لويس إمبار- لوموند - ترجمة وتحرير ترك برس
تفاجأت إيران، التي تدخل معركة الموصل بصفتها قائدا للميليشيات الشيعية، بإعلان تركيا لمشاركتها في هذه المعركة بصفتها حامية للسنة في العراق. ومع اختلاف الدول المحاصرة للموصل تبقى إيران قوة خفية ومؤثرة تقاتل من خلف الستار، إذ تعتبر من أقوى الجيوش الأجنبية المتواجدة على الأراضي العراقية، والراعي الأول للكتائب الشيعية، التي تقاتل تنظيم الدولة.
وفي رد على التدخل التركي في الموصل، أكد وزير الشؤون الخارجية في البرلمان الإيراني أن "تركيا تريد بهذا التدخل أن تؤكد بأن الموصل كانت تاريخيا تابعة لها، لذلك قامت بتركيز قواتها على أبواب الموصل من دون مشاورات مسبقة مع الحكومة العراقية، وهذا يُعدّ تعدٍ صارخ على الحقوق الدولية للعراق، ومن شأنه أن يعمق هذا التدخل أزمة عدم الاستقرار في المنطقة كلها".
وفي اليوم نفسه، وصف الرئيس الإيراني حسن روحاني وجود كتيبة تابعة لجيش البر التركي في مدينة بعشيقة العراقية بأنه "خطير جدا" خاصة عندما رفضت تركيا أن ترضخ لمطالب الحكومة العراقية بالانسحاب. مع العلم أن تركيا كانت قد قامت منذ شهرين بتدريب كتيبة تابعة للبشمركة وأخرى تابعة للكتائب المسلحة السنية في محافظة نينوى شمال العراق.
وفي يوم الاثنين المنصرم أعلنت أنقرة المدافعة عن السنة، قتلها لـ17 عشر بنيران مدفعيتها الثقيلة وقذائف الهاون قبل أسبوع من بداية الهجوم على الموصل.
هذا التدخل التركي أثار غضب قادة الميليشيات الشيعية العراقية الممولة من إيران، التي لم يقف دورها عند تمويل هذه الميليشيات فحسب بل وصل إلى بعث خبراء عسكريين إيرانيين لمساعدة الحكومة العراقية على تجهيز خطة عسكرية تفضي إلى توحيد جهود الميليشيات الشيعية مع الشرطة الفيدرالية العراقية لتحرير الموصل.
وستتركز الشرطة الفيدرالية في الجبهة الجنوبية للموصل في حين أن الميليشيات الشيعية ستقوم بعمل استثنائي يتمثل في انقسامها إلى كتيبتين: الأولى ستتركز في الخط الثاني للجبهة الجنوبية للموصل تحديدا في بلدة الحويجة أما الثانية فستقوم بالتموقع في بلدة "تل عفر" الواقعة في الشمال الغربي للموصل، مع العلم أن هاتين البلدتين تُعدّان أحد أهم معاقل تنظيم الدولة.
تعد بلدة الحويجة، والبالغ عدد سكانها 150 ألف مواطنا، منذ بداية الهجوم، أحد أهم مراكز الدفاع الخلفي لتنظيم الدولة منذ سنتين. أما بلدة تل عفر فهي من أكبر ممولي التنظيم الإرهابي بالمقاتلين الأشداء.
خلال سنة 2014، شهدت بلدة تل عفر هروب ساكنيها من الشيعة إثر اقتحامها من قبل تنظيم الدولة. وقد أكد أحد الدبلوماسيين الغربيين أنه "خلال تحرير الموصل سيشهد العالم هروبا لساكني الحويجة من الميليشيات الشيعية، التي لن تقدم لهم الحماسة. مع العلم أن هذه الميليشيات الشيعية قد استهزأت في وقت سابق من سنة الحويجة وعدّتهم أحد أذرع تنظيم الدولة".
من جهة أخرى، فقد اتُهمت سابقا الميليشيات الشيعية بارتكاب انتهاكات ضد نازحين من السنة خلال شهر يونيو/ حزيران الماضي إثر اقتحام مدينة الفلوجة الواقعة في الإقليم الغربي لمحافظة الأنبار. وقد زادت هذه الواقعة من استياء سنة الموصل قبيل المعركة، وطالبوا الحكومة بتنقية الجيش العراقي من الحشد الشعبي الشيعي.
هذا المطلب رد عليه بوروجندي وزير الشؤون الخارجية الإيراني قائلا "هذا مطلب حكيم لأن غالبية السكان هم من السنة، لذلك يجب الحرص على ألا يزداد التوتر بين الطائفتين وألا يُغذى الصراع الطائفي الذي يهدد وحدة الشعب العراقي". لكن على الرغم من المخاوف السنية والانتهاكات التي قام بها الحشد الشعبي بحقهم سابقا إلا أن الحكومة لا تستبعد فرضية استدعاء هذا الحشد كتعزيز خلال معركة الموصل.
كذلك فإن الرئيس العراقي حيدر العبادي يطمح بعد نهاية المعركة إلى ضمان سيادة مطلقة للدولة العراقية على مدينة الموصل ويطمح كذلك إلى تقديم ضمانات ذات مصداقية للسنة من أجل عدم التحاقهم بالجهاديين وإعادة دولة الخلافة على أنقاض تنظيم الدولة. في المقابل يدعم العبادي تصريحات قادة الميليشيات الشيعية الرافضة لفكرة أن تقدم تركيا نفسها حامية للسنة في العراق، لكنه لا يرفض فكرة رؤية الشيعة والأتراك مع بعضهم جنبا إلى جنب في معركة الموصل.
لكن رأي العبادي يتضارب مع رأي نوري المالكي الذي يرفض رفضا قاطعا فكرة وجود جنود أتراك فوق الأراضي العراقية، في حين أنه لا ينكر دفاعه الشرس عن الميليشيات الشيعية وكذلك موالاته لطهران.
حيث يرى المالكي أن الحرب في صف واحد مع تركيا قد يتسبب في تفريق الكتائب الشيعية. ولم يكن المالكي المعارض الوحيد لأفكار العبادي بل هناك عدد من المراقبين لم يخفوا تخوفهم من سياسة العبادي في إدارة المعارك ضد تنظيم الدولة على رأسهم وزير الشؤون الخارجية الإيراني الذي صرح قائلا" مرة أخرى يقود العبادي المعركة ضد تنظيم الدولة، أنا لا أشك في إمكانية هروبه بسهولة من ساحة المعركة".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مواضيع أخرى للكاتب
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس