ترك برس
قال "أرشد هورموزلو"، كبير مستشاري الرئيس التركي السابق "عبد الله غُل"، إن اتهام كل الشعب التركي بأنه يمارس الكذب أكثر مما يمارس الصدق، أو أن القمع مستمر في تركيا من دون وازع من ضمير أو خلفية أخلاقية، "هو إجحاف لا يليق بمثقف ولا بإنسان بسيط، ومن الواضح أن هناك فرقاً هائلاً بين النقد والتجريح".
وفي مقال له بجريدة "الحياة"، أشار هورموزلو إلى أن أحد الكتاب ذكر بعد الحادث الإرهابي المؤسف الذي أودى بحياة السفير الروسي في أنقرة أن المراقبين لاحظوا أن غالبية الرأي العام التركي ارتاحت لاغتيال السفير، "هكذا وبكل بساطة وضع المذكور نفسه في موقع القاضي الذي حكم بأن كل الأتراك ارتاحوا لعملية إجرامية خبيثة استهدفت كل متطلبات التعامل الأخلاقي وكل الاتفاقات الدولية الخاصة بحماية الدبلوماسيين.
في حين أن الجميع أجمعوا على إدانة هذا العمل المشين الذي لا يتوافق مع مبادئنا، ولم يقتصر الموضوع على مواطني ومسؤولي هذا البلد، بل دانت تقريباً جميع الدول والمنظمات الفكرية هذا العمل الإجرامي".
وأشار هورموزلو إلى بيان وزارة الخارجية السعودية التي دانت واستنكرت هذا العمل الذي يتنافى مع القوانين الدولية ومبادئ حماية الدبلوماسيين والمبادئ والأخلاق الإنسانية، وبيان مشترك لوزارتي الداخلية والعدل والحريات المغربيتين يشير إلى أن الإشادة بالأفعال الإرهابية تعد جريمة يعاقب عليها القانون.
وأضاف: "أذكر أنني كنت في محاضرة في مدينة حلب الجريحة قبل أن تبدأ فيها عمليات الاقتتال والقمع، سألني أحد الحاضرين عن اتفاقية التجارة الحرة بين تركيا وسورية حينما كانت تقوم بينهما علاقات مميزة. قال لي أن الاقتصاد التركي قوي جداً وأن الصناعات التركية متطورة إلى حد أننا نخشى على الحرفيين الذين لا يملكون مقومات الصناعة وأن الصناعات الصغيرة الموجودة حالياً ستندثر.
قلت في معرض جوابي أن الصناعيين الأتراك شعروا بالتوجس نفسه عندما وقعت تركيا اتفاقية الإعفاء الجمركي بينها وبين الاتحاد الأوروبي خشية على الصناعة في تركيا وخوفاً من اكتساح الصناعات الأوروبية للسوق التركي.
ولكن ذلك كان إجراء حكيماً، حيث اضطرت الصناعة التركية إلى مجاراة مثيلتها الأوروبية كي تستطيع الحفاظ على عنصر المنافسة. ويعود تطور الصناعة التركية في العقدين الأخيرين إلى ذلك وهذا ما سيفيد الصناعة السورية أيضاً إذا سايرت هذا المفهوم".
وتابع هورموزلو: "ذكرت ذلك لأن هناك من اتّهم الأتراك بالسطو على المصانع السورية وتفكيكها ونقلها إلى تركيا بعد بدء الأحداث في سورية، ولكم أن ترجعوا إلى الكثير من هذه الكتابات، من دون أن يفكر أحد أن تركيا لم تكن في حاجة إلى هذه الورش وهي تنافس الأوروبيين حالياً بحيث أن جهازاً واحداً من بين خمسة من الأجهزة المنزلية في أوروبا هي من صنع تركي وأن الصناعات الدفاعية التركية تصدر حالياً إلى أقطار عديدة.
ويذكر الكثيرون الاتهامات الموجهة إلى تركيا بأنها تساند تنظيم "داعش" إلى درجة أنه جرى اتهامها بالمتاجرة مع هذا التنظيم لنقل النفط السوري إلى تركيا والمساعدة في تسهيل مرور المقاتلين الأجانب للقتال إلى جانب هذا التنظيم المتطرف، بعد ذلك نشرت الإحصاءات حول قوائم الذين أعادتهم تركيا إلى الدول الأوروبية التي أقلعوا من مطاراتها لهذه الغاية".
أما في موضوع الاستيلاء على النفط السوري والذي لم يقتصر الاتهام فيه على روسيا الاتحادية أثناء الأزمة التي حدثت معها، بل عمدت الولايات المتحدة أيضاً إلى تكرار الاتهام نفسه، فقد طلبت الحكومة التركية من "حليفتها" الأمريكية تفسيراً لذلك، فكان أن أرسلت وزارة الخارجية الأميركية ملفاً للصور الملتقطة فضائياً لما أشير إلى أنه مستودع لخزن النفط المذكور في الأراضي التركية.
وبعد تحقيق مشترك اتضح أن الموقع ما هو إلا موقع لتهيئة الأسفلت عائد لبلدية محافظة كيليس في جنوب تركيا. اعتذرت وزارة الخارجية الأميركية عن هذا الخطأ "غير المقصود" ولكن تركيا لم تكتفِ بذلك، بل طلبت توضيحاً من مصدر الخبر.
وأخيراً وجهت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أي) خطاباً إلى وزارة الخارجية التركية تعتذر فيه عن ذلك بصورة رسمية. ويا ليت الذين سارعوا إلى ترديد هذه الأقاويل ينحون المنحى نفسه.
ومضى يقول: "بقي أن أقول إنني كنت أتمنى أن تعتذر الولايات المتحدة عن أخطاء أكبر اقترفتها في هذه المنطقة وكانت ستجنب أهلها الكثير من الأهوال لو أنها فعلت ذلك".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!