بولنت إرانداتش – صحيفة تقويم - ترجمة وتحرير ترك برس
جرى أول أمس في مجلس الأمن القومي استعراض لتحليلات جيوسياسية حددت (عقلية الدولة التركية) على مدى السنوات القادمة، ومحددت لنماذج جيواستراتيجية أيضًا. وأشار البيان الصادر في نهاية الاجتماع إلى النقاط التالية:
1- إن التصرفات التي تقوم بها الكيانات غير المشروعة والإرهابية في سوريا من طرف واحد، ليس لها أي شرعية (وبخاصة حزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي).
2- تنفيذ مقترح تركيا لإنشاء منطقة حظر جوي ومنطقة آمنة خالية من الإرهاب (سيحمي خط إعزاز).
3- اتخاذ التدابير العملية المتعلقة بإنقاذ الموصل من داعش (أي تكامل كردي-تركي).
4- أوضاع التركمان (نماذج جديدة في خرائط سورية وعراقية جديدة).
5- ضمان الاستقرار في ليبيا واليمن والعلاقات مع شمال افريقيا (استراتيجية عثمانية). ومن هنا ينبغي تقييم إنشاء قواعد تركية في جيبوتي والصومال، وإقامة خطط استراتيجية مشتركة مع تونس وليبيا في الإطار نفسه. ومن المعروف أن التوازنات في السياسة العالمية تتشكل سوية مع الاستراتيجيات الجيوسياسية. ووراء هذه الاستراتيجية قادة يوجهون مجرى التاريخ. ووفقاً لمشروع "رقعة الشطرنج الكبرى" الذي نفذه هنري كيسنجر وزبغنيو بريجنسكي مهندسا الجيوسياسة الأمريكية العميقة، فقد أثر في مصير العالم والتطورات التي يشهدها القوقاز، والشرق الأوسط، وشمال افريقيا بهدف استمرار وحماية موقع القوة الكبير الذي نالته الولايات المتحدة الأمريكية وتوطد بشكل أكبر بعد الحرب الباردة. وقد أثار انتباههم بشكل خاص متابعة اللاعبين الجيواستراتيجيين في أوراسيا، كالصين وروسيا وإيران الذين سيشكلون شراكة تنال مكانها هنا، والعناصر المهمة المحورية كالمملكة السعودية وأذربيجان وأوكرنيا وتركيا من ناحية أخرى. كما أن النقاشات المتعلقة بنظريات كيسنجر وبريجنسكي؛ تلقي بظلالها على النزاعات الجارية اليوم في سوريا والعراق. وبناءاً على ذلك دعونا نرى كيف سيؤثر تقديم الدعم الروسي المفتوح إلى حكومة الأسد على السياسات الأمريكية على المدى المتوسط؟
يوضح أرغون ديلر رئيس تحرير صحيفتنا العزيز بتاريخ 9 من آذار/ مارس 2016 هذا الموضوع من خلال تحليل معمق أكثر: "ذهب هنري كيسنجر ذو 92 عامًا إلى موسكو واجتمع مع بوتين... أي أن كيسنجر الاسم الأول في الدولة العميقة لدى الولايات المتحدة الأمريكية ذهب إلى بوتين بينما كان الأخير يمطر بالمال والسلاح. واجتمعا على الطاولة. واتفقا هناك مجددًا!.. حيث أدرك كيسنجر أن العالم من المستحيل أن يكون قطباً واحداً. كما كان بوتين مدركاً لذلك أيضًا. وبذلك أصبحت الدولة الأمريكية العميقة رابحة مع بوتين، وأوروبا هي الخاسرة".
إذن هل باستطاعة كل من روسيا وأمريكا، في الفترة القادمة، إقامة سلطات في أفريقيا والشرق الأوسط، تعارض الصين وأوروبا، في حال لم يقفوا إلى جانب تركيا الجديدة؟ يعتبر هذا السؤال الأهم في السنوات القادمة. وفي حال لم يخلق موضوعنا الجيواسترتيجي مع الزمن ومن مكان لآخر مشاكل دورية بين القوى العالمية من ناحية النفط والغاز والمضائق والقنوات والأحواض المائية والأراضي الزراعية، فإنه يفسح المجال لفقدان أمريكا وأوروبا وروسيا الذين يسعون للسيطرة على منطقتنا، العمل من دون تركيا على المدى الطويل. وأيضاً في حال تمت متابعة سياسات الجناح الأمريكي بشكل مختلف اليوم، وإشارة المحافظون مثل أبراموفيتر- إيدلمان إلى مواضيع إشكالية، فإن الحقائق تظهر أنه لن يكون باستطاعة أمريكا الإشراف بمشاريعها تحاصر الصين وأوروبا، على أوراسيا من دون تركيا.
وإزاء حقيقة جيوسياسية كهذه، كيف سيكون مستقبل الموصل؟
فيما يتعلق بالتكامل الكردي التركي قبل 100 عام، لا يبدو أن أوروبا وانكلترا، التي لم تمنحه مهما كان الثمن أي قوة مثل النفط، تمتلك الحظ نفسه اليوم. وبالنسبة إلى موضوع "إنقاذ الموصل من داعش" الذي ورد في بيان اجتماع مجلس الأمن القومي فإنه يقيم تقسيم سايكس بيكو لمنطقتنا ضمن الإطار نفسه. ولذلك ينبغي عدم استبعاد فكرة إقامة منطقة تبادل حر بين سوريا ولبنان والأردن والعراق (تكامل كردي- تركي) من اهتمامات البناء التركي.
الخاتمة: وكما يبدو، يجري القضاء على المؤامرات الموجهة ضد أردوغان رئيس جمهوريتنا واحدة تلو الأخرى. بالإضافة إلى عدم قدرتهم على تقييد تركيا الجديدة، وإيقاف توجه أنقرة المحلي والقومي إلى قلب المنطقة، من خلال محركي العرائس والدمى. إذن من أين حصلت تركيا الجديدة على هذه القوة؟
إحداها، من خلال سلطة مستقرة حافظ عليها شعب عزيز، ووحدة وتضامن وطني. والثانية، بسبب منطقتنا الموجودة في "وسط" أوراسيا قلب العالم.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس