير الانتحاري، ولكن لتحقيق أهداف ايدولوجية وسياسية مختلفة. ولكن هذه العلاقات "التكافلية" تؤثر على مستقبلنا جميعًا. كما تهدف إلى إيجاد دولة كردية من فوضى حزب العمال الكردستاني، بالإضافة إلى دولة إسلامية من داعش. ولكن للأسف يدفع الأبرياء ثمن من يرغبون "بالتخليص" من هؤلاء.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس